تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ۹۹   

ثمّ ظهر بعد ذلک من الصدور من لم یستصوب الخوض فی الکلام و فتح باب المناظرة فیه لما تولّد من فتح بابه التبغّضات و الخصومات الناشئة من اللّداد، المفضیة إلى تخریب البلاد و مالت نفسه إلى المناظرة فی الفقه و بیان الأولى من مذاهب المجتهدین، فترک الناس الکلام و فنون العلم و أقبلوا على المسائل الخلافیّة و زعموا أنّ غرضهم استنباط دقائق الشرع و تقریر علل المذاهب و تمهید أصول الفتاوی و أکثروا فیها التصانیف و الاستنباطات، و رتّبوا فیها أنواع المجادلات و هم مستمرّون علیه إلى الآن و لیس یدرى ما الّذی قدّر اللّه فیما بعدنا من الأعصار، فهذا هو الباعث على الإکباب على المناظرة فی الخلافیّات، و لو مالت نفوس أرباب الدّنیا إلى علم آخر من العلوم لمالوا أیضا و لم یسکتوا عن التعلّل و الاعتذار بأنّ ما اشتغلوا به علم الدّین و أن لا مطلب لهم سوى التقرّب إلى ربّ العالمین.

(بیان شروط المناظرة و آدابها)

اعلم أنّ المناظرة فی أحکام الدّین من الدّین و لکن لها شروط و محلّ و وقت، فمن اشتغل بها على وجهها و قام بشروطها فقد قام بحدودها و اقتدى بالسلف فیها فإنّهم تناظروا و ما تناظروا إلّا للَّه و لطلب ما هو حقّ عند اللّه، و لمن یناظر للَّه و فی اللّه علامات بها یتبیّن الشروط و الآداب.

الأوّل أن یقصد بها إصابة الحقّ و طلب ظهوره کیف اتّفق، لا ظهور صوابه و غزارة علمه و صحّة نظره، فإنّ ذلک مراء منهیّ عنه بالنهی الأکید و من آیات هذا القصد ألاّ یوقعها إلّا مع رجاء التأثیر فأمّا إذا علم عدم قبول المناظر للحقّ و أنّه لا یرجع عن رأیه و إن تبیّن له خطاؤه فمناظرته غیر جائزة لترتّب الآفات الآتیة علیها و عدم حصول الغایة المطلوبة منها.

الثانی أن لا یکون ثمّة ما هو أهمّ من المناظرة فإنّ المناظرة إذا وقعت على وجهها الشرعیّ و کانت فی واجب فهی من فروض الکفایات، فإذا کان ثمّة واجب عینیّ أو کفائیّ هو أهمّ منه لم یکن الاشتغال بها سائغا، و من جملة الفروض الّتی لا قائم بها فی هذا الزمان الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و قد یکون المناظر فی مجلس مناظرته مصاحبا لعدّة مناکیر کما لا یخفى على من سبر الأحوال و الأفعال المفروضة و المحرّمة


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست