تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ٣۷   

لتعلّم علم الأحکام إلّا ما لا بدّ منه، و عالم بأمر اللّه غیر عالم باللّه فهو الّذی عرف الحلال و الحرام و دقائق الأحکام لکنّه لا یعرف أسرار جلال اللّه تعالى، و عالم باللّه و بأمر اللّه فهو جالس على الحدّ المشترک بین عالم المعقولات، و عالم المحسوسات، فهو تارة مع اللّه بالحبّ له، و تارة مع الخلق بالشفقة و الرحمة، فإذا رجع من ربّه إلى الخلق صار معهم کواحد منهم کأنّه لا یعرف اللّه تعالى، و إذا خلا بربّه مشتغلا بذکره و خدمته فکأنّه لا یعرف الخلق، فهذا سبیل المرسلین و الصدّیقین، و هو المراد بقوله صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «سائل العلماء، و خالط الحکماء، و جالس الکبراء».

فالمراد بقوله صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «سائل العلماء» العلماء بأمر اللّه غیر العالمین باللّه، فأمر بمساءلتهم عند الحاجة إلى الاستفتاء، و أمّا الحکماء فهم العالمون باللّه الّذین لا یعلمون أوامر اللّه فأمر بمخالطتهم، و أمّا الکبراء فهم العالمون بهما [1]، فأمر بمجالستهم لأنّ فی مجالستهم خیر الدنیا و الآخرة.

و لکلّ واحد من الثلاثة ثلاث علامات فللعالم بأمر اللّه الذّکر باللّسان دون القلب، و الخوف من الخلق دون الربّ، و الاستحیاء من الناس فی الظاهر، و لا یستحیی من اللّه تعالى فی السرّ، و العالم باللّه تعالى ذاکر خائف مستحی، أمّا الذکر فذکر القلب لا اللّسان، و الخوف خوف الرّجاء لا المعصیة، و الحیاء حیاء ما یخطر على القلب لاحیاء الظاهر، و العالم باللّه و بأمره له ستّة أشیاء الثلاثة المذکورة للعالم باللّه فقط مع ثلاثة أخرى:

کونه جالسا على الحدّ المشترک بین عالم الغیب و عالم الشهادة، و کونه معلّما للقسمین، و کونه بحیث یحتاج الفریقان الأوّلان إلیه و هو مستغن عنهما، فمثل العالم باللّه و بأمر اللّه تعالى کمثل الشمس لا تزید و لا تنقص، و مثل العالم باللّه تعالى فقط کمثل القمر یکمل تارة و ینقص أخرى، و مثل العالم بأمر اللّه کمثل السراج یحرق نفسه و یضی‌ء لغیره.

(فصل) [الشواهد العقلیة التی ذکرها أبو حامد فی فضل العلم‌]

قال أبو حامد- رحمه اللّه-: «و أمّا الشواهد العقلیّة: اعلم أنّ المقصود من هذا الباب معرفة فضیلة العلم و نفاسته و ما لم تفهم الفضیلة فی نفسها و لم یتحقّق المراد منها لم یمکن‌


[1] اى باللّه و بأحکامه.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست