تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المعجم في فقه لغة القرآن و سرّ بلاغته - المجلد ۱    المؤلف: قسم القرآن بمجمع البحوث الاسلامیة    الجزء: ۱    الصفحة: ۲۹۱   

حقّ المؤمنین مدحا، و مرّة واحدة نفیا مؤبّدا (لَنْ نُؤْثِرَکَ) ذمّا للإیثار.
و لو أضفنا إلیه (یؤثر) بجعله من الإیثار فهو إثبات ذمّا، أی أنّهم ینسبون القرآن إلى السّحر على أنّه اختیر من بین أنواع السّحر تحقیرا له. و سیاق الآیة ذمّ لأولئک الکفّار المکذّبین؛ فالمعادلة العددیّة ثابتة فی (آثر) کما فی (أثر) و (آثار) حسبما تقدّم.
و الرّابع عشر- قال المفسّرون فی تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَکَ اللَّهُ عَلَیْنا یوسف: 91، أی فضّلک بالعلم و الجسم و القدرة و حسن الخلق و الخلق، و الإحسان و الملک و السّلطان و الحلم و الصّبر و الجمال و الکمال و الجاه و المال، و نحو ذلک. و لکن یخطر بالبال أنّ فیها معنى الغلبة و السّیطرة أیضا، أی قد آثرک و سلّطک اللّه علینا فارحمنا.
و الخامس عشر- فی قوله: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَیاةَ الدُّنْیا الأعلى: 16، لم یذکر فیه «على الآخرة»، و لکنّه معلوم من السّیاق. و لک أن تقول: لیس المراد إیثار الدّنیا على الآخرة، بل نفس اختیار الدّنیا و الاتّجاه إلیها، أی تختارون اللّذّات العاجلة، و ترضون بها و تطمئنّون إلیها، کما قال: إِنَّ الَّذِینَ لا یَرْجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالْحَیاةِ الدُّنْیا وَ اطْمَأَنُّوا بِها یونس: 7.
و السّادس عشر- و أمّا (أثارة) فهی اللّفظة الوحیدة فی القرآن من هذا الجذر فی سورة مکّیّة، و لها نظائر فی ألفاظ مکّیّة کثیرة نادرة، استعملت مرّة أو مرّتین:
ائْتُونِی بِکِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ کُنْتُمْ صادِقِینَ الأحقاف: 4
و تدلّ على أشیاء:
1- القلّة أو البقیّة الضّئیلة، مثلها مثل (أثرة) السّاکنة الثّاء، الدّالّة على المرّة الواحدة.
2- النّقل من القدیم إلى الجدید، أی من زمن قدیم إلى زمن لاحق، و هذا معلوم من سیاق الآیة الّتی تطالبهم بأن یقیموا الدّلیل على مدّعاهم من کتاب قبل القرآن- و هو دلیل نقلیّ إلهیّ- (أو أثارة من علم) وصل إلیهم من آبائهم و أجدادهم، أو من أمم أخرى ممّا وصل إلى أولئک بالتّجربة أو الرّوایة، أو التّفکیر العقلیّ، و هو دلیل بشریّ عقلیّ و نقلیّ.
3- و الأثارة على الرّغم من دلالتها على القناعة بالقلیل من الدّلیل تؤکّد أوّلا: على أنّه لا یقبل الدّعوى من غیر دلیل، و هو ما تحکم به العقول السّلیمة و المنطق الحکیم.
و ثانیا: على أنّ الدّلیل المقبول لا ینحصر فی الوحی و لا النّقل، بل یعمّ کلّما یسلّمه النّاس بفطرتهم و عقولهم، و یتداولونه فی حیاتهم، و یحتجّ به بعضهم على بعض.
4- أثر یترکه ذلک العلم- المأثور الضّئیل و الشّامل- أو ذلک الادّعاء فی تصوّر المشارکة فی خلق السّماوات و الأرض من قبل أصنامهم و أوثانهم، حسب الآیة السّابقة علیها.
5- شمول هذا الأثر للبعد المعنویّ، و ما سیؤثّر هذا الدّلیل- لو کان هناک دلیل- فی الاقتناع بألوهیّة الأصنام فی مشارکتها فی الخلق أوّلا، و فی استحقاق العبادة لها- و هی معنى الألوهیّة- ثانیا.
و أمّا البعد المادّیّ فی (أثارة) فهو کلّ ما نشأ عن عقیدة الشّرک من الاتّجاه المادّیّ، و إیثار الحیاة الدّنیا


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست