تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ۹٠   

صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «إنّ من الشعر لحکمة» [1] و لو حوى المجلس الخواص الّذین وقع الاطّلاع على استغراق قلوبهم بحبّ اللّه تعالى و لم یکن معهم غیرهم فإنّ أولئک لا یضرّ معهم الشعر الّذی یشیر ظاهره إلى الخلق فإنّ المستمع ینزل کلّما یسمعه على ما یستولى على قلبه و لذلک کان الجنید یتکلّم على بضعة عشر رجلا فإن کثروا لم یتکلّم، و ما تمّ أهل مجلسه عشرین، و حضر جماعة باب دار ابن سالم فقیل له: تکلّم فقد حضر أصحابک فقال:

ما هؤلاء أصحابی إنّما هم أصحاب المجلس- أی أصحابی هم الخواصّ-.

(فصل) [الشّطح الذی أحدثه بعض الصوفیّة]

و أمّا الشّطح فنعنی به صنفین من الکلام أحدثه بعض الصوفیّة أحدهما الدّعاوی الطویلة العریضة فی العشق مع اللّه سبحانه و الوصال المغنی عن الأعمال الظاهرة حتّى ینتهی قوم إلى دعوى الاتّحاد و ارتفاع الحجاب و المشاهدة بالرؤیة و المشافهة بالخطاب فیقولون: قیل لنا کذا و قلنا کذا و یتشبّهون فیه بالحسین الحلّاج الّذی صلب لإطلاقه کلمات من هذا الجنس، و یستشهدون بقوله: أنا الحقّ، و بما یحکون عن أبی یزید البسطامیّ أنّه قال: سبحانی سبحانی. و هذا فنّ من الکلام عظم ضرره فی العوامّ حتّى ترک جماعة من أهل الفلاحة فلاحتهم و أظهروا مثل هذه الدعاوی، فإنّ هذا الکلام یستلذّه الطبع إذ فیه البطالة عن الأعمال مع تزکیة النفس بدرک المقامات و الأحوال فلا یعجز الأغبیاء عن دعوى ذلک لأنفسهم و لا عن تلقّف کلمات مخبطة مزخرفة و مهما أنکر ذلک علیهم لم یعجزوا أن یقولوا: هذا إنکار مصدره العلم و الجدل، و العلم حجاب و الجدل عمل النفس و هذا الحدیث لا یلوح إلّا من الباطن بمکاشفة نور الحقّ فهذا ممّا قد استطار فی بعض البلاد شرره و عظم ضرره و من نطق بشی‌ء منه فقتله أفضل فی دین اللّه سبحانه من إحیاء عشرة، و أمّا أبو یزید البسطامیّ فلا یصحّ عنه ما حکی عنه و إن سمع ذلک منه فلعلّه کان یحکیه عن اللّه عزّ و جلّ فی کلامه یردّده فی نفسه کما لو سمع و هو یقول:


[1] أخرجه الترمذی فی أبواب الادب باب ما جاء ان من الشعر لحکمة من سننه ج 10 ص 278.

المحجة البیضاء جلد1 91 (فصل) الشطح الذی أحدثه بعض الصوفیة ..... ص : 90

 


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست