تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ۹۵   

یحیون ما أماتوه من سنّتی» [1]. و فی خبر آخر «هم المتمسّکون بما أنتم علیه الیوم».

و فی حدیث آخر «الغرباء ناس قلیل صالحون بین ناس کثیر، من یبغضهم أکثر ممّن یحبّهم».

و قد صارت تلک العلوم غریبة بحیث یمقت ذاکرها و لذلک قیل: إذا رأیت العالم کثیر الأصدقاء فاعلم أنّه مخلّط لأنّه إن نطق بالحقّ أبغضوه[1].

(بیان القدر المحمود من العلوم المحمودة)

اعلم أنّ العلم بهذا الاعتبار ثلاثة أقسام، قسم هو مذموم قلیله و کثیره، و قسم هو محمود قلیله و کثیره، و کلّما کان أکثر کان أحسن و أفضل، و قسم یحمد منه مقدار الکفایة و لا یحمد الفاضل علیه و الاستقصاء فیه و هو مثل أحوال البدن فإنّ منه ما یحمد قلیله و کثیره کالصحّة و الجمال و منه ما یذمّ قلیله و کثیره کالقبح و سوء الخلق و منه ما یحمد الاقتصاد فیه کبذل المال فإنّ التبذیر لا یحمد فیه و هو بذل و کالشجاعة فإنّ التهوّر لا یحمد فیها و إن کان من جنس الشجاعة فکذلک العلم، فالقسم المذموم منه قلیله و کثیره هو ما لا فائدة فیه فی دین و لا دنیا إذ فیه ضرر یغلب نفعه کعلم السحر و الطلسمات و النجوم فبعضه لا فائدة فیه أصلا و صرف العمر الّذی هو أنفس ما یملکه الإنسان إلیه إضاعة و إضاعة النفائس مذمومة، و منه ما فیه ضرر یربى على ما یظنّ أنّه یحصل به من قضاء الوتر فی الدّنیا فإنّ ذلک لا یعتدّ به بالإضافة إلى الضرر الحاصل منه.

و أما القسم المحمود إلى أقصى غایات الاستقصاء فهو العلم باللّه سبحانه و بصفاته و أفعاله و سنّته فی خلقه و حکمته فی ترتیب الآخرة علی الدّنیا، فإنّ هذا علم مطلوب لذاته و للتوصّل به إلى سعادة الآخرة و بذل المقدور فیه إلى أقصى الجهد قصور عن حدّ الواجب، فإنّه البحر الّذی لا یدرک غوره و إنّما یحوم المتحوّمون على سواحله و أطرافه بقدر ما یسّر لهم و ما خاض أطرافه إلّا الأنبیاء علیهم السّلام و الأولیاء و الراسخون فی العلم على اختلاف درجاتهم بحسب اختلاف قوّتهم و تفاوت تقدیر اللّه عزّ و جلّ فی حقّهم و هذا


[1] من کلام سفیان الثوری کما فی الاحیاء.


[1] اخرج صدره ابن ماجه تحت رقم 3987. و ج 1 ص 90 بلفظ آخر و ابن عبد البر تمامه فی العلم کما فی المختصر ص 174 و الترمذی ج 10 ص 96.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست