تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التقیة فی الاسلام    المؤلف: عبدالله نظام    الجزء: ۱    الصفحة: ٤٤۱   

آثار العمل بالتقیّة



تمهید


ظهر من بحث الأسباب الموضوعیّة للتقیّة, أن تلک الأسباب قد امتدّت ردحاً طویلاً من الزمن تماهى مع تاریخ الأمة الإسلامیّة وَوَسَمَهُ بنحوٍ شبه دائم بتقیید الحریات, وبالظلم والاضطهاد الذی مارسه الحکّام بحق الفئات المعارضة لهم, وقد لبّسوا فیه صراعهم مع خصومهم لبوس الدین, فلجأ المضطَهَدون إلى التقیّة؛ لحاجتهم إلى التخفّی عن أعین الظالمین, فصارت التقیّة منهجاً فی حیاة الفئات المخالفة لحکومات الأمویین والعباسیین ومن جاء بعدهم, وإن نظرةً یلقیها الباحث على کتب التاریخ کالطبری, وابن الأثیر, وخطط المقریزی وابن العودی, وغیرها, تثبت له أن تاریخ أمّتنا ملیء بالدمّ والعراک على السلطة, بعیداً عن القیم الدینیة, فقد کان صراع قوى عسکریة وعرقیة وقبلیّة, یُقبل الدهر فیه حیناً على أحدهم فیمارس سلطانه ویقوم بدوره فی قیادة الصراع, ثم یشیح بوجهه عنه لیدور دولاب الصراع ویقلب الغالب إلى مغلوب, ثم یقبل على آخر وهکذا, فالدوام لله وحده, وما سواه لا یدوم.
إن أمتنا الإسلامیّة منذ أن انقلبت الخلافة فیها ملکاً عضوداً لم تلجأ مرة واحدة إلى الشورى الحقیقیة لیحکم الحکام الأمة برضاها وقناعتها, وإذا أخذ الحاکم البیعة من الأمة فإنما یأخذها بیعةً لولده وولیّ عهده, یقودها له أصحاب المصالح والنفاقیون ویُرغمون العامّة علیها, دون أن یکون لهم خیار آخر, فکان الحاکم على الدوام مجبراً على الوقوف فی وجه خصومه, ومضطراً للدفاع عن ملکٍ یرید فرضه على الناس.




«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست