۲٠۲٣/۱۲/۱۱ ۱۹:٤۷:۱۲
خطبة الجمعة لسماحة حجة الاسلام والمسلمين الشيخ حميد صفار الهرندي (أعزه المولى) بتاريخ 24 جمادى الأولى 1445


 

                                                    بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ حميد الصفار الهرندي (زيد عزه) ممثل الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) في سورية، بتاريخ 24 جمادى الأولى 1445 ه.

 

الخطبة الأولى:

 

الوحدة هي من الأمور الأساسية لحياة المجتمع فعلاقتنا تتم بالوحدة فيما بيننا.

في هذه الخطبة أتحدث عن آثار الفرقة والعداوة منها فرح الشيطان، عداوتنا بعضنا مع بعض هذه تسبب فرحاً للشيطان،  كما أن وحدتنا وحبنا المتبادل فيما بيننا يكون سببا لغضب الشيطان وبغض الشيطان واستياء الشيطان اَلْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ‌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْفُوظٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلنُّعْمَانِ‌ عَنِ اِبْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ‌: لاَ يَزَالُ إِبْلِيسُ‌ فَرِحاً مَا اهْتَجَرَ الْمُسْلِمَانِ‌ ... الكافي، ج2، 346

أبو بصير كان رجلا ضريرا فلذلك كنَّ بأبي بصير مع أنه فاقد للبصر ولكن هو لا يفقد البصيرة بل هو إنسان بصير وفيّ لدينه فلذلك هكذا كني بكنية أبو بصير. كان خيار صحابة الإمام جعفر الصادق عليه الصلاة والسلام.

هنا يقول الإمام الصادق عليه السلام لا يزال إبليس فرح ما اهتجر المسلمان فعلينا ألا نتهاجر بعضنا مع بعض لا نفترق بعضنا من بعض لأن هذا يفرح الشيطان.

  عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ‌ عَنْ أَبِيهِ‌ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ اِبْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ‌ قَالَ‌: إِنَّ الشَّيْطَانَ‌ يُغْرِييفسد بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ مَا لَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمْ عَنْ دِينِهِ‌ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ اِسْتَلْقَى عَلَى قَفَاهُ وَتَمَدَّدَ ثُمَّ قَالَ فُزْتُ ... الكافي، ج2، ص345

حديث آخر عن زرارة عن أبي جعفر زرارة ابن أعين له أخ اسمه غير زرارة هناك حمران ابن أعين هؤلاء كانوا إخوة من صحابة الإمام الباقر عليه السلام والإمام الصادق عليه السلام، زرارة هو من أفضل صحابة الإمام الصادق عليه السلام فهو ممن نفتخر به كصحابي مؤمن وفيّ عالِم. هذه الرواية يرويها زرارة عن الإمام الباقر عليه السلام عن أبي جعفر عليه السلام قال إن الشيطان يغري بين المؤمنين يعني يفسد بين المؤمنين ما لم يرجع أحدهم عن دينه فإذا فعلوا ذلك استلقى على قفاه وتمدد ثم قال فزت. هكذا يفعل الشيطان ويكون آملا لتفريق المؤمنين وهو يصبر ويصر ويلح ويأتي ويذهب ويوسوس ويستمر بهذه الوسوسة حتى ينجح، علينا أن نفشل مخططات الشيطان بمخالفة هوانا ومخالفة الشيطان.

الإمام عليه السلام يقول إن الشيطان يغري بين المؤمنين ما لم يرجع أحدهم عن دينه يعني يحاول أن يخرجه عن دين الله بهذا الإفساد بين المؤمنين بهذا التفريق يؤدي إلى فقد دينه هذا الذي يصر أن يتبع الشيطان هو طبعا يتابع خطى ويتبع خطوات الشيطان فإذا فعلوا ذلك وافترقوا مع بعض فالشيطان يرتاح ويستلقي على قفاه ويتمدد ثم يقول فزت.

مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ‌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْقَمَّاطِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ يَقُولُ قَالَ أَبِي عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ‌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ‌: أَيُّمَا مُسْلِمَيْنِ‌ تَهَاجَرَا فَمَكَثَا ثَلاَثاً لاَ يَصْطَلِحَانِ إِلاَّ كَانَا خَارِجَيْنِ مِنَ الْإِسْلاَمِ ولَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا وَلاَيَةٌ ... الكافي، ج2، ص345

أيّما مسلمين تهاجرا فمكثا ثلاثا لا يصطلحان يعني لا يتصالحان إلا كانا خارجين من الإسلام ولم يكن بينهما ولاية هذا لحن غريب فكيف نحن نستصغر مثل هذه الذنوب نظن أننا إذا كنا قد هاجرنا إخوتنا هذا شيء بسيط يقول النبي صلى الله عليه واله وسلم إذا طالت هذه الهجرة وهذا الهجر ثلاثة أيام هذا يؤدي إلى الخروج من الدين لا يناسب ولا يصلح ولا يليق بمؤمن أن يهجر أخاه.

وفي رواية أخرى إخواننا السنة يروون هذه الرواية عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دُحَيْمٍ الدِّمَشْقِيُّ‌، ثنا أَبِي، ثنا عَبْدُ اللّٰهِ بْنُ يَحْيَى الْمَعَافِرِيُّ‌، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ‌، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ‌: «مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَهُوَ فِي النَّارِ، إِلَّا أَنْ يَتَدَارَكَهُ اللّٰهُ بِكَرَمِهِ‌». المعجم الكبير، ج18، ص315

إذاً بكرمه يتعامل مع هذا العبد ربما يغفر عن ذنبه وإلا المصير المحتوم له النار.  إذا بقي على هذه الحالة بأن يهاجر أخاه ويتهاجران.

 رواية أخرى أيضا عن طرق السنة قَالَ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ‌: هَجْرُ الرَّجُلِ أَخَاهُ سَنَةً كَسَفْكِ دَمِهِ‌. جامع الأحاديث، ص145.

يعني إذا يطول هذا الهجر سنة كأنك سفكت دم أخيك هذا مثال لعظمة هكذا التصرف يعني هذا التصرف لا يليق بالمؤمن عليه أن يكف عن مثل هذه التصرفات.

اَلْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْقَاسِمِ بْنِ اَلرَّبِيعِ‌ وعِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ رَفَعَهُ قَالَ فِي وَصِيَّةِ الْمُفَضَّلِ‌ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَقُولُ‌: لاَ يَفْتَرِقُ رَجُلاَنِ عَلَى الْهِجْرَانِ إِلاَّ اسْتَوْجَبَ أَحَدُهُمَا الْبَرَاءَةَ واللَّعْنَةَ وَرُبَّمَا اسْتَحَقَّ ذَلِكَ كِلاَهُمَا فَقَالَ لَهُ مُعَتِّبٌ: جَعَلَنِيَ اَللَّهُ فِدَاكَ! هَذَا الظَّالِمُ فَمَا بَالُ الْمَظْلُومِ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ لاَ يَدْعُو أَخَاهُ إِلَى صِلَتِهِ وَلاَ يَتَغَامَسُ/لا يتعامَسُلا يتغافل لَهُ عَنْ كَلاَمِهِ.‌ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: إِذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ فَعَازَّجار ومال عن الحق أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلْيَرْجِعِ الْمَظْلُومُ إِلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَقُولَ لِصَاحِبِهِ: أَيْ أَخِي، أَنَا اَلظَّالِمُ! حَتَّى يَقْطَعَ الْهِجْرَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَكَمٌ عَدْلٌ يَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ‌. الكافي، ج2، ص344.

رواية أخرى عن الإمام الصادق عليه السلام عن أحمد بن محمد بن خالد رفعه حديث مرفوع قال في وصية المفضل، مفضل بن عمر هو من صحابة الإمام جعفر الصادق عليه السلام هو خبيرا في مجال العقيدة كان عنده علوم جمة اكتسبها وانتهلها من منهل نمير علم الأئمة، هذا النمير الفضفاض من العلم من هؤلاء المعصومين عليهم الصلاة والسلام، المفضل يقول سمعت أبا عبدالله عليه السلام يعني سمعت الصادق عليه السلام يقول: لا يفترق رجلان (يعني رجلان مؤمنان) على الهجران إلا استوجب أحدهما البراءة واللعنة، أحدهما هو على حق، والآخر يستوجب اللعنة،  وبعد ذلك استدرك الإمام بهذا القول وقال: ربما استحق ذلك كلاهما، يعني اللعنة على كليهما، كيف؟  فقال له معتّب، معتّب اسم شخص هو سأل الإمام جعلني الله فداك هذا الظالم فما بال المظلوم، هذا لم يكن مقصرا هو الذي هجر أخاه هذا ما كان يرضى أن يهجر أخاه فلماذا كلاهما؟  فلماذا اللعنة على كليهما؟ الظالم نعم ولكن هذا المظلوم لماذا يلعنه الإمام؟ هكذا يقول قال عليه السلام: لأنه لا يدعو أخاه إلى صلته،  تتذكرون في كلامنا حول الصلة وعدم قطع الصلة مع إخوانك ومع أهلك قال عليه السلام: صل من قطعك، هو قطعك ولكن أنت تقدر أن تذهب عنده وتستميله وتطلب منه أن يأتي ولا يهجرك، مع أنه هو البادئ هو الذي بدأ بهذا الهجر ولكن أنت يجب عليك أن تتقدم وتقترح وتقول نحن إخوة لا يصلح لنا أن نكون متهاجرين بل يجب علينا أن نتصالح مع بعضنا البعض، هذه الرواية نفس المضمون، الإمام عليه السلام يقول هو هاجرك  فلماذا أنت لم تذهب عنده وتطلب منه أن يرجع كان عليك أن تذهب وتقول... ولا يتعامس له عن كلامه، يعني ولا يتغافل له عن كلامه التغافل عن كلامه السيء مثلا، يتغافل عنه لماذا لم يتغافل عن الشيء الذي هو كان بظهر غيبه كان عليه يقول سمعت أنه يقول عليّ كذا عليك أن تتغافل عما قال هو عليك كأنه لم يقل شيئا  كأنك لا تعرف، عليك أن تتغافل لا تغفل  أنت تعرف لست غافلا  ولكن مع أنك تعرف عليك أن تغض البصر عن خطاه وتتغافل عنه، الإمام هكذا يؤنبهم ويقول لماذا لم يتغافل كان عليه أن يتغافل، بعد ذلك يقول الإمام الصادق عليه السلام سمعت أبي عليه السلام يقول الإمام الباقر هكذا كان يقول: إذا تنازع اثنان فعاز أحدهما الآخر، عازه يعني جار عليه ظلمه ومال عن الحق، إذا تنازع اثنان فعازّ أحدهما الآخر يعني فليرجع المظلوم إلى صاحبه حتى يقول لصاحبه: أي أخي أنا الظالم أي حرف نداء للقريب  أي أخي، هذا معناه أن الإمام يدلنا أن نتحدث بلسان محبة بلغة المحبة حيث كأنك أقرب شخص إليه، لا يقول قل له يا أخي بل يقول أي أخي يعني أنت القريب مني، أي أخي أنا الظالم مع أنه هو المظلوم  ولكن يقول أنا الظالم حتى يقطع الهجران بينه وبين صاحبه، يعني هو هكذا يقضي على هذه المشكلة بأن يقول نعم أنا الظالم أنا المقصر مع أنه ليس مقصرا ذاك هو المقصد حتى يستحيي من عمله ذاك ويرى أن هذا المظلوم يأتي ويقول أنا الظالم، وقال: فإن الله تبارك وتعالى حكم عدل يأخذ للمظلوم من الظالم لا تقلق بشأنك الله تعالى يأخذ حق المظلوم من الظالم، هذا بيد الله تعالى هو حكم عدل، الله يقضي حقا يحكم حقا ويعرف أنك المظلوم ولست ظالما ولكن لفصل هذه الخصومة عليك أن تبادر بهذه المبادرة.

  وأما أمر آخر بالنسبة للفرقة وفساد الفرقة ونتائج الفرقة قال النبي صلى الله عليه وآله: ... يَا أَبَا ذَرٍّ، إِيَّاكَ وَالْهِجْرَانَ لِأَخِيكَ الْمُؤْمِنِ‌، فَإِنَّ الْعَمَلَ لاَ يُتَقَبَّلُ مَعَ الْهِجْرَانِ‌. الأمالي للطوسي، ص538.

يا أبا ذر إياك والهجران لأخيك المؤمن فإن العمل لا يتقبل مع الهجران يعني هذا الهجران يعيق بينك وبين أعمالك القُربية مثل صلاتك لا تقربك إلى الله تعالى إذا كنت وأخاك متهاجران.

 

 

 

 

 وأما بالنسبة لأمر الإصلاح بين الأخوين المؤمنين المتهاجرين علينا أن نقوم بما نستطيع بما نقدر علينا أن نقوم بهذا نقول شيئا كذبا ولو إذا استطعت أن تأتي وتقول فلان يبلغك السلام فلان يتكلم عنك بخير فلان دائما يذكرك بخير هو لا يتوقع هذه الأشياء حتى تجعل تلين قلبه إلى أخيه هذا حديث في وصايا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أمير المؤمنين عليه السلام النبي يَا عَلِيُّ‌ ثَلاَثٌ يَحْسُنُ فِيهِنَّ الْكَذِبُ الْمَكِيدَةُ فِي اَلْحَرْبِ وَعِدَتُكَ زَوْجَتَكَ وَالْإِصْلاَحُ بَيْنَ النَّاس ... الفقيه، ج4، ص59.

يا علي ثلاث يحسن فيهن الكذب من هذه الثلاث هو ماذا والإصلاح بين الناس للإصلاح بين الناس يمكنك أن تقول شيئا كذبا فهذا ليس حراما بل هو ممدوح مستحب والله يحب أن تجعل

أن تقضي على هذه الفرقة بين أخويك فهذا أمر مهم يجب علينا أن نعرف هذه المصلحة مصلحة مهمة بحيث أنه سبب أن يكون مسوغا للكذب، الكذب الذي دائما نسمع أن أهل البيت (عليهم السلام) كانوا يحذرون الناس عن الكذب.

 

 

الخطبة الثانية

 

قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا هذه الآيات من سورة الأحزاب في هذه الآيات الله تعالى يرسم لنا ويصور لنا تصويراً من غزوة الأحزاب، حيث اجتمع جميع الأحزاب، والذي اقترح هذه الحرب وشجع المشركين عليها هم يهود بني النضير حيث جاءوا إلى مشركي قريش في مكة ووعدوهم بدعمهم ونصرتهم، وهؤلاء أيضاً كانوا مدعومين من قبل اليهود المتبقين في المدينة المنورة أيّ يهود بني قريضه. وكذلك كثير من القبائل المشركة في الجزيرة العربية من بني غضفان و بني الأسد و بني مرة وما شابه ذلك، هؤلاء كلهم اجتمعوا للقضاء على الإسلام على حد قولهم أحدوثة محمد صلى الله عليه وآله، فهم كانوا يظنونه أحدوثة، وهي رسالة إلهية والله تعالى قد أرسله والله تعالى قد ضمن النصرة لهذه الرسالة، هؤلاء اجتمعوا وكان عددهم أكثر من عشرة آلاف، جنود كلهم مسلحون بأسلحة متطورة في تلك الآونة في الجزيرة العربية، والمسلمون كانوا يفقدون مثل هذه الأسلحة وعددهم لم يبلغ عدد جيش المشركين، الذي يبلغ عدده أكثر من ثلاثة آلاف جندي،  الله تعالى قد ألهم نبيه وأوحى إلى نبيه أن يستشير المؤمنين، هل يريدون أن يقاتلوا خارج المدينة أو داخل المدينة؟ على كل حال اتفقوا على اقتراح سلمان الفارسي بحفر خنادق حول المدينة، قسم من التحصينات الطبيعية هي الأراضي الوعرة حول المدينة، هذه الأحجار الخشنة التي ما زالت موجودة حتى الآن التي تسمى حرّة، والجيش لا يقدر أن يتحرك على هذه الأحجار، والمدينة كانت محصنة بهذه الحرّة من جانب وهناك جوانب أخرى ...النبي صلى الله عليه وآله وسلم استحسن اقتراح سلمان وحفروا خندقا حول المدينة حتى يكونوا متحصنين بهذا الحصن، والكفار عندما وصلوا بدأوا يحتجون فهذه الغزوة طويلة الأمد، لفترة طويلة أكثر من شهرين طالت هذه المصارعة بين المسلمين وبين المشركين، والأحزاب ما كانوا يتصورون أن يكبّد عليهم هكذا هزيمة، هؤلاء كانوا  مطمئنين وكانوا متأكدين من فوزهم ومن الفتح على المسلمين  وكانوا ينوّون أن يهجموا على المدينة المنورة ويهدموا البيوت وينهبوا وما إلى ذلك مما كانوا يظنون ويخططون، والله تعالى هكذا أراد يقول الله تعالى: هذه نعمة من الله،  أنه في هذه الآونة أرسل إليكم ريحاً فهذه الريح كانت لها أثر أساس في هزيمة الكفار،  وكذلك أرسلنا جنوداً هذه الجنود لم تكونوا ترونهم، هؤلاء الملائكة الذين أرسلهم الله تعالى لكي يرفعوا معنويات الناس ما كانوا يقاتلون وما كانوا يحملون السلاح بل هؤلاء كانوا يقوّون النفوس حتى يستطيع المؤمن أن يقاتل هؤلاء العمالقة من العرب لو صح التعبير، شخص مثل عمرو بن عبد ود العامري هو عملاق  كبير قوي من أقوى صناديد العرب فلا يتجرأ أحد أن يقوم للمبارزة والمقاتلة معه، فهو كان يطعنهم بهذا القول إذا أنتم تريدون أن تسرعوا إلى جنتكم عليكم أن تأتوا وتتقاتلوا معي، فالإمام أمير المؤمنين قاتله وتعرفون القصة.  |أقول لكم تلك الآونة كانت هكذا حيث يصوّر لنا القرآن إذ جاؤوكم من فوقكم، من فوق المدينة جماعة منهم من فوق المدينة كانوا يريدون أن يهجموا،  ومن أسفل منكم، واذ زاغت الأبصار زاغت يعني مالت، مالت من الخوف كأنها تحدق هذه الأبصار من الخوف إلى جانب، وبلغت القلوب الحناجر يعني كأنكم تشعرون بالموت، بالخناق، وتظنون بالله الظنون، بعض ضعاف الإيمان كانوا يقولون اليوم سيقضون على محمد صلى الله عليه وآله وسلم فلندبر لمستقبلنا  ولا نهدم الجسور خلفنا حتى نرجع إلى الجاهلية    هؤلاء الضعاف هكذا يظنون بالله الظنونا، هنالك ابتلي المؤمنون، المؤمنون ليس المنافقون، ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا، أنتم جربتم مثل هذه الأحداث أحداث الأحزاب، الأحزاب هجموا على هذا البلد وأنتم ممكن في فترة أهالي فوعة وكفرية ونبل والزهراء والسيدة زينب وكثير من النقاط في هذا البلد هم شعروا بأنه هذا زلزال، زلزلوا زلزالا شديدا ارتجفوا خافوا على أنفسهم، طبيعي أنهم يخافون على أنفسهم المؤمنون، في الأحزاب هكذا كانوا  ولكن الله تعالى أيّدهم أرسل لهم هذه النعمة، النعمة هي ريح هبت ودحرت هؤلاء المشركين  بحيث أنهم كانوا يهربون بسرعة وتركوا القدور التي كانوا قد جعلوها على المواقد كانوا قد جعلوها على النار حتى يطبخوا تركوها وهربوا، هكذا الله تعالى قدر لهم هذا النصر الذي ما كان يستطيع أحد أن يفهم،  اليوم يوم الأحزاب مرة أخرى، نحن ربما قد زلزلنا زلزالا شديدا وربما نكرر ما قالته تلك الأمة حيث قالوا وزلزلوا، حتى يقول الرسول والذين معه متى نصر الله،  كم نردد هذا متى نصر الله متى يأتي نصر الله تعالى؟ متى يأتي فتح الله تعالى؟  ألا إن نصر الله قريب، هؤلاء المؤمنون في غزة ما حفروا خنادق ولكن حفروا أنفاق كتحصينات لهم، فنحن متفائلون بهذه الأنفاق حتى تلعب دور ذاك الخندق الذي حفر حول المدينة المنورة، الناس طبعا في هذه الآونة زلزلوا زلزالا شديدا، نحن ننتظر نصر الله تعالى ننتظر أن تهب هذه الرياح وتنزل هذه الجنود التي نحن لم نقدر أن نراها، ومرة أخرى يكتب لنا نصرا عاجلا مؤزرا إن شاء الله تعالى، فعلينا أن نصبر، مع أن المنافقون ماذا يقولون؟ وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ليسوا بدرجة النفاق ولكن في قلبهم مرض يميلون يوم في هذه الجهة ويوم بتلك الجهة همج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم كما يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.

هؤلاء ماذا يقولون ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا أنتم وعدتمونا بالنصر أين النصر ؟ ما وعدتم إلا الغرور، الغرور هنا بمعنى الخداع نستجير بالله هؤلاء اتهموا الرسول بالخداع قالوا ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا يعني إلا خداعا، ولكن الله تعالى يأمرنا بالصبر والاستقامة، وبإذن الله سنعانق النصر، النصر النهائي إن شاء الله وبإذن الله تعالى سنصلي جميعا في القدس الشريف بعد تحرير كل فلسطين بإذن الله تعالى.