تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ۸٤   

بالمناظرة مع الخصوم فی المسائل الفقهیّة و غیرها فیقال: هو العالم على الحقیقة، و هو الفحل فی العلم و من لا یمارس ذلک و لا یشتغل به یعدّ من جملة الضعفة و لا یعدّونه فی زمرة أهل العلم و هذا أیضا تصرّف بالتخصیص و لکن ما ورد من فضائل العلم و العلماء أکثره فی العلم باللّه عزّ و جلّ و بأحکامه و أفعاله و صفاته و قد صار الآن یطلق على من لا یحیط من علوم الشرع بشی‌ء سوى رسوم جدلیّة فی مسائل خلافیّة فیعدّ بذلک من فحول العلماء مع جهله بالتفسیر و الأخبار و علم المذهب و غیره و صار ذلک سببا مهلکا لخلق کثیر من طلبة العلم.

(فصل) اللّفظ الثالث التوحید

و قد جعل الآن عبارة عن صناعة الکلام و معرفة طریق المجادلة و الإحاطة بمناقضات الخصوم و القدرة على التشدّق فیها بتکثیر الأسولة و إثارة الشبهات و تألیف الإلزامات حتّى لقّب طوائف منهم أنفسهم بأهل العدل و التوحید و سمّی المتکلّمون العلماء بالتوحید مع أنّ جمیع ما هو خاصّة هذه الصناعة لم یکن یعرف شی‌ء منها فی العصر الأوّل بل کان یشتدّ النکیر منهم على من کان یفتح بابا من الجدل و المماراة، فأمّا ما یشتمل علیه القرآن من الأدلّة الظاهرة الّتی تسبق الأذهان إلى قبولها فی أوّل السماع فلقد کان ذلک معلوما للکلّ و کان العلم بالقرآن هو العلم کلّه، و کان التوحید عندهم عبارة عن أمر آخر لا یفهمه أکثر المتکلّمین و إن فهموه لم یتّصفوا به و هو أن یرى الأمور کلّها من اللّه عزّ و جلّ رؤیة تقطع التفاته عن الأسباب و الوسائط، و هذا مقام شریف إحدى ثمراته التوکّل کما سیأتی بیانه فی کتاب التوکّل، و من ثمراته ترک شکایة الخلق و ترک الغضب علیهم و الرضا و التسلیم بحکم اللّه، و کان إحدى ثمراته قول بعض الصحابة لمّا قیل له فی مرضه: أ نطلب لک طبیبا فقال: الطبیب أمرضنی[1]، و قول آخر لمّا مرض و قیل له: ما ذا قال لک الطبیب فی مرضک؟

فقال: قال: إنّی فعّال لما أرید، و سیأتی شواهده فی کتاب التوکّل إن شاء اللّه، و کان التوحید جوهر نفیس و له قشران أحدهما أبعد عن اللّبّ من الآخر، فخصّص الناس‌


[1] لو صح هذا لما بقی للاستشفاء و التداوی محل لأنه مخالف للتوحید و مقام الرضا.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست