تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التقیة فی الاسلام    المؤلف: عبدالله نظام    الجزء: ۱    الصفحة: ٤   

الحق, وأسفر به الصبح, فینکفئ التساؤل هائماً فی صدر صاحبه, لعلّ الذی سمعه کان مواربةً فی الکلام, وتلطّفاً مصطنعاً فی البیان, یُخفی خلفه أمراً یخشى صاحبه من إظهاره, فتفرغ بذلک الکلمات من مضمونها, والمواقف من رونق صحّتها, ویغدو الإخلاص متَّهماً, فتغلق أبواب التفکیر, وتحشرج الکلمات, ویتیه الحوار بدل أن یولّد بوصلة هدایة تُعین على رسم الطریق إلى وحدة هذه الأمة, التی طالما مزّقتها النزاعات, واستقوى أبناؤها على بعضهم بالتُّهم والشائعات فی حربٍ إعلامیة ضروس لم تبقِ ولم تذر, حتى ضاعت صورة الحقّ, وقطّعت أشرعته, فالکلمة متَّهمة, والموقف مصطنع, والمُحاوِر حیران فی متاهةٍ لا یدری کیف یخرج منها, حتى عزف عن الحوار المحاورون, وانطوى العلماء على کلماتٍ موروثة کانت فی معظمها جزءاً من تراث غاضب من ظروف حیاة أهله, أو ممالأً فیه إیثاراً لدنیا زائلة, أو خوفاً من بطشة نازلة.
إنّ النّعت بالتقیّة کیفما اتّفق یُنشئ داخل الأمة جداراً فاصلاً بین أبنائها, یحوّل باستحکامه کلّ حوار إلى ما یُشبه حوار الطرشان, ویعطّل التوافق على أیّة قضیّة باعتبار أنّ طرفاً قد ذهب إلى ما ذهب إلیه تقیّةً, وینتهی الأمر إلى عدم الوثوق بما یقول, وعلى هذا فلن یحمل کلامه على محمل الجدّ ولو نطق بالشهادتین, وإذا صارت الحالة هکذا فلا المحسن ینجو بإحسانه, ولا المسیء یمکنه الاعتذار عن إساءته
والغریب أنّ جمیع المسلمین قائلون بجوازها أو مفتون بحسبها, سواء الذین یصرّحون بجوازها, أو الذین یهاجمونها, یکفی لبیان ذلک الرجوع إلى الأدلّة القرآنیّة, والأحادیث النبویّة, وإلى فتاوى فقهاء جمیع المذاهب الإسلامیّة فیما یتعلّق بباب الإکراه ومسائل الفِتَن, کما سیتضح من البحث الفقهی المتعلق




«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست