۲٠۲٤/٠۵/۲۵ ۱٦:٠۸:۵٠
عالم البرزخ (2)


عالم البرزخ (2)

بعد الكلام في القسم الأول من المقال عن مفهوم البرزخ والأدلة عليه، ننتقل إلى عرض أسباب عذاب القبر التي أشارت إليها الأدلة الشرعية، وكذلك الروايات التي تحثُّ على الاستعاذة من هذا العذاب.

•  الاستعاذةُ مِن عذابِ القبر
نصّتِ العديدُ منَ الرّواياتِ والأدعيةِ على الاستعاذةِ مِن عذابِ القبر، وهيَ دالّةٌ على وجودِ عذابٍ فيها، ولو لم يكُن عذابٌ في القبر، فلا معنى للاستعاذةِ مِنها.
1ـ روى الكُلينيّ بسندٍ مُعتبَرٍ عن أبي بصيرٍ ، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام) قالَ : كانَ أبي (عليهِ السلام) يقولُ إذا أصبحَ : بسمِ اللهِ وباللهِ وإلى اللهِ وفي سبيلِ الله وعلى ملّةِ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، اللهمَّ إليكَ أسلمتُ نفسي وإليكَ فوّضتُ أمري وعليكَ توكّلتُ يا ربَّ العالمين ، اللهمَّ احفظني بحفظِ الإيمانِ مِن بينِ يدي ومِن خلفي و عن يميني وعن شمالي ومِن فوقي ومِن تحتي ومِن قبلي ، لا إلهَ إلّا أنت ، لا حولَ ولا قوّةَ إلّا بالله ، نسألُكَ العفوَ والعافيةَ مِن كلِّ سوءٍ وشرٍّ في الدّنيا والآخرة ، اللهمَّ إنّي أعوذُ بكَ مِن عذابِ القبرِ ومِن ضغطةِ القبرِ ومِن ضيقِ القبرِ ... (الكافي للكُليني: 2 / 525).
2ـ وروى الكُلينيّ بسندٍ مُعتبَر عن سماعةَ ، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام) قالَ : إذا وضعتَ الميّتَ في القبرِ قُلت : اللهمَّ (هذا) عبدُك وابنُ عبدِك وابنُ أمتِك نزلَ بكَ وأنتَ خيرُ منزولٍ به " فإذا سللتَه مِن قبلِ الرّجلينِ ودلّيتَه قلتَ : " بسمِ الله وباللهِ وعلى ملّةِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله) ، اللهمَّ إلى رحمتِك لا إلى عذابِك ، اللهمَّ افسِح له في قبرِه ولقِّنه حُجّتَه وثبِّته بالقولِ الثابتِ وقِنا وإيّاهُ عذابَ القبر " و إذا سوّيتَ عليهِ الترابَ قُل : " اللهمَّ جافِ الأرضَ عن جنبيهِ وأصعِد روحَه إلى أرواحِ المؤمنينَ في علّيّينَ وألحِقهُ بالصّالحين. (الكافي للكُليني: 3 / 197).

•  أسبابُ عذابِ القبر:
هناكَ أسبابٌ عديدةٌ لعذابِ القبرِ نذكرُ بعضَ ما عثَرنا عليهِ في الرواياتِ، مِن قبيلِ بُغضِ أهلِ البيت (ع)، والصّلاةِ من دونِ وضوء، وعدمِ نُصرةِ الضّعفاءِ معَ القُدرة، والتهاونِ بالبولِ، والمشي بالنميمةِ، واليمينِ الفاجرة ، وأمّا الموتُ ليلةَ أو يومِ الجمعة فإنّه يرفعُ عذاب القبر.
1ـ روى البُرقي بسندٍ مُعتبَر عن صفوانَ الجمّال ، عن أبي عبدِ الله عليهِ السلام ، قالَ: أقعدَ رجلٌ منَ الأحبارِ في قبرِه ، فقيلَ له : إنّا جالدوكَ مائةَ جلدةٍ مِن عذابِ الله ، قالَ : لا أطيقُها ، فلَم يزالوا يقولونَ حتّى انتهى إلى واحدةٍ ، فقالوا : ليسَ مِنها بُدٌّ ، فقالَ : فبمَ تجلدوني ؟ قالوا نجلدُكَ لأنّكَ صلّيتَ صلاةً يوماً بغيرِ وضوء ، ومررتَ على ضعيفٍ فلم تنصُره ، فجُلدَ جلدةً مِن عذابِ اللهِ فامتلى قبرُه ناراً. (المحاسنُ للبُرقي: 1 / 78).
2ـ وروى البُرقي بسندِه عن أبي بصيرٍ ، عن أبي عبدِ الله عليهِ السلام ، قالَ : إنّ جلَّ عذابِ القبرِ في البول . (المحاسنُ للبُرقي: 1 / 78).
3ـ وروى الكُلينيّ بسندٍ صحيحٍ عن الحلبي ، عن أبي عبدِ الله ( عليهِ السلام ) قالَ : إذا صلّيتَ على عدوّ اللهِ فقُل : " اللهمَّ إنَّ فُلاناً لا نعلمُ مِنهُ إلّا أنّهُ عدوٌّ لكَ ولرسولِك ، اللهمَّ فاحشُ قبرَه ناراً واحشُ جوفَه ناراً وعجِّل بهِ إلى النارِ فإنّه كانَ يتولّى أعداءَك ويُعادي أولياءَك ويُبغضُ أهلَ بيتِ نبيّك ، اللهمَّ ضيِّق عليهِ قبرَه " فإذا رُفعَ فقُل : " اللهمَّ لا ترفَعه ولا تُزكِّه. (الكافي للكُليني: 3 / 189).
4ـ وروى الصّدوقُ بسندِه عن رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله): ومَن مشى في نميمةٍ بينَ اثنينِ سلّطَ اللهُ عليهِ في قبرِه ناراً تُحرِقُه إلى يومِ القيامةِ وإذا خرجَ مِن قبرِه سلّطَ اللهُ عليهِ ( شُجاعاً ) تنّيناً أسود ينهشُ لحمَه حتّى يدخلَ النار. (ثوابُ الأعمالِ للصّدوق، ص284).