بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ حميد الصفار الهرندي (زيد عزه) ممثل الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) في سورية، بتاريخ 25 ربيع الثاني 1445 ه.
الخطبة الأولى:
كعادتنا نتحدّث في الخطبة الأولى عن نمط الحياة وفقا للرؤية الإسلامية، من الأمور التي يجب أن نعرفها في نمط الحياة علاقة الإنسان المؤمن مع الحاكم، هناك تكاليف للحكام على الشعب في النظام الذي يرتكز على الإسلام.
من التكاليف التي تكون على الحكام: تنمية العلم، بعث الأمل، ومنع الحيرة والضلال، وتزكية النفس، وتهذيب النفس، كتمان أسرار الناس، التغاضي عن أخطاء الناس، حب الناس، حفظ الثغور، اختيار الصالحين لتولّي المسؤوليات، الدفاع عن المحرومين، عدم الاكتراث للسعاة والنمامين، اجتناب الظلم والكذب والخيانة، هذه مجموعة من التكاليف على عاتق الحكام الذين هم يحسبون حكام المسلمين.
وأما واجبات الشعب تجاه الحاكم الإسلامي:
أولاً الوفاء للحكومة الإسلامية:
قال أمير المؤمنين عليه السلام: أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِنَّ لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً وَلَكُمْ عَلَيَّ حَقٌّ ... وَأَمَّا حَقِّي عَلَيْكُمْ فَالْوَفَاءُ بِالْبَيْعَةِ ... . نهج البلاغة، خطبة رقم 34
في كلامه عليه السلام يقول وأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة إذا تبايعوني عليكم أن تفوا بهذه البيعة طبعا البيعة تتم بهذا الشكل حسب الأصوات وصناديق الاقتراع هذه آليات تطبيق هذا الأمر تطبيق البيعة إذا بايعت الحاكم الذي فيه متوفر تلك الشروط التي قد تم ذكرها أعلاه فيجب عليك أن تفي ببيعتك.
ثانياً نصرة الحاكم الإسلامي: هذا من العناصر الأساسية أن الشعب يجب أن يكون سندا للحاكم حتى يستطيع الحاكم أن يطبق ما يكون لمصلحة الأمة والمجتمع. قال أمير المؤمنين عليه السلام: أَيُّهَا اَلنَّاسُ ... وَأَمَّا حَقِّي عَلَيْكُمْ ... وَاَلْإِجَابَةُ حِينَ أَدْعُوكُمْ وَاَلطَّاعَةُ حِينَ آمُرُكُمْ. نهج البلاغة، خطبة رقم 34
يقول أيها الناس وأما حقي عليكم الإجابة حين أدعوكم والطاعة حين آمركم لا يمكن أن تخالفوا أمري وتطالبونني بأن آخذ بحقكم إلا بأن تطيعوني وأن تنصروني في هذا الأمر.
وفي المقبولة مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ صَفْوَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ اَلْحُصَيْنِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ: الصادق عليه السلام: ... قَالَ اُنْظُرُوا إِلَى مَنْ كَانَ مِنْكُمْ قَدْ رَوَى حَدِيثَنَا وَ نَظَرَ فِي حَلاَلِنَا وَ حَرَامِنَا وَ عَرَفَ أَحْكَامَنَا فَارْضَوْا بِهِ حَكَماً فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِماً فَإِذَا حَكَمَ بِحُكْمِنَا فَلَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُ فَإِنَّمَا بِحُكْمِ اَللَّهِ قَدِ اسْتَخَفَّ وَ عَلَيْنَا رَدَّ وَ اَلرَّادُّ عَلَيْنَا اَلرَّادُّ عَلَى اَللَّهِ وَ هُوَ عَلَى حَدِّ اَلشِّرْكِ بِاللَّهِ. الكافي، ج7، ص412
يعني الشرك في مقام العمل لا في العقيدة بهكذا درجة من الأهمية طاعة ولي الأمر مهمة وواجبة.
ثالثاً النصح والمشاركة السياسية مع الحاكم، الشعب لا يجوز أن يكون محايدا بالنسبة لما يجري في المجتمع على صعيد الحكم يجب أن يشاركوا في الحكم كيف يشاركون؟
قال النبي صلى الله عليه وآله: ... ثَلاَثٌ لاَ يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ اِمْرِئٍ مُسْلِمٍ: إِخْلاَصُ اَلْعَمَلِ لِلَّهِ، وَاَلنَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ اَلْمُسْلِمِينَ، وَاَللُّزُومُ لِجَمَاعَتِهِمْ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ مُحِيطَةٌ مِنْ وَرَائِهِم ... الكافي، ج1، ص404
يجب على المجتمع أن يقوم بنصيحة الحكام أن يقوم بما يدل على إرادة الخير لهم بما أنه يريد الخير للحاكم يجب أن يدله على ما يراه هو خير. فإذا النصيحة لأئمة المسلمين للحكام الذين يحكمون علينا هذا هو شيء يدل على أننا نحبهم لذلك ننصحهم ونريد لهم الخير.
وفي خطبة له قال أمير المؤمنين عليه السلام: أَيُّهَا اَلنَّاسُ ... وَأَمَّا حَقِّي عَلَيْكُمْ ... النصح لي في المشهد والدعاء بالنصر والصلاح. تحف العقول، ص 319.
فإذاً هناك تكليف آخر موجه على الناس بالنسبة للحاكم أن يدعو لحاكمهم ليراقب ويحافظ على مصالح الأمة.
قال أبو عبدالله عليه السلام: ... ثَلاَثُ خِلاَلٍخصال تَجِبُ لِلْمُلُوكِ عَلَى أَصْحَابِهِمْ وَ رَعِيَّتِهِمْ اَلطَّاعَةُ لَهُمْ وَ اَلنَّصِيحَةُ لَهُمْ فِي اَلْمَغِيبِ وَ اَلْمَشْهَدِ وَ اَلدُّعَاءُ بِالنَّصْرِ وَ اَلصَّلاَح ... تحف العقول، ص 319
رابعاً الطاعة لهم: طبعا بما أنهم يطيعون أمر الله والشعب والرعية يطيعونهم يجب أن يريدوا الخير والنصيحة لهم ولو بأن يعظوهم ويدلوهم على الخير إذا رأوهم يخطؤون هذا يكون من تكاليف الأمة بالنسبة للحكام والدعاء بالنصر والصلاح عليهم أن يدعوا لقادتهم مخلصين الذين هم يهتمون بصلاحهم.
خامساً التعاون: تعاون الشعوب تعاون الأمة تعاون آحاد الناس في مجال الاستخبارات والمعلومات للقادة للحكام طبعا الحاكم قد يواجه المؤامرة على الأمة فهو مسؤول عن الأمان في المجتمع إذا رأى أن هناك إرهابي وأنت تعرفه وأنت تعرف أن هذا الذي يعيش بقرب منك هو له نوايا خبيثة فطبعا يجب أن تساعد الحاكم في الشؤون الاستخباراتية يذكر لنا التاريخ أنّ رجالا من بني ناجية نكثوا بيعة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وخرجوا على طاعته فأمر أحد رجاله واسمه عبد الله بن قُعين الأزدي بتعقب أثرهم، وبعد السؤال وتتبع الأثر رجع إلى أمير المؤمنين عليه السلام وأسرّه بنتيجة تعقّبه لهؤلاء القوم وهي أنهم قد تركوا الكوفة. بعد ذلك كتب أمير المؤمنين عليه السلام نسخة واحدة من كتاب وأخرجها إلى العمال جاء فيها: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَنْ قَرَأَ كِتَابِي هَذَا مِنَ الْعُمَّالِ؛ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ رِجَالًا لَنَا عِنْدَهُمْ بَيْعَةٌ خَرَجُوا هُرَّاباً فَنَظُنُّهُمْ وُجِّهُوا نَحْوَ بِلَادِ الْبَصْرَةِ فَاسْأَلْ عَنْهُمْ أَهْلَ بِلَادِكَ وَ اجْعَلْ عَلَيْهِمُ الْعُيُونَ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ مِنْ أَرْضِكَ ثُمَّ اكْتُبْ إِلَيَّ بِمَا يَنْتَهِي إِلَيْكَ عَنْهُمْ وَ السَّلَامُ» الغارات (ط - القديمة) ؛ ج1 ؛ ص225
هذا كلام الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في هذا الكتاب، يعلمنا أن الحكومة التي تخلص في خدمة شعبها وتحاول أن تكون على خط الإسلام هذا كلها شروط، إذا يرى شيئاً مخلاً للأمن فأنت عرفت هذا مخلاً لأمانكم تعرفه أنه هذا من العصابات المسلحة الذين هم لا يريدون خيرا للشعب عليك أن تساعدهم أن تساعد هؤلاء الأجهزة التي تتابع هذا الأمر كما يقول الإمام عليه الصلاة والسلام.
الخطبة الثانية
هناك إنجازات للمقاومة الإسلامية في غزة، فقد أصبحت مقبرة لهؤلاء الغزاة المعتدين وبإذن الله تعالى المقاومة ستدحر هذه القوة الشيطانية عن هذه الأراضي المقدسة.
قد تفاقم الأمر في الضفة الغربية باعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية، سمعنا أن أبي "فلان" اقترح إلى الأمم المتحدة ورشّح نفسه أن يكون قائماً بأعمال غزّة ويقوم بعد الحرب بإدارة هذه المنطقة "ياعمي" أنت لا تستطيع أن تقوم بواجبك بهذه المنطقة التي كنت حاكما عليها والناس في كل يوم يواجهون تدمير بيوتهم وطردهم من هذه البيوت بعنف وأنت لا تحرّك ساكنا! فكيف تتفوّه بهذه الكلمات الفارغة التافهة...
البعض يظن أن هناك عقلاء في الأمة الإسلامية هؤلاء يقومون بتخطيط حلول سياسية للقضية الفلسطينية مع أنهم خططهم ما كانت إلا مساومة على الفلسطينيين. هؤلاء باعوا شرف الفلسطينيين في مخططاتهم في مفاوضاتهم في مساوماتهم في كل حين أو آخر عندما كانوا يجلسون على طاولة المفاوضة كتبوا وسجلوا قراراً على إخلاء قسم من الأراضي وكأنهم أقروا باحتلال جزء آخر من الأراضي الفلسطينية فهذا يسمونه الحل السياسي بنظرهم!
إذا تريد أن تتحدث عن الحل السياسي الصحيح، إذا تريد أن تتحدث عن أصحاب العقول ها هو الإمام الخامنئي حفظه الله تعالى فقد اقترح خطة واضحة ربما لم يبيّنها جيدا ولكن اعتمدت على هذه النقاط:
أولاً: عودة كافة اللاجئين الفلسطينيين في شتى أنحاء العالم إلى أرض أجدادهم وآبائهم.
ثانياً: إجراء انتخابات بمشاركة السكان الأصليين (الفلسطينيين) للأراضي الفلسطينية من مسلمين ومسيحيين ويهود (من المسالمين) أما اليهود المهاجرين هؤلاء محتلون هجّروا أهل البلد إذا أرادوا يقبلوهم يعيشون تحت أمرهم تحت حكومتهم إذا لم يقبلوا يطردوهم إلى حيث كانوا يعيشون. كان اليهود يعيشون في فلسطين بعدد يسير وقليل كانوا يعيشون بجانب المسلمين في سلم وسلام إذا هؤلاء اليهود الفلسطينيون أرادوا البقاء يجوز لهم أن يشاركوا في هذه الانتخابات لانتخاب ممثلين عنهم.
ثالثاً: اختيار نظام الحكم على أساس الاستفتاء الشعبي العام للسكان الأصليين فإذا اختاروا النظام الديمقراطي الإسلامي هذا هو نظامهم وإذا اختاروا النظام الديمقراطي الغير إسلامي فهذا نظامهم.
رابعاً: أن يحكم من يتم انتخابه كامل الأراضي الفلسطينية من البحر إلى النهر.
هذا هو اقتراح سماحة الإمام القائد؛ أي عاقل لا يقبل هذا بأن من كان يعيش في هذه الأراضي وهذه الأراضي كانت بيته هذا هو له حق الحكم على مصيره هو يحدد ويشخص ويعين مصيره، القرار بيد هؤلاء لا دونهم.
نعم إذا لم يقبلوا فالأمر واضح كل إنسان يجوز له أن يدافع عن شرفه أن يأخذ بالبندقية وبالقوة يحارب.
عندما نرى أن القوى العظمى لا يريدوا أن يكون الشعب الفلسطيني هو الذي يحدد مصيره وهو الذي يقوم بمصالحه فطبعا للشعب الفلسطيني أن يقوم في وجههم، فليعلم الذين يتحدثون عمّا بعد انجلاء الغبار عن هذا الطوفان، أنا أقول لكم أن الذي ننتظره ونترقبه هو الطوفان الأقوى والعاصفة بعد هذا حتى يقضي على هذه الغدة السرطانية بإذن الله تعالى.