تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ۹۷   

فإنّ القلب إذا فرغ من المذموم امتلأ بالمحمود و الأرض إذا نقیت من الحشیش ینبت فیها أصناف الزروع و الریاحین و إن لم تفرغ من ذلک فلا تشتغل بفروض الکفایات لا سیّما و فی الخلق من قد قام بها، فإنّ مهلک نفسه فی طلب صلاح غیره سفیه، فما أشدّ حماقة من دخلت الأفاعی و العقارب داخل ثیابه و همّت بقتله و هو یطلب مذبّة[1]یدفع بها الذّباب عن غیره ممّن لا یغنیه و لا ینجیه ممّا یلاقیه من تلک الحیّات و العقارب إذا هممن به، و إن تفرّغت من نفسک و تطهیرها و قدرت على ترک ظاهر الإثم و باطنه و صار ذلک دیدنا لک و عادة متیسّرة فیک و ما أبعد ذلک فاشتغل بفروض الکفایات و راع التدریج فیها فابتدئ بکتاب اللّه تعالى ثمّ بسنّة رسوله صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ثمّ بعلم التفسیر و سایر علوم القرآن من الناسخ و المنسوخ و المفصول و الموصول و المحکم و المتشابه و کذلک فی السنّة ثمّ اشتغل بالفروع و هو علم المذهب من علم الفقه دون الخلاف ثمّ بأصول الفقه و هکذا إلى بقیّة العلوم على ما یتّسع له العمر و یساعد فیه الوقت، و لا تستغرق عمرک فی فنّ واحد طالبا للاستقصاء فإنّ العلم کثیر و العمر قصیر، و هذه العلوم آلات و مقدّمات و لیست مطلوبة لعینها بل لغیرها، و کلّ ما یطلب لغیره فلا ینبغی أن ینسى فیه المطلوب و یستکثر منه فاقتصر من شایع علم اللّغة على ما یفهم به کلام العرب و ینطق به، و من غریبه على غریب القرآن و غریب الحدیث، و دع التعمّق فیه و اقتصر من النحو على ما یتعلّق بالکتاب و السنّة.

(1) أقول: أراد بعلم المذهب العلم بمذاهب أئمّتهم الضالّین المضلّین من الشافعی و أبی حنیفة و مالک و أحمد و غیرهم الّذین کانوا یفتون فی المسائل الدّینیّة بآرائهم و أ هوائهم، و أراد بعلم الخلاف علم وجوه اختلافاتهم، و توجیه آرائهم، و بأصول الفقه الأصول الّتی وضعوها لبناء الآراء علیها ثمّ اختلفوا فیها، و بالجملة لیس شی‌ء منها یصلح لأن یسمّى علما بل هی بدع و ضلالة و على قواعد الإمامیّة- رحمهم اللّه- یجب أخذ العلوم الدّینیّة کلّها عن أهل البیت علیهم السّلام إمّا بالمشافهة و النصّ عنهم أو بالاستنباط عن أخبارهم و آثارهم علیهم السّلام و استعمال الرویّة فیها مع القدرة على ذلک و تحصیل شرائطه المقرّرة


[1] المذبة- بالکسر-: ما یذب به الذباب.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست