تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ۱۱٣   

مهربا من سبع ضاری یفترسه لم یفرّق بین أن یرشده إلى المهرب مشهور أو خامل، و ضراوة سباع النّار بالجهّال باللّه عزّ و جلّ أشد من ضراوة کلّ سبع، فالحکمة ضالّة المؤمن یغتنمها حیث یظفر بها، و یتقلّد المنّة لمن ساقها إلیه کائنا من کان، و لذلک قیل:

العلم حرب للفتى المتعالی‌

 

کالسیل حرب للمکان العالی‌

 

فلا ینال العلم إلّا بالتواضع و إلقاء السمع، قال اللّه عزّ و جلّ: «إِنَّ فِی ذلِکَ لَذِکْرى‌ لِمَنْ کانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِیدٌ» [1] و معنى کونه ذا قلب أن یکون قابلا للعلم فهما، ثمّ لا یغنیه القدرة على الفهم حتّى یلقی السمع و هو شهید حاضر القلب یستقبل کلّ ما القی إلیه بحسن الإصغاء و الضراعة و الشکر و الفرح و قبول المنّة للَّه تعالى، فلیکن المتعلّم لمعلّمه کأرض دمثة نالت مطرا غزیرا[1]فشربت بجمیع أجزائها و أذعنت بالکلّیة لقبوله، و مهما أشار إلیه المعلّم بطریق فی التعلّم فلیقلّده و لیدع رأیه فإنّ خطأ مرشده أنفع له من صوابه فی نفسه، إذ التجربة تطلع على دقائق یستغرب سماعها مع أنّه یعظم نفعها، فکم من مریض محرور یعالجه الطبیب فی بعض أوقاته بالحرارة لیزید فی قوّته إلى حدّ یحتمل صدمة العلاج فیتعجّب منه من لا خبرة له، و قد نبّه اللّه عزّ و جلّ بقصّة الخضر و موسى صلوات اللّه علیهما حیث قال الخضر: «إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْراً. وَ کَیْفَ تَصْبِرُ عَلى‌ ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً» [2] ثمّ شرط علیه السکوت و التسلیم فقال: «فإن اتّبعتنی فلا تسألنی عن شی‌ء حتّى أحدث لک منه ذکرا» ثمّ لم یصبر و لم یزل فی مراودته إلى أن کان ذلک سبب فراق ما بینهما.

و بالجملة کلّ متعلّم استبقى لنفسه رأیا و اختیارا وراء اختیار المعلّم فاحکم علیه بالإخفاق و الخسران.

فإن قلت: فقد قال اللّه تعالى: «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» [3] فالسؤال مأمور به، فاعلم أنّه کذلک و لکن فیما یأذن المعلّم فی السؤال عنه فإنّ السؤال‌


[1] أرض دمثة اى سهلة لینة. و الغزیر: الکثیر.


[1] سورة (ق): 37.

[2] الکهف: 67 و 68.

[3] النحل: 43.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست