۲٠۲٣/٠۲/٠٦ ۱٦:۲٤:۱٦
خطبة صلاة الجمعة 12رجب 1444هـ لحجة الإسلام والمسلمين سماحة الشيخ حميد صفار الهرندي


بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ حميد الصفار الهرندي (زيد عزه)، ممثل الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) في سورية، بتاريخ 12 رجب 1444ه. 

الخطبة الأولى

 في بحثنا في الخطبة الأولى عن نمط الحياة وفقاً للرؤية الإسلامية وصلنا إلى أحكام وآداب التعامل مع أموات المسلمين، وقلنا إن تكريم الميت ينبع من الرؤية الإسلامية للإنسان المؤمن وحرمته في حياته وبعد مماته، لذلك فإن لجنازته حرمة بما أنها جنازة مؤمن. 

ومما يجب القيام به هنا هو تكفين الميت، وهو من الواجبات على جميع المؤمنين، أن يقوموا بتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، وإذا قام بهذا الواجب من به الكفاية سقطَ عن الآخرين، وإذا لم يقم به أحد بقي الوجوب موجهاً إلى جميع المؤمنين حتى يقوم أحد منهم به، فحكم التكفين حكمُ بقية الأمور المتعلقة بتجهيز الميت.

يقول النبي (صلى الله عليه وآله) بشأن تكفين الميت المؤمن: " من كفّن مسلماً كساه الله من سندس‏ وإستبرق وحرير " (بحار الأنوار، ج79، ص94)، ويقول حفيده الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): "مَنْ كَفّنَ مؤمناً فكأنما ضَمِنَ كِسوَتَهُ إلى يومِ القيامة" (من لا يحضره الفقيه، ج1، ص152).

أما تشييع الجنازة فهو من المستحبات غير الواجبة إلا أن فيه فضلاً كبيراً؛ فعن أبي جعفر الباقر (عليه الصلاة والسلام) قال: "من حملَ جنازةً منْ أربعِ جوانِبِها غَفَرَ اللهُ لهُ أربعينَ كبيرةً" (الكافي، ج5، ص450)، ولهذا ترى العلماء يوصون بحمل نعش الميت من جوانبه الأربعة؛ كأن تحمل الجانب الأيمن من المقدمة، وبعد ذلك إلى الجانب الأيسر، وبعد ذلك تذهب إلى المؤخرة فتأخذ هذا الجانب ثم ذاك على كتفك أو بيدك، حتى يصدق عليك أنك حملت الجنازة بأربعة جوانب، ونحن متعبدون بما قال الأئمة (عليهم الصلاة والسلام)، فحتماً هذا العمل فيه سرٌّ، ونحن نتعبد بمثل هذه السنن.

وحول تشييع الميت عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: "امْشِ أَمَامَ جَنَازَةِ الْمُسْلِمِ الْعَارِفِ، وَلَا تَمْشِ أَمَامَ جَنَازَةِ الْجَاحِدِ؛ فَإِنَّ أَمَامَ جَنَازَةِ الْمُسْلِمِ مَلَائِكَةً يُسْرِعُونَ بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ أَمَامَ جَنَازَةِ الْكَافِرِ مَلَائِكَةً يُسْرِعُونَ بِهِ إِلَى النَّارِ" (قرب الإسناد، ص139)، قد ورد في الروايات جواز تشييع الميت من على يمينه أو بين يدي الجنازة أو خلفها أو عن شمالها، وفي هذه الرواية يشير الإمام الصادق (عليه السلام) إلى أنك إذا شيعتَ جثمان الكافر كأنك تكون مع من يحمله إلى النار، لذلك ينهانا عن تشييع جنازة الكافر.

وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: "مَنْ شَيَّعَ جَنَازَةَ مُؤْمِنٍ حَتَّى يُدْفَنَ فِي قَبْرِهِ، وَكَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ سَبْعِينَ مَلَكاً مِنَ الْمُشَيِّعِينَ، يُشَيِّعُونَهُ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ إِذَا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ إِلَى الْمَوْقِفِ" (الكافي، ج3، ص179)، هذا عِوَضٌ من الله تعالى لك بأن شيعت مؤمناً، إذ يرسل الله تعالى ملائكته ليشيعوا جثمانك عندما تنتقل إلى رحمته، ويستغفرون لك يوم المعاد.

وهناك نقاط ينبغي أن نشير إليها؛ منها السفر لتشييع المؤمن، فإن أخبروك بأن فلاناً قد مات في منطقة بعيدة منك ففيهِ أجرٌ أن تسافر، ولو أن الروايات قد حددتْ مسافة ولكن ليس الاستحباب مقتصراً على هذه المسافة، خصوصاً أن عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل البيت (عليهم السلام) لم تكن فيه وسائل التنقل السريعة كمثل هذا العصر.

يقول الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) عن جده (عليه السلام) عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) - في رواية طويلة نختار منها موضع الحاجة - أنه قال له: "يا علي، أوصيك بوصية فاحفظها، فلا تزال بخير ما حفظت وصيتي... سِرْ ميلين شيع جنازة..." (من لا يحضره الفقيه، ج4، ص361)، وهذه مسافة إذا كان يقطعها مشياً قد تستغرق نصف ساعة أو أكثر. نعم لو كان التشييع في الحي الذي تعيش فيه فطبيعيٌ أن تخرج من بيتك وتذهب لتشارك إذ لا مؤونة في ذلك، ولكن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: "سر ميلين" وقد تسأل: ماذا لو كانت المسافة أربعة أميال أو ستة؟ هل فيه فضل وثواب؟ نعم بلا شك فيه ذلك.

وعن أمير المؤمنين قال (عليه السلام): "ضَمِنْتُ لِسِتَّةٍ الْجَنَّةَ رَجُلٌ خَرَجَ بِصَدَقَةٍ فَمَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَرجُلٌ خَرَجَ يَعُودُ مَرِيضاً فَمَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَرَجُلٌ خَرَجَ مُجَاهِداً فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَرَجُلٌ خَرَجَ حَاجّاً فَمَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَرَجُلٌ خَرَجَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَمَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَرَجُلٌ خَرَجَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ فَمَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ" (من لا يحضره الفقيه، ج1، ص140).

وفي رواية أخرى عن ميسر قال: "سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول: من تبعَ جنازةَ امرئٍ مسلمٍ أعطي يوم القيامة أربعَ شفاعاتٍ، ولم يقل شيئاً إلا قال الملك: ولك مثلُ ذلك" (الكافي، ج1، ص173)، أي تقول: اللهم اغفر له، فيقول الملك ولك مثل ذلك، وتقول: أستغفر الله لهذا الميت، فيقول: ولك مثل ذلك.

وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: "فِيمَا نَاجى بِهِ مُوسى عليه السلام رَبَّهُ قَالَ: يَا رَبِّ، مَا لِمَنْ شَيَّعَ جَنَازَةً؟ قَالَ: أُوَكِّلُ بِهِ مَلَائِكَةً مِنْ مَلَائِكَتِي مَعَهُمْ رَايَاتٌ يُشَيِّعُونَهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ إِلى مَحْشَرِهِمْ" (ثواب الأعمال، ص231).

وأخيراً من الآداب المهمة أنك إذا حملت جنازة لا تضحك ساراً، وهذا له علة اجتماعية واضحة؛ أن أهل العزاء يحزنون بسبب هذا السرور الذي يرونه في وجهك، فيجب ألا تدخل الحزن عليهم وتزيد حزنهم حزناً بضحكك، والشيء الآخر أن هذه الجنازة تُحمَل حتى تعتبر وتحسب نفسك على أكتاف الناس، فإذا ضحكت فمعناه أنك لا تبالي ولا تذكر الموت، كأنك لم تشارك في تشييع جنازة، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): "من ضحك على جنازةٍ أهانهُ الله تعالى يوم القيامة على رؤوس الخلائق، ولا يستجابُ دعاؤُهُ، ومن ضحكَ في المقبرة رَجَعَ عليه من الوزرِ مثلَ جبلِ أحدٍ، ومن ترحمَ عليه نجا من النار" (بحار الأنوار، ج81، ص264).

الخطبة الثانية:

أقرأ رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه عن مولد الإمام أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام):

عن أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام عن آبائه عليهم السلام  قال كان العباس بن عبد المطلب ويزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق من بني هاشم  إلى فريق عبد العُزى بإزاء بيت الله الحرام، إذ أتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم أمير المؤمنين (عليه السلام) وكانت حاملة بأمير المؤمنين عليه السلام لتسعة أشهر، وكان يوم التمام. قال: فوقفت بإزاء البيت الحرام  وقد أخذها الطلق، فرمت بطرفها نحو السماء وقالت: أي ربِّ إني مؤمنة بك وبما جاء به من عندك الرسول، وبكل نبي من أنبيائك، وبكل كتاب أنزلته، وإني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل وإنه بنى بيتك العتيق، فأسألك بحق هذا البيت ومن بناه وبهذا المولود الذي في أحشائي يكلمني ويؤنسني بحديثه وأنا موقنة أنه إحدى آياتك ودلائلك لما يسرت علي ولادتي.

قال العباس بن عبدالمطلب يزيد بن قعنب: لما تكلمت فاطمة بنت أسد ودعت بهذا الدعاء رأينا البيت قد انفتح من ظهر  ودخلت فاطمة فيه وغابت أبصارنا، ثم عادت الفتحة والتزقت بإذن الله تعالى، فرمنا أن نفتح الباب ليصل إليها بعض نسائنا  فلم ينفتح الباب، فعلمنا أن ذلك أمر من أمر الله تعالى، وبقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيام. قال وأهل مكة يتحدثون بذلك في أفواه السكك، وتتحدث المخدرات في خدورهن، قال فلما كان بعد ثلاثة أيام انفتح البيت من الموضع الذي كانت دخلت فيه فخرجت فاطمة وعلي عليه السلام على يديها، ثم قالت: معاشر الناس إن الله عز وجل اختارني من خلقه، وفضلني على المختارات ممن مضى قبلي، وقد اختار الله آسية بنت مزاحم فإنها عبدت الله سراً في موضع لا يحب أن يعبد فيه إلا اضطراراً، ومريم ابنة عمران حيث اختارها الله ويسر عليها ولادة عيسى فهزت الجذع اليابس في النخلة في فلاة من الأرض حتى تساقط عليها رطباً جنياً، وإن الله تعالى اختارني وفضلني عليهما وعلى كل من مضى قبلي من نساء العالمين لأني ولدت في بيته العتيق وبقيت فيه ثلاثة أيام آكل من ثمار الجنة وأوراقها، فلما أردت أن أخرج وولدي على يدي هتف بي هاتف وقال: يا فاطمة، سمّه علياً، فأنا العلي الأعلى وإني خلقته من قدرتي وعز جلالي وقسط عدلي واشتققت اسمه من اسمي وأدبته أدبي وفوضت إليه أمري، ووقفته على غامض علمي، وولد في بيتي، وهو أول من يؤذن فوق بيتي ويكسر الأصنام ويرميها على وجهها ويعظمني ويمجدني ويهللني، وهو الإمام بعد حبيبي ونبيي وخيرتي من خلقي محمد رسولي، ووصيه، فطوبى لمن أحبه ونصره والويل لمن عصاه وخذله وجحد حقه، فلما رآه أبو طالب سره وقال علي (عليه السلام) السلام عليك يا أبه ورحمة الله وبركاته و هذا ليس غريباً فلا تستغربوه، كما أن عيسى عليه السلام قد استغرب قومه فقالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً قال إني عبد الله...قال ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن آنذاك مبعوثاً من الله تعالى فلما دخل اهتز له أمير المؤمنين عليه السلام وضحك وقال السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، ثم قال: ثم تنحنح بإذن الله تعالى وقال: بسم الله الرحمن الرحيم، قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون، والذين هم للزكاة فاعلون إلى آخر الآيات. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قد أفلحوا بك، وقرأ تمام الآيات إلى قوله: ﴿أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون﴾ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت والله أميرهم، تميرهم من علومك فيمتارون، وأنت والله دليلهم وبك يهتدون (بحار الأنوار، ج35، ص36).

ربما قال بعضهم أن هذه الآيات ما كانت نازلة على الرسول بعدُ لأنه لم يكن مبعوثاً فكيف كان عليٌّ (عليه السلام) يقرأ هذه الآيات؟  كما تعرفون أن القرآن في لوح محفوظ وقد نزل نجوماً (متفرقاً) خلال ثلاث وعشرين سنة على قلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما أنه نزل جملة واحدة على قلبه، فكان القرآن موجوداً ولكن لم ينزل بعدُ، فأنطق الله تعالى علياً كما أنطق عيسى عليه السلام بهذه الكلمات وهذه الآيات.

وأقرأ خطبة يسيرة للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى أؤدي بعض ما عليّ من التكليف وحتى تعرفوا علياً عن لسانه، يقول عليه السلام:

"أَنَا وَضَعْتُ فِي اَلصِّغَرِ بِكَلاَكِلِ اَلْعَرَبِ (صدور العرب) وَكَسَرْتُ نَوَاجِمَ قُرُونِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ بِالْقَرَابَةِ اَلْقَرِيبَةِ وَاَلْمَنْزِلَةِ اَلْخَصِيصَةِ وَضَعَنِي فِي حِجْرِهِ وَأَنَا وَلَدٌ وَلِيدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِهِ وَيَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِهِ وَيُمِسُّنِي جَسَدَهُ وَيُشِمُّنِي عَرْفَهُ وكَانَ يَمْضَغُ اَلشَّيْ‌ءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ، وَمَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْلٍ وَلاَ خَطْلَةً فِي فِعْلٍ، وَلَقَدْ قَرَنَ اَللَّهُ بِهِ مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ اَلْمَكَارِمِ وَمَحَاسِنَ أَخْلاَقِ اَلْعَالَمِ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اِتِّبَاعَ اَلْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ، يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلاَقِهِ عَلَماً وَيَأْمُرُنِي بِالاِقْتِدَاءِ بِهِ وَلَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ فَأَرَاهُ وَلاَ يَرَاهُ غَيْرِي، وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي اَلْإِسْلاَمِ غَيْرَ رَسُولِ اَللَّهِ وَخَدِيجَةَ وَأَنَا ثَالِثُهُمَا أَرَى نُورَ اَلْوَحْيِ وَاَلرِّسَالَةِ وَأَشُمُّ رِيحَ اَلنُّبُوَّةِ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ اَلشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ اَلْوَحْيُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَا هَذِهِ اَلرَّنَّةُ؟ فَقَالَ: هَذَا اَلشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ، إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وَتَرَى مَا أَرَى إِلاَّ أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ وَلَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ وَإِنَّكَ لَعَلَى خَيْرٍ" (نهج البلاغة، صبحي صالح، الخطبة 192).

 وأما منتصف هذا الشهر المبارك ففيه مناسبة من مناسبات عزاء أهل البيت (عليهم السلام)، وخصوصاً لنا نحن المجاورون لهذه السيدة العقيلة (عليها السلام)، وطبعاً يجب أن نقتدي بأهل البيت فإنهم كانوا يفرحون في أيام فرحهم، ونحن متأكدون أن سيدتنا زينب (سلام الله عليها) فَرِحَةٌ لموسم ولادة الإمام الجواد وكذلك لولادة أبيها أمير المؤمنين (عليهما الصلاة والسلام) فإذا أكملنا موسم الفرح لأمير المؤمنين يوم الثالث عشر من شهر رجب بعد ذلك نبدأ بالعزاء لولية نعمتنا السيدة زينب (سلام الله تعالى عليها).

ونحن أهالي مدينة السيدة زينب (عليها السلام) الذين نستقبل الزوار الذين يأتون إلى هذا الحرم الشريف المبارك، جعلنا الله وإياكم من المؤمنين الذين يقتدون بسيدتنا زينب جبل الصبر والاستقامة، علينا ألا ننسى ذكر شهدائنا الأبرار، الذين أريقت دماؤهم الطاهرة دون هذا الحرم الشريف، من أهالي هذه المدينة ومن أهالي الفوعة وكفريا وبصرى الشام وحطلة وحمص ونبل والزهراء وغيرها.

وأنا أرى أن الدفاع عن هذا الحرم كانت له مساحة واسعة جغرافياً، كل من دافع عن الوطن السوري فقد دافع عن حرم أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام)، وذِكرُ هؤلاء خالدٌ في قلوب المؤمنين، لا في قلوب أهل سورية فحسب بل في قلوب جميع أحرار العالم، وكذلك الشهداء الذين جاؤوا لنصرة شعب سورية، من العراق ولبنان وباكستان، وجميع المؤمنين الذين كانوا عضداً لإخوانهم في سورية للدفاع عن المقدسات.