۲٠۲٣/۱۱/۲۷ ۱۸:٠۷:۱٤
خطبة الجمعة لسماحة حجة الاسلام والمسلمين الشيخ حميد صفار الهرندي (أعزه المولى) بتاريخ 10 جمادى الأولى 1445


                                         بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ حميد الصفّار الهرندي (زيد عزه) ممثل الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) في سورية، بتاريخ 10 جمادى الأولى 1445 ه.

 

الخطبة الأولى:

 

في الخطبة الأولى نواصل بحثنا حول نمط الحياة وفقا للرؤية الإسلامية، تحدثنا عن نظام الحكم السياسي في الإسلام وتكاليف الحاكم الإسلامي تجاه شعبه وتكاليف الشعب تجاه الحاكم الإسلامي.

 اليوم نريد أن نتحدث عن النظام الاجتماعي في الإسلام وعلاقة الناس بعضهم مع بعض.

 في المجتمع تدور العلاقات الاجتماعية بشكل رئيسي حول محور حقوق الناس وتنقسم إلى قسمين، عندما نتحدث عن المجتمع، هذا المجتمع مجموعة من الناس فهؤلاء بعضهم له حق على البعض الآخر، هذا الحق حق متبادل، هذه العلاقات كما قلت تنقسم إلى قسمين:

 أولا_ المعاملة بالمثل:

 إذا أحسن أحد إليك يجب أن تحسن إليه، هذه المعاملة معاملة واضحة والعقل يعترف بهذه المعاملة، أن تكون محسنا إلى من أحسن إليك، هذا رد بالمثل وإذا اعتدى إليك لك حق أن تعتدي بمثل ما اعتدى عليك.

يقول الله تعالى Pالشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَO البقرة: 194

يعني لا تتجاوزوا الحق إذا اعتدي عليكم، اعتدوا بمثله لا بأكثر من مثله.

 قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه الإمام المجتبى عليه السلام بالنسبة لقاتله، ضربة بضربة يعني ضربة مقابل ضربة لا أكثرP وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَO النحل: 126

يعني إن لم لا تعاقبوا يكون أفضل، فإذا المبدأ الحاكم هنا هو العمل بهذه الآية جزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين. هذا مبدأ ولكن إدارة المجتمع لا يمكن أن تتم بمثل هذا فقط إذا كان المجتمع أو الحاكم يقوم بإدارة المجتمع على أساس هذا الأمر يعني المعاملة بالمثل هذا يسبب مشاكل في المجتمع حيث تتراكم الدعاوي في المحاكم القضائية، هذا يضرب ذاك وذاك يتلافى ويقاضي بضربة هذا يؤدي رفعه إلى المحكمة والمحكمة دائما يجب أن تعالج هذه المشكلة نعم الأساس أنه لا يجوز لأحد أن يعتدي على الآخر لأن هذا الذي  ابتدأ بهذا الاعتداء سبّب الاعتداء في الرد هذا هو السبب، فإذاً القانون هو يبتني على العدل،  العدل ماذا يقول:  إذا اعتدى أحد لا يترك لحاله يجب أن يعاقب ولكن قد تتغاضى عن هذه المعاقبة وتقول أنا عفوت! هذا شيء آخر، ولكن المبدأ الأولي هذا النظام الاجتماعي مرتكز على العدل.

  كما أن هناك حقوقا على الزوج بالنسبة لزوجته وعلى الزوجة بالنسبة لزوجها، الآن أي عائلة هكذا يتعامل أي امرأة تقول لزوجها أنا لا أغسل الثياب إذا تريد أن أغسل الثياب أنا أريد الأجر لها أن تأخذ الأجر هذا حكم الله أن لها هذا الحق ولكن أي امرأة هكذا تعيش مع زوجها وكذلك الرجل يمكن أن يقول أنا أعطيك لباسا تلبسينه وأعطيك ما تقتاتين به من الطعام رغيف خبز فقط لأن ما عليّ هو إطعام الزوجة وإكساء الزوجة فهذا حقك عليّ، هذا للمرافعة في الشكوى والدعوة يمكن يعالج ولكن بهذا لا يمكن أن نعيش في حياة فيها المودة. تشاهدون ببعض الأحيان أن المرأة تصل إلى مرحلة التفاني لزوجها فمن هنا تنبع التعاليم الإسلامية، وكذلك الرجل أيضا إلى حد الموت يشتغل وبكد يمينه يأتي بشيء حتى يعطي لزوجته ولأهله فهذا مع أنه كان يمكن أن يقول الحكم هكذا الله تعالى جعل عليّ أن أكسيكِ وأعطيكِ الطعام ليس أكثر من هذا فبهذا هل يمكن تبادل الحب بين الزوجين؟ إذاً نحن نقول إن الأساس هو العدل النظام الاجتماعي يرتكز على العدل ولكن هذه الحضارة الإسلامية هي بنيان وعمارة وهي بحاجة إلى أساس وبحاجة إلى أعمدة وإلى سقف وهذا السقف والأعمدة هذه هي شيء آخر غير هذا الأساس، الأساس هو العدل الأساس هو المعاملة بالمثل الأساس الحقوق المتبادلة في بداية الأمر كما يوجد في المحاكم ولكن إذا تريد أن تدير المجتمع والمجتمع بينهم تفاعل ويعيشون في عيشة فيها سكينة وليس إسكات. يمكن أن تسكت المجتمع بالرد بالمثل مثلاً ابنك اعتدى أنت تعتدي عليه، بهذا لا يمكن أن تربيه والله تعالى جعل شيئا آخر للنظام الاجتماعي للعلاقات الاجتماعية وهو:

ثانياً_  العفو والتفاهم في القضايا والحقوق الإنسانية: العفو والتفاهم بمنزلة السقف لهذا البنيان الذي أساسه العدل ولكن بحاجة إلى سقف يغطي هؤلاء على هذا الأساس الذي هو العدل فهذا هو العفو وما إلى ذلك كما تعرفون في آية القصاص، الله تعالى آخر الآية يوصي بالعفو مع أنك يمكن أن تستفيد من حقك و يمكن أن تتغاضى وتغض البصر عن حقك، نفس الدين الذي يقول Pوَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَاO نفس هذا الدين يصرح ويقول Pوَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِOالرعد:22؛ يعني أحسن إلى من أساء إليك كما قال بعض الأئمة المعصومين في حديث قد روي عنه عليه السلام أنه يقول:" أحسن إلى من أساء إليك" هذا هو نفس هذا المضمون في هذه  الآية

هذه هي الحياة المنشودة هذا هو العيش الهنيء، الله تعالى يوصي الناس بالتسامح فيما بينهم، مع أنه يوصي بالعدل فهذا العدل بعض الأحيان نحن بحاجة إليه نحن بحاجة إلى القوة بالنسبة للذي يتطاول علينا ودائما يريد أن يعتدي علينا، ولكن ليس لزوجتك حتى تجعل بيتك جهنم لأنك تقول إنها قالت كذا فإذا الرد بالمثل هكذا حتى يتفاقم الأمر وينتهي إلى شجار بينهما ويجعل الأسرة على وشك الانهيار. كما نرى للأسف الشديد بعض الأحيان أسمع شكوى رجل من زوجته أرى أنه لشيء تافه يريد أن يعرض عن زوجته ويحل العقدة المباركة بينهما،  وهناك بعض النساء لأشياء تافهة هي تثور على زوجها و تأبى عن الانقياد، وتجعل البيت في الحقيقة جهنم،  نعم  العدل لوحده لا يكفي  لكي تستقر المجتمعات وتستكين ولكي تكون السكينة مستقرة في هذه المجتمعات  بحاجة إلى الخلق الحسن بحاجة إلى العفو بحاجة إلى التفاهم فيما بيننا، يقول الله تعالى: أن الشيطان يريد أن ينزغ بينكم وعليكم أن تقولوا القول الحسن  يمكن أن تتحدث وتتفوه بكلمة هي تعبر عن حق ولكن هذه الكلمة كلمة لاذعة  ويمكن بهذه الكلمة اللاذعة أنت تجعل من يكون أمامك تجعله يزعل منك وبهذا يبتدأ المشاكل  ولكن إذا كنت تتحدث بقول حسن تريد أن توصل ما تريده من المفهوم ولكن بكلمات لينة وجميلة.

  التعاليم الإسلامية فيها وصايا كثيرة من جملة هذه الوصايا الوصية بالوحدة والتضامن قال الله تبارك وتعالى Pوَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَO آل عمران:103.

حبل الله هو القرآن حبل الله هو النبي حبل الله هو كتاب الله حبل الله هو الإمام العادل حبل الله هو نائب الإمام هذا هو حبل الله اعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وبعد ذلك يقول لهؤلاء المجتمع الذين كانوا يسمعون هذه الآيات يقول: "واذكروا إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا" هذه نعمة الإخوة عليكم أن تقدروا هذه النعمة ما هذه الشجارات؟ أنت من بلدة فلان وأنا من بلدة فلان أنت من هذا الحي وأنا من ذاك الحي هذه الأصوات المتفرقة هذه الأشياء تسبب الفرقة والفرقة لا خير فيها.

حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ الدِّمْيَاطِيُّ‌، ثنا عَبْدُ اللّٰهِ بْنُ صَالِحٍ‌، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ‌، عَنْ عَبْدِ اللّٰهِ بْنِ حُرٍّ، عَنْ الْقَاسِمِ‌، عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ‌، عَنْ رَسُولِ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‌: «إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الْإِنْسَانِ كَذِئْبِ الْغَنَمِ‌، يَأْخُذُ الْقَاصِيَةَ والشاردة، وإياكم والشعاب، وعليكم بِالْعَامَّةِ‌، والجماعة والمساجد». المعجم الكبير، ج20، ص164

  الذئب يقدر أن يأخذ من -أي الأغنام- الغنم القاصي الغنم الذي ابتعد الغنم الذي شرد من المجموعة وإياكم والشعاب أن تكونوا شعبة.. الخ...وعليكم بالعامة يعني عليكم أن تجتمعوا والجماعة والمساجد عليكم بأن تجتمعوا مع بعض وإذا تجتمعون هذا الشيطان لا يقدر أن يأخذكم ويتسلط عليكم كما أن الذئب يتسلط على الشارد الذي يريد أن يكون متفردا بعيدا عن الجماعة.

 وقال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة له في قسم من هذه الخطبة يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: ... قَدْ تَرَبَّعَتِ‌ اَلْأُمُورُ بِهِمْ فِي ظِلِّ سُلْطَانٍ قَاهِرٍ ... وَيَأْوُونَ إِلَى كَنَفِهَا بِنِعْمَةٍ لاَ يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنَ اَلْمَخْلُوقِينَ لَهَا قِيمَة ... نهج البلاغة، خطبة 192، الفقرتان 100 و104

قد تربعت الأمور بهم في ظل سلطان قاهر، سلطان قاهر يعني سلطان متمكن الذي يقدر أن يدير المجتمع، الأمور قد تربعت كل شيء يكون في مكانه والناس متحدون حول هذا الإمام العادل ويأوون إلى كنفها بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة كم للوحدة قيمة، لأن نكون مجتمعين والناس إذا كانوا متفرقين لا يقدرون أن يفعلوا شيئا. هناك شعر فارسي يقول: (معناه) إذا كان النمل مجتمعين يستطيعوا  أن يفترسوا الأسد الظالم هكذا يستطيع  النمل الصغير بأن يهجموا على الأسد هذا الحيوان الذي يكون قويا  هذا أمر الاجتماع اذا كنا مجتمعين نقدر أن نتغلب على أعدائنا هؤلاء المستكبرين إذا كنا متفرقين يستطيعون أن يحكمونا أن يظلمونا ولكن إذا كنا مجتمعين وحالنا معلومة في هذه الأيام إذا كانت الأمة الإسلامية وقياداتها كانوا مجتمعين مع بعض،كيف كانت تستطيع دويلة صغيرة بالنسبة لهذا المجتمع الكبير مليار مسلم وأكثر، مليارين مسلم هؤلاء إذا كانوا مجتمعين ما كانوا يستطيعون أن يتغلبوا على ثمانية ملايين من الصهاينة اليهود؟ هذا بما أنهم متفرقين هذا التفرق يؤدي إلى هذه المصيبة وهذه الكارثة كارثة تهجم وتجرؤ الصهاينة بالهجوم علينا.

على كل حال مفارقة الجماعة ليس عامل تقرب بل مدعاة للوقوع في حبائل الشيطان.

 وثانيا أريد أن أقول آثار الوحدة والمحبة الله تعالى في سورة الحجرات يقول Pوَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) O الحجرات: 10-9  

من الروايات هكذا نستفيد أن التفرق والابتعاد عن الوحدة يؤدي إلى سخط الله تعالى ولكن الوحدة يؤدي إلى سخط الشيطان، الشيطان يخاف من وحدتنا.

 

اَلْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ‌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْفُوظٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلنُّعْمَانِ‌ عَنِ اِبْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ‌: لاَ يَزَالُ إِبْلِيسُ‌ فَرِحاً مَا اهْتَجَرَ اَلْمُسْلِمَانِ‌ فَإِذَا اِلْتَقَيَا اِصْطَكَّتْ رُكْبَتَاهُ‌ وَتَخَلَّعَتْتفككت أَوْصَالُهُ وَنَادَى يَا وَيْلَهُ مَا لَقِيَ مِنَ اَلثُّبُورِالهلاك. الكافي، ج2، 346

مسلم هجر الآخر، لا يريد أن يكون معه لا يتحدث معه لا يريد أن يسلم عليه لا يرد سلامه، ابليس لا يزال فرحا عند هذا المنظر والمشهد، لا يزال ابليس فرحا ما اهتجر المسلمان فإذا التقيا يعني تركوا هذا الهجر وهذا التهاجر فإذا التقيا اصطكت ركبتاه يعني ارتجفت ركبتا الشيطان وتخلعت أوصاله ونادى يا ويلاه ما لقي من الثبور بسبب هذا الذي يؤدي إلى هلاكه أنه يرى أن هؤلاء بينهم التئام والوحدة عندما يرى التئامهما والتحامهما هذا يسخط الشيطان.

وكذلك رواية عن الإمام الصادق عليه السلام أبو حمزة الثمالي يروي عن الإمام الصادق عليه السلام:

مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ‌ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ اَلْحِمْيَرِيُّ‌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي اَلْخَطَّابِ‌ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ‌ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ اَلثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ قَالَ كَانَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ يَقُولُ‌: لَأَنْ أُصْلِحَ بَيْنَ اِثْنَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِينَارَيْنِ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ إِصْلاَحُ ذَاتِ اَلْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ اَلصَّلاَةِ وَ اَلصِّيَامِ‌. ثواب الأعمال، ص148

لفظة عامة هنا بمعنى الكثرة، يعني الكثير من الصلوات والصيام لكن الصلاة والصيام المستحبة أنت تقوم وتركع وتسجد كثيرا ولكن لا تهتم بأن تفصل الخصوم بين إخوانك وأن تقوم بإصلاح ذات البين، يجب أن تعرف أنك خسرت إذا تريد أن تربح إذا تحب الربح في ميزان أعمالك عليك أن تصلح بين أخويك.

ورواية أخرى عن : مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ‌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْقَمَّاطِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ‌ يَقُولُ قَالَ أَبِي عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ‌ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌: أَيُّمَا مُسْلِمَيْنِ‌ تَهَاجَرَا فَمَكَثَا ثَلاَثاً لاَ يَصْطَلِحَانِ إِلاَّ كَانَا خَارِجَيْنِ مِنَ اَلْإِسْلاَمِ وَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا وَلاَيَةٌ فَأَيُّهُمَا سَبَقَ إِلَى كَلاَمِ أَخِيهِ كَانَ اَلسَّابِقَ إِلَى اَلْجَنَّةِ يَوْمَ اَلْحِسَابِ‌. الكافي، ج2، ص345

 أيّما مسلمين تهاجرا يعني قام الهجر فيما بينهما فمكثا ثلاثا يعني ثلاثة أيام لا يصطلحان إلا كانا خارجين من الإسلام

هذا لحن قاس جداً خارجين عن الإسلام كيف أنت مسلم وتقوم بمهاجرة أخيك بأن تكون بعيدا عن أخيك لماذا لا تسلم عليه؟ لماذا لا ترد عليه؟ ولم يكن بينهما ولاية فأيهما سبق إلى كلام أخيه أيهما تبادرا وتسابقا وبادر بالكلام مع أخيه وجاء وسلم عليه كان السابق إلى الجنة يوم الحساب هو الفائز في هذه المسابقة إلى الجنة هو الأول لأنه هو بادر بالسلام هو بادر بترك الهجر.

الخطبة الثانية

 

نرفع أسمى آيات العزاء إلى ساحة وحضرة الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف بمناسبة ذكرى استشهاد مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام، كما أتقدم بالعزاء إليكم أيها المؤمنون والمؤمنات بهذه المناسبة الأليمة.

 أقرأ خطبة سيدة النساء عليها السلام الموجهة لجماعة من نساء المهاجرين والأنصار عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين عليه السلام قال حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ اَلْحَسَنِ اَلْقَطَّانُ‌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو اَلطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ حُمَيْدٍ اَللَّخْمِيُّ‌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ اَلْمُهَلَّبِيُّ‌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ‌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْحَسَنِ‌ عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: لَمَّا اِشْتَدَّتْ عِلَّةُ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ اِجْتَمَعَ عِنْدَهَا نِسَاءُ اَلْمُهَاجِرِينَ‌ وَ اَلْأَنْصَارِ فَقُلْنَ لَهَا يَا بِنْتَ رَسُولِ اَللَّهِ‌ كَيْفَ أَصْبَحْتِ مِنْ عِلَّتِكِ فَقَالَتْ أَصْبَحْتُ وَ اَللَّهِ عَائِفَةً لِدُنْيَاكُمْ قَالِيَةً لِرِجَالِكُمْ‌ لَفَظْتُهُمْ قَبْلَ أَنْ عَجَمْتُهُمْ وَشَنَأْتُهُمْ بَعْدَ أَنْ سَبَرْتُهُمْ فَقُبْحاً لِفُلُولِ اَلْحَدِّ وَ خَوَرِ اَلْقَنَاةِ‌ وَ خَطَلِ اَلرَّأْيِ وَ بِئْسَ مٰا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اَللّٰهُ عَلَيْهِمْ وَ فِي اَلْعَذٰابِ هُمْ خٰالِدُونَ‌. لاَ جَرَمَ لَقَدْ قَلَّدْتُهُمْ رِبْقَتَهَا وَ شَنَنْتُ عَلَيْهِمْ عَارَهَا فَجَدْعاً وَ عَقْراً وَ سُحْقاً لِلْقَوْمِ اَلظَّالِمِينَ وَيْحَهُمْ أَنَّى زَحْزَحُوهَا عَنْ رَوَاسِي اَلرِّسَالَةِ وَ قَوَاعِدِ اَلنُّبُوَّةِ وَ مَهْبِطِ اَلْوَحْيِ اَلْأَمِينِ وَ اَلطَّبِينِ بِأَمْرِ اَلدُّنْيَا وَ اَلدِّينِ - أَلاٰ ذٰلِكَ هُوَ اَلْخُسْرٰانُ اَلْمُبِينُ‌ وَ مَا نَقَمُوا مِنْ أَبِي حَسَنٍ‌ نَقَمُوا وَ اَللَّهِ مِنْهُ نَكِيرَ سَيْفِهِ وَ شِدَّةَ وَطْأَتِهِ وَ نَكَالَ وَقْعَتِهِ وَ تَنَمُّرَهُ فِي ذَاتِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اَللَّهِ لَوْ تَكَافُّوا عَنْ زِمَامٍ نَبَذَهُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ لاَعْتَلَقَهُ وَ لَسَارَ بِهِمْ سَيْراً سُجُحاً لاَ يَكْلُمُ خِشَاشُهُ وَ لاَ يُتَعْتَعُ رَاكِبُهُ وَ لَأَوْرَدَهُمْ مَنْهَلاً نَمِيراً فَضْفَاضاً تَطْفَحُ ضِفَّتَاهُ وَ لَأَصْدَرَهُمْ بِطَاناً قَدْ تَخَيَّرَ لَهُمُ اَلرَّيَّ‌ غَيْرَ مُتَحَلٍّ مِنْهُ بِطَائِلٍ إِلاَّ بِغَمْرِ اَلْمَاءِ وَ رَدْعِهِ سَوْرَةَ‌ اَلسَّاغِبِ وَ لَفُتِحَتْ عَلَيْهِمْ بَرَكَاتُ اَلسَّمَاءِ وَ اَلْأَرْضِ وَ سَيَأْخُذُهُمُ اَللَّهُ بِمٰا كٰانُوا يَكْسِبُونَ أَلاَ هَلُمَّ فَاسْمَعْ‌ وَ مَا عِشْتَ أَرَاكَ اَلدَّهْرُ اَلْعَجَبَ وَ إِنْ تَعْجَبْ وَ قَدْ أَعْجَبَكَ اَلْحَادِثُ إِلَى أَيِّ سِنَادٍ اِسْتَنَدُوا وَ بِأَيَّةِ عُرْوَةٍ تَمَسَّكُوا اِسْتَبْدَلُوا اَلذُّنَابَى وَ اَللَّهِ بِالْقَوَادِمِ وَ اَلْعَجُزَ بِالْكَاهِلِ فَرَغْماً لِمَعَاطِسِ قَوْمٍ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً - أَلاٰ إِنَّهُمْ هُمُ اَلْمُفْسِدُونَ وَ لٰكِنْ لاٰ يَشْعُرُونَ - أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى اَلْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاٰ يَهِدِّي إِلاّٰ أَنْ يُهْدىٰ فَمٰا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ - أَمَا لَعَمْرُ إِلَهِكَ لَقَدْ لَقِحَتْ فَنَظِرَةٌ رَيْثَمَا تُنْتَجُ ثُمَّ اِحْتَلَبُوا طِلاَعَ اَلْقَعْبِ دَماً عَبِيطاً وَ زُعَافاً مُمْقِراً هُنَالِكَ يَخْسَرُ اَلْمُبْطِلُونَ‌ وَ يَعْرِفُ اَلتَّالُونَ غِبَّ مَا أَسَّسَ اَلْأَوَّلُونَ ثُمَّ طِيبُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ أَنْفُساً وَ اِطْمَئِنُّوا لِلْفِتْنَةِ جَأْشاً وَ أَبْشِرُوا بِسَيْفٍ صَارِمٍ وَ هَرْجٍ شَامِلٍ وَ اِسْتِبْدَادٍ مِنَ اَلظَّالِمِينَ يَدَعُ فَيْئَكُمْ زَهِيداً وَ زَرْعَكُمْ حَصِيداً فَيَاحَسْرَتَى لَكُمْ وَ أَنَّى بِكُمْ وَ قَدْ عُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَ نُلْزِمُكُمُوهٰا وَ أَنْتُمْ لَهٰا كٰارِهُونَ‌. معاني الأخبار، ص355

وأما بالنسبة لما حدث لأهلنا في غزة، غزة لم تركع ولم ترضخ وإنما بقيت صامدة والفلسطينيون المقاومون أملوا شروطهم على الصهاينة المجرمين.  هذا انتصار. حتى وإن لم تستمر هذه الهدنة بعد أربعة أيام والبعض يرون أن هذه الهدنة ستستمر، ولكن إذا لم تستمر أيضا هنا يوجد انتصار لإخواننا في غزة بما أنهم بإملائهم شروطهم أجبروا وفرضوا على الصهاينة أن يقبلوا ما كانوا يقولون.  قالوا سيحررون خمسين من غير العسكر مع أن الجميع عسكريون، مقابل مئة وخمسين من الأطفال المسجونين في السجون الصهاينة وكذلك النساء؛ هذا انتصار.  لا تقولوا لم ينتصروا بل انتصروا بسبب صمودهم.

 إذا جُلي الغبار سترون ماذا سيحدث في الأراضي المحتلة وبدأنا نرى ماذا سيكون فيما بعد ان شاء الله.

 الله تعالى سيشغلهم بأنفسهم وسنرى صراعهم الداخلي. ولكن هذا التقدم وهذا الخطوة المباركة كما ترون لا يسمى إلا الانتصار تحية إلى المجاهدين مجاهدي محور المقاومة في جميع محور المقاومة الذين ساندوا ودعموا إخوانهم في فلسطين البطلة وبإذن الله تعالى سنرى الانتصار الشامل بإذن الله تعالى وتحرير الأراضي المحتلة من البحر الى النهر بإذن الله وسنصلي في القدس الشريف بعون الله تعالى ولنا وعلينا أن ندعو عند الله ونتوسل بأحب الناس عند الله تعالى برسول الله وبآله المعصومين، والحمد لله رب العالمين.