۲٠۲٣/٠٤/۱٠ ۱٤:۲٦:٤۷
خطبة الجمعة لسماحة حجة الاسلام والمسلمين الشيخ حميد صفار الهرندي (أعزه المولى) بتاريخ 16 رمضان 1444هـ


بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة لسماحة حجة الإسلام والمسمين الشيخ حميد الصفار الهرندي (زيد عزه) ممثل الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) في سورية، بتاريخ 16 من شهر رمضان 1444ه.

الخطبة الأولى

في سياق حديثنا عن نمط الحياة وفقاً للرؤية الإسلامية كنا نتحدث عن آداب الضيافة والضيف والمضيف، وهناك حديث عن الفضل بن يونس قال: "إِنِّي فِي مَنْزِلِي يَوْماً فَدَخَلَ عَلَيَّ الْخَادِمُ. فَقَالَ: إِنَّ بِالْبَابِ رَجُلًا يُكَنَّى أَبَا الْحَسَنِ يُسَمَّى مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ عليه السلام فَقُلْتُ: يَا غُلَامُ! إِنْ كَانَ الَّذِي أَتَوَهَّمُ، فَأَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ. قَالَ: فَبَادَرْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا أَنَا بِهِ عليه السلام فَقُلْتُ: انْزِلْ يَا سَيِّدِي، فَنَزَلَ وَ دَخَلَ الْمَجْلِسَ. فَذَهَبْتُ لِأَرْفَعَهُ فِي صَدْرِ الْبَيْتِ، فَقَالَ لِي: يَا فَضْلُ! صَاحِبُ‏ الْمَنْزِلِ‏ أَحَقُ‏ بِصَدْرِ الْبَيْتِ‏ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْقَوْمِ رَجُلٌ يَكُونُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ. فَقُلْتُ: فَأَنْتَ إِذاً جُعِلْتُ فِدَاكَ، ثُمَّ قُلْتُ: جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ! إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ طَعَامٌ لِأَصْحَابِنَا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَحْضُرَ إِلَيْنَا فَذَاكَ إِلَيْكَ. فَقَالَ: يَا فَضْلُ! إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إِنَّ هَذَا طَعَامُ الْفَجْأَةِ وَ هُمْ يَكْرَهُونَهُ. أَمَا إِنِّي لَا أَرَى بِهِ بَأْساً فَأَمَرْتُ الْغُلَامَ فَأَتَى بِالطَّسْتِ فَدَنَا مِنْهُ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ حَدّاً. فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَا حَدُّ هَذَا؟ فَقَالَ: أَنْ يَبْدَأَ رَبُّ الْبَيْتِ لِكَيْ يَنْشَطَ الْأَضْيَافُ. فَإِذَا وُضِعَ الطَّسْتُ سَمَّى وَ إِذَا رُفِعَ حَمِدَ اللَّهَ. ثُمَّ أُتِيَ بِالْمَائِدَةِ فَقُلْتُ: مَا حَدُّ هَذَا؟ قَالَ: أَنْ يُسَمَّى إِذَا وُضِعَ وَ يُحْمَدَ اللَّهُ إِذَا رُفِعَ. ثُمَّ أُتِيَ بِالْخِلَالِ، فَقُلْتُ: مَا حَدُّ هَذَا؟ قَالَ: أَنْ تُكْسَرَ رَأْسُهُ لِئَلَّا يُدْمِيَ اللِّثَةَ- فَأُتِيَ‏ بِإِنَاءِ الشَّرَابِ، فَقُلْتُ: فَمَا حَدُّهُ؟ قَالَ: أَنْ لَا تَشْرَبَ مِنْ مَوْضِعِ الْعُرْوَةِ وَلَا مِنْ مَوْضِعِ كَسْرٍ إِنْ كَانَ بِهِ، فَإِنَّهُ مَجْلِسُ الشَّيْطَانِ. فَإِذَا شَرِبْتَ سَمَّيْتَ وَ إِذَا فَرَغْتَ حَمِدْتَ اللَّهَ وَ لْيَكُنْ صَاحِبُ الْبَيْتِ يَا فَضْلُ إِذَا فَرَغَ مِنَ الطَّعَامِ وَ تَوَضَّأَ الْقَوْمُ آخِرَ مَنْ يَتَوَضَّأُ" (مکارم الأخلاق، ص148).

لم يدعَ الإمام (عليه السلام) لهذه الضيافة ولكن صاحب البيت انتهز هذه الفرصة ليتبرك بالإمام (عليه السلام)، فببركة هذه الضيافة علمه الإمام كيفية استضافة الضيف وآداب السفرة.

وقوله أَنْ لَا تَشْرَبَ مِنْ مَوْضِعِ الْعُرْوَةِ وَلَا مِنْ مَوْضِعِ كَسْرٍ إِنْ كَانَ بِهِ، فَإِنَّهُ مَجْلِسُ الشَّيْطَانِ كأن الشيطان المقصود هي الجراثيم عبر عنها بالشيطان.

وفي قوله وَلْيَكُنْ صَاحِبُ الْبَيْتِ يَا فَضْلُ إِذَا فَرَغَ مِنَ الطَّعَامِ وَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ آخِرَ مَنْ يَتَوَضَّأُ التوضؤ يعني غسل اليدين، فإذا غسل صاحب البيت يديه فمعناه أن الطعام قد انتهى، وربما يشتهي الحاضرون أن يأكلوا ولكن بما أنه غسل يديه فقد أنهى السفرة فيستحون أن يأكلوا شيئاً بعده.

وأما إكرام الضيف فقد روي فيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول (صلى الله عليه وآله وسلم): "إِنَّ الضَّيْفَ إِذَا جَاءَ فَنَزَلَ بِالْقَوْمِ جَاءَ بِرِزْقِهِ‏ مَعَهُ‏ مِنَ‏ السَّمَاءِ فَإِذَا أَكَلَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُمْ بِنُزُولِهِ عَلَيْهِمْ" (الكافي، ج‏6، ص284).

وفي حديث آخر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) "الضَّيْفُ يَأْتِي الْقَوْمَ بِرِزْقِهِ فَإِذَا ارْتَحَلَ‏ ارْتَحَلَ‏ بِجَمِيعِ‏ ذُنُوبِهِمْ" (بحار الأنوار؛ ج‏72؛ ص461)، فكأنه يكتسح الذنوب من هذا البيت. وقد كنت قبل أكثر من ثلاثين سنة عند أستاذنا سماحة آية الله الجوادي الآملي ضيفاٌ، وربما كنا نستحي أن نأكل بشهية، بل كنا نأكل ونراعي مقامه، قال: "كلوا، فعليكم أن تعتقدوا بهذا الحديث؛ أن الضيف إذا جاء يأتي برزقه معه، وأنا أعتقد بهذا الحديث وجربت هذا الأمر".

وهناك حديث آخر يدل على تواصل الخير بسبب توقير الضيف، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: "لَا تَزَالُ‏ أُمَّتِي‏ بِخَيْرٍ مَا تَحَابُّوا وَتَهَادَوْا وَأَدَّوُا الْأَمَانَةَ وَاجْتَنَبُوا الْحَرَامَ وَوَقَّرُوا الضَّيْفَ" (عيون أخبار الرضا؛ ج‏2؛ ص29).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): "قُوتُ‏ الْأَجْسَامِ‏ الطَّعَامُ‏ وَقُوتُ الْأَرْوَاحِ الْإِطْعَامُ‏. (الدعوات (للراوندي)؛ ص142).

جعلنا الله وإياكم من هؤلاء الذين أدّبهم الله تعالى على لسان نبيه والأئمة المعصومين (عليهم الصلاة والسلام) لأن هؤلاء لا يقولون إلا ما أوحى به الله أو ألهمهم إياه، والنبي Pوَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىO (سورة النجم، 3-4) لذلك أقول: ما قاله أهل البيت قاله الله تعالى، وما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) قاله الله تعالى.

الخطبة الثانية:

أذكر شيئا يسيراً حول شخصية الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، حيث يُتناسى هذا الجانب من شخصية الإمام (عليه السلام) أو يغفل عنه، وهو أمر مهم يجب أن نذكره؛ هو أن هذا الإمام إمام شجاع مجاهد، فعندما يذكر صلح الإمام الحسن يظن البعض أن الإمام الحسين (عليه السلام) كان أشجع من الإمام الحسن (عليه السلام) ولكن ليس الأمر هكذا؛ فهؤلاء نور واحد وكلهم شجعان في سبيل الله تعالى وفي إعلاء كلمة الحق، ولم يتوانوا، ولا يمكن أن يفكر أحد من المسلمين والمؤمنين بهذه الأشياء في حقهم.

هناك أحاديث مدسوسة مزورة قد ذكر بعضها - للأسف الشديد - في كتب الجوامع الشيعية، بأن الحسن (عليه السلام) كان مطلاقاً (كثير الطلاق) وما شابه ذلك، وهذا شيء باطل قد زوره بنو العباس، ومعلوم لدى أهل التحقيق والبحث أن هذه الأحاديث روجت في أيام المنصور الدوانيقي ومن بعده، فلا يصلح أن يتفوه أحد بمثل هذه الأحاديث المزورة.

وأذكر هنا بعض الخصال عن الإمام أبي محمد الحسن (عليه الصلاة والسلام) فقد روي: "ودَعَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَوْمَ الْجَمَلِ فَأَعْطَاهُ رُمْحَهُ وَقَالَ لَهُ اقْصِدْ بِهَذَا الرُّمْحِ‏ قَصْدَ الْجَمَلِ، فَذَهَبَ فَمَنَعُوهُ بَنُو ضَبَّةَ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى وَالِدِهِ انْتَزَعَ الْحَسَنُ رُمْحَهُ مِنْ يَدِهِ وَقَصَدَ قَصْدَ الْجَمَلِ وَطَعَنَهُ بِرُمْحِهِ وَرَجَعَ إِلَى وَالِدِهِ وَعَلَى رُمْحِهِ أَثَرُ الدَّمُ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ مُحَمَّدٍ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: لَا تَأْنَفْ فَإِنَّهُ ابْنُ النَّبِيِّ وَأَنْتَ ابْنُ عَلِيٍّ" (مناقب آل أبي طالب، ج‏4؛ ص21).

وكان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) عندما يرى أن الحسن (عليه السلام) حريصٌ على القتال ويهجم بشجاعة يقول: امْلِكُواعَنِّي‏ هَذَا الْغُلَامَ‏ لَا يَهُدَّنِي، فَإِنَّنِي أَنْفَسُ‏ بِهَذَيْنِ - يَعْنِي الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ - عَلَى الْمَوْتِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ بِهِمَا نَسْلُ رَسُولِ اللَّهِ" (نهج البلاغة، صبحي صالح؛ ص323).

هكذا كان الناس يعرفون الحسن (عليه السلام) في معركة صفين، أنه كان في الخط الأمامي، وكان الإمام علي (عليه السلام) يخاف عليه حتى يقول لمن حوله املكوا عني هذا الغلام لا يهدني، يعني حتى لا ينكسر ظهري بفقده.

وكان الحسن (عليه السلام) مبعوث الإمام علي إلى الكوفة عندما جاء إلى ذي قار، حيث كان أبو موسى الأشعري يؤلب الناس على الإمام علي (عليه السلام) فقام الإمام الحسن (عليه السلام) بعزله وخطب في الناس خطبة واستنهضهم ورجع إلى أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) بعشرة آلاف مقاتل.

وعلينا هنا أن نستمع إلى كلمات الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) حينما يصف أباه في جمع الكوفيين، عندما كان يريد أن يستنفرهم للجهاد، حيث قال:

"أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا جِئْنَاكُمْ نَدْعُوكُمْ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى كِتَابِهِ وَ سُنَّةِ رَسُولِهِ وَ إِلَى أَفْقَهِ‏ مَنْ‏ تَفَقَّهَ‏ مِنَ‏ الْمُسْلِمِينَ‏ وَ أَعْدَلِ مَنْ تُعَدِّلُونَ وَ أَفْضَلِ مَنْ تُفَضِّلُونَ وَ أَوْفَى مَنْ‏ تُبَايِعُونَ مَنْ لَمْ يُعْيِهِ الْقُرْآنُ وَ لَمْ تُجَهِّلْهُ السُّنَّةُ وَ لَمْ تَقْعُدْ بِهِ السَّابِقَةُ إِلَى مَنْ قَرَّبَهُ اللَّهُ إِلَى رَسُولِهِ قَرَابَتَيْنِ قَرَابَةَ الدِّينِ وَ قَرَابَةَ الرَّحِمِ إِلَى مَنْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى كُلِّ مَأْثُرَةٍ إِلَى مَنْ كَفَى اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ وَ النَّاسُ مُتَخَاذِلُونَ فَقَرُبَ مِنْهُ وَ هُمْ مُتَبَاعِدُونَ وَ صَلَّى مَعَهُ وَهُمْ مُشْرِكُونَ وَقَاتَلَ مَعَهُ وَهُمْ مُنْهَزِمُونَ وَبَارَزَ مَعَهُ وَهُمْ مجمحون [مُحْجِمُونَ‏] وَصَدَّقَهُ وَهُمْ مُكَذِّبُونَ إِلَى مَنْ لَمْ تُرَدَّ لَهُ رَايَةٌ وَلَا تُكَافِئْ لَهُ سَابِقَةٌ وَهُوَ يَسْأَلُكُمُ النَّصْرَ وَيَدْعُوكُمْ إِلَى الْحَقِّ وَيَسْأَلُكُمْ بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِ لِتُوَازِرُوهُ وَتَنْصُرُوهُ عَلَى قَوْمٍ نَكَثُوا بَيْعَتَهُ وَقَتَلُوا أَهْلَ الصَّلَاحِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَمَثَّلُوا بِعُمَّالِهِ وَانْتَهَبُوا بَيْتَ مَالِهِ فَاشْخَصُوا إِلَيْهِ رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَاحْضُرُوا بِمَا يَحْضُرُ بِهِ من الصَّالِحُینَ" (بحار الأنوار،؛ ج‏32؛ ص87)

وهناك كلمة أخرى للإمام عليه السلام، تفيد الأمة الإسلامية في هذه الأيام، حينما تثاقل أصحابه (عليه السلام) فقام خطيباً فيهم قائلاً:

أَمَا وَاللَّهِ مَا ثَنَانَا عَنْ‏ قِتَالِ‏ أَهْلِ‏ الشَّامِ‏ ذِلَّةٌ وَلَا قِلَّةٌ وَلَكِنْ كُنَّا نُقَاتِلُهُمْ بِالسَّلَامَةِ وَالصَّبْرِ فَشِيبَ السَّلَامَةُ بِالْعَدَاوَةِ وَالصَّبْرُ بِالْجَزَعِ وَكُنْتُمْ تَتَوَجَّهُونَ مَعَنَا وَدِينُكُمْ أَمَامَ دُنْيَاكُمْ وَقَدْ أَصْبَحْتُمُ الْآنَ وَدُنْيَاكُمْ أَمَامَ دِينِكُمْ وَكُنَّا لَكُمْ وَكُنْتُمْ لَنَا وَقَدْ صِرْتُمُ الْيَوْمَ عَلَيْنَا ثُمَّ أَصْبَحْتُمْ تَصُدُّونَ قَتِيلَيْنِ قَتِيلًا بِصِفِّينَ تَبْكُونَ عَلَيْهِمْ وَقَتِيلًا بِالنَّهْرَوَانِ تَطْلُبُونَ بِثَأْرِهِمْ فَأَمَّا الْبَاكِي فَخَاذِلٌ وَأَمَّا الطَّالِبُ فَثَائِرٌ وَإِنَّ مُعَاوِيَةَ قَدْ دَعَا إِلَى أَمْرٍ لَيْسَ فِيهِ عِزٌّ وَلَا نَصَفَةٌ فَإِنْ أَرَدْتُمُ الْحَيَاةَ قَبِلْنَاهُ مِنْهُ وَأَغْضَضْنَا عَلَى الْقَذَى وَإِنْ أَرَدْتُمُ الْمَوْتَ بَذَلْنَاهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ وَحَاكَمْنَاهُ إِلَى اللَّهِ‏. فَنَادَى الْقَوْمُ بِأَجْمَعِهِمْ بَلِ الْبَقِيَّةُ وَالْحَيَاةُ. (بحار الأنوار، ج‏44؛ ص21)

 قالوا نريد أن نبقى، نريد أن نعيش في ذل، ولا نريد أن نجاهد، نريد أن نخضع ونرضخ للظالم، وما نقوله في هذه الأيام أن نهج المقاومة هو نفس ما علمنا أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) ونفس ما علمنا القرآن؛ أن نعيش في عز، فإذا أردتَ أن تعيش عيشة البهائم فعليك أن تخضع لكل شيء ولكل ذل ولكل ظالم، وتقوم بالتطبيع، وبما شابه ذلك من الأمور.

وكما تعرفون فإن جرائم الصهاينة ليست شيئاً جديداً بل هذه عادتهم، من اقتحام المسجد الأقصى وتدنيس هذا المسجد الذي هو أولى القبلتين، ولا يمكن للمؤمن أن يرى هذا ويتحمل ويقبل ويخضع لهذا الواقع المر، هذا واقع يجب أن نغيره، فليس كل واقع نخضع له ونستسلم أمامه، بل هناك واقع يجب أن نغيره، ولا يجوز للمؤمنين أن يبقوا متفرجين أمام هذه الجرائم والإهانات للمسجد الأقصى الشريف الذي كرمه الله تعالى بقوله: Pسُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَاO (سورة الإسراء، 1)، فهو دائماً مقدس عندنا، ومن يدنسه يجب علينا أن نواجهه، وإن كانت أيدينا نحن لا تصل إلى هذا المكان المقدس حتى ندافع عنه ولكن نقدر أن نصرخ دفاعاً عن حقنا ونقول: نفديك يا أقصى، فليس الأقصى للفلسطينيين وحدهم بل هو قبلة المسلمين الأولى التي كانوا يصلون متجهين نحوها بداية بعثة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحتى بعد الهجرة أيضاً.

وكذلك من اعتداءاتهم التي ترونها الغارات الوحشية على غزة وعلى جنوب لبنان بالأمس، والحمد لله قد وجد المطبعون أن ما قاله سماحة الإمام القائد أن هذه المؤامرة أيضاً ستبوء بالفشل، ولا يحدث أن يصبح اليهود إخوة للمؤمنين، إذ هم دائماً أعداء الله تعالى الذي وصفهم بأنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا، وهكذا سيبقون إلى يوم القيامة، ونحن نحذر المطبعين وننبههم وندعوهم إلى هذه الصفوف المتراصة للمؤمنين المقاومين لهذا العدو الغاشم، فنحن لاستئصال هذه الغدة السرطانية بحاجة إلى صفوف موحدة وبإذن الله سيتوحد المسلمون لقلع هذه الغدة السرطانية.