تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المعجم في فقه لغة القرآن و سرّ بلاغته - المجلد ۱    المؤلف: قسم القرآن بمجمع البحوث الاسلامیة    الجزء: ۱    الصفحة: ۷۵   

قرّر النّحاة- للتّعویض من الواو المحذوفة. و هو مثل قنّ بمعنى العبد، و أصله: قنی، فحذفت الیاء و عوّض عنه التّشدید. بید أنّ تشدید «باء» الأبّ لهذه المادّة هو أصیل و لیس ببدیل. و قال ابن درید: و أمّا الأب: الوالد، فناقص و لیس من هذا.
الاستعمال القرآنیّ‏
و فیه بحوث:
1- ورد هذا اللّفظ مرّة واحدة فی القرآن. و هذا ممّا یبعث على التّساؤل عن فحوى ورود بعض الألفاظ مرّة أو مرّتین فی القرآن.
و أغلب الظّنّ أنّ مثل هذه الألفاظ لم تکن شائعة الاستعمال فی کلام العرب، و ما کانوا یستعملونها إلّا فی حالات نادرة عند اقتضاء الضّرورة؛ فمثلا نرى أنّ جلّ سیاق الآیات الّتی تقدّمت هذا اللّفظ تنتهی ألفاظها بحرفی «با» على النّحو التّالی: أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا* ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا* فَأَنْبَتْنا فِیها حَبًّا* وَ عِنَباً وَ قَضْباً* وَ زَیْتُوناً وَ نَخْلًا* وَ حَدائِقَ غُلْباً* وَ فاکِهَةً وَ أَبًّا عبس: 25- 31، فاستعمل لفظ «الأبّ» هنا رعایة لرویّ الآیات، و عند ما انتفت هذه الضّرورة فیما یشابهها من الآیات جاءت على نمط آخر.
2- و احتمل النّوبختیّ فی تفسیر له بالفارسیّة أنّ (و أبّا) تقرأ (و أبا) أی کلمة واحدة من مادّة «و أب» بمعنى الضّخم و الواسع. و استدلّ بأنّ فاکِهَةً وَ أَبًّا على نسق وَ حَدائِقَ غُلْباً مرکّب من موصوف و صفة، کما أنّ الآیة وَ عِنَباً وَ قَضْباً على نسق وَ زَیْتُوناً وَ نَخْلًا مرکّب من معطوف و معطوف علیه. و هذا الاحتمال بعید؛ لأنّ أحدا من القراّء لم یقرأ بهذه القراءة، و القراءات توقیفیّة لا مجال للاجتهاد فیها. کما أنّه لا یتّفق و سیاق ما بعده لَکُمْ وَ لِأَنْعامِکُمْ الّذی یعنی أنّ ما ذکر من النّعم هی للإنسان و الأنعام، و هو نظیر قوله: أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَ مَرْعاها* وَ الْجِبالَ أَرْساها* مَتاعاً لَکُمْ وَ لِأَنْعامِکُمْ النّازعات: 31- 33، و قوله:
فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْکُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَ أَنْفُسُهُمْ السّجدة: 27.
3- و ما ذکر یدعم ما قیل: إنّ «الأبّ» هو المرعى دون الفاکهة الیابسة و نحوها، ممّا یکون غذاء للإنسان فقط.
4- و لعلّ قائلا یقول: إنّ قوله تعالى فی صدر الآیات: فَلْیَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى‏ طَعامِهِ عبس: 24، یقتضی کون جمیع ما ذکر غذاء للإنسان. فیقال له: إنّ الجمع بین ما ذکر فی صدر الآیات و ذیلها یفید أنّ بعضه طعام للإنسان بصورة مباشرة، و بعضه الآخر قوت للأنعام الّتی هی الأخرى طعام الإنسان بصورة مباشرة أیضا.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست