۲٠۲٤/٠۲/٠۵ ۲۱:٤٠:٤٠
خطبة الجمعة لسماحة السيد الدكتورر عبد الله نظام بتاريخ 21 رجب 1445


                                                                             بسم الله الرحمن الرحيم

 

خطبة الجمعة لسماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد عبد الله نظام (زيد عزه) بتاريخ 21 رجب الأصب 1445 ه.

 

الخطبة الأولى:

 

أيها الأعزّة يقول لنا واقع حياة الأمة الإسلامية أن هنالك ارتباطا بين المضمون الإنساني للأمة وبين الواقع الذي تعيشه كلما كان المضمون أعلى وأرقى وأكثر ارتباطا بالله عز وجل كلما كان الواقع أكثر فلاحا ونجاحا، وكلما كان الواقع الذي تعيشه الأمة واقعا أقل ارتباطا أضعف ارتباطا بالله عز وجل كان الواقع الذي تعيشه الأمة أكثر إشكالا وأكثر سوءا.  نبينا صلى الله عليه وآله وسلم حذّر المسلمين من أن يكون ارتباطهم بالله عزّ وجل ضعيفا من أن يكونوا بلا مضمون، فقال صلى الله عليه وآله وسلم يوشك أن تداعى عليكم الأمم تداعى الأكلة إلى قصعتها قالوا أمن قلة نحن يا رسول الله؟  قال: لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل غثاء السيل هو الزبد الذي يطفو على وجه الماء هو زبد لا قوام ولا مضمون ولا محتوى له، عندما تصبح الأمة خاوية خالية من المضمون تتداعى عليها سائر الأمم فإنه في هذا العالم لا يوجد إلا شيء واحد هو منطق القوة ومنطق الوحدة، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفّرّقوا.  ربّنا جل شأنه ربط بين عمل الإ نسان وبين واقع الحياة الدنيوية التي يعيشها الإنسان كلما كان ذلك الواقع بعيدا عن الدين كما نحن الآن الناس لا يبالون لا بالحلال ولا بالحرام الناس لا يبالون بالواجبات الشرعية التي عليهم أن يلتفتوا إليها ويقوموا بها وليس الواجب الشرعي هو مجرد الصيام والصلاة. أيها الأعزّة الإسلام هو منهج كامل للحياة يتعلق بعبادتك ويتعلق بسلوكك وبخلقك وبعلاقاتك الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية وكل ما له ارتباط بحياتك. أيّها الإنسان الله عز وجل جعل لكل واقعة حكما لكل مسألة هنالك في كل مسألة دخل للدين، إمّا أن يقول لك الإسلام هذا صواب وصحيح وإما أن يقول لك هذا خاطئ ومحظور.  أيها الأعزّة علينا أن نلتفت إلى ذلك قالوا أمن قلة نحن يا رسول الله قال لا الآن كم هو عدد المسلمين يتجاوز عدد المسلمين المليار وثلاثمائة مليون في بعض الاحصائيات مليار ونصف مليون إنسان هذا المليار ونصف إنسان تتحكم بهم فئات ضعيفة كالصهيونية العالمية والأمبريالية الأمريكية كم عدد هؤلاء الصهاينة في فلسطين؟ كم هو؟  خمس ملايين ست ملايين سبع ملايين هذه السبعة ملايين تفرض إرادتها على العالم العربي والعالم الإسلامي، هذا هو من مصاديق حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كيف تم هذا تم من خلال أننا غثاء السيل تم من خلال أنه لا مضمون لنا لا إيمان ولا اعتقاد ولا سلوك ولا دين ولا أخلاق ولا شيء.

الأخ لا يرأف بأخيه، العلاقة مع الله علاقة هامشية جدا، يعني بالكاد الناس يصلون ويصومون، بعض الناس يصلون ويصومون وحتى بين هؤلاء الذين يصلون ويصومون إذا نظرنا إلى أخلاقهم إلى سلوكهم إلى معاملاتهم إلى طبيعة تفكرهم نجد أنهم بعيدون كل البعد عن الإسلام، لذلك أيها الأعزة نحن بحاجة الواقع للعودة إلى ربنا بحاجة لأن نصحح كثير من علاقاتنا وأفكارنا وعقائدنا.  نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أمره ربه في كتابه الكريم أن يعد نفسه للمواجهة الكبرى مع الكفار في سورتي المزمل والمدثر وهو نبي مرسل من الله عز وجل قال له يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو أنقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا.  في أعباء للرسالة  هنالك جهات ستواجهه صعوبات ستقابلها  عليك أن تكون مستعدا لها يا محمد إذا كان النبي الأعظم هو بحاجة إلى الإعداد  كيف بنا نحن أيها الأعزة   كم نحن بحاجة إلى الإعداد  إلى الاستعداد حتى نستطيع أن نقف في وجه عدونا ربنا جل شأنه في كتابه الكريم قائلا : (يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر)   اجعل ربك أكبر كل شيء في حياتك  لا تخشى  إلا الله لا تكن إلا مع الله هذا الذي يريده  الله عز وجل نحن أيها الأعزة نخشى الكثير من الأشياء ونقدمها على الخشية من الله ولذلك نحن في الواقع لا نحصل على شيء نحن في الواقع نبقى في حياة الانكسار وحيا الهزيمة ما دمنا هكذا بعيدون عن الله عز وجل . ربنا جل شأنه قال في كتابه الكريم (ولينصرنَّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز) ولينصرن الله من ينصره يعني هنا يوجد شرط أن تنصر الله حتى ينصرك الله في آية أخرى أن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم. في سورة الأنفال عندما تحدث عن الجهاد قال ربنا في كتابه الكريم مخاطبا المسلمين الأوائل ليكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين يعني  الإنسان المسلم الواحد في مقابل عشرة من المشركين  كل واحد مؤمن هو في قبال عشرة من المشركين لقوة إيمانه لقوة مضمونه ومحتواه بعد ذلك الله عز وجل لما كثر عدد المسلمين ودخل فيهم الكثير من أبناء القبائل هنا وهناك بعضهم طمع في المغنم بعضهم مسايرة للوقت  قال الآن علم الله أن فيكم ضعفا  قال الآن خفف الله عنكم  وعلم أن فيكم ضعفا أيكم منكم مائة صابرة يغلب مائتين وأيكم منكم ألف يغلب ألفين الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا هذا الضعف في أي شيء أيها الأعزة ضعف في العدد؟ العدد كان يزداد ضعف في القوة المالية المادية؟ القوة المادية تزداد وتتعاظم الضعف في أي شيء هو الضعف في المضمون الضعف في الإيمان الضعف في المضمون الشخصي للإنسان، لذلك هذا الإنسان الذي هو ضعيف من الداخل لا يستطيع أن يقف في قبال أكثر من شخصين لذلك إن كان هنالك دواء لهذه الأمة وإن كان هنالك طريق للخلاص من مشكلاتها فهذا الطريق وهذا الدواء هو الإيمان هو تعزيز المضمون الشخصي للإنسان الاقتراب أكثر من الله عز وجل اليقين بما وعد الله عز وجل.  ربنا جل شأنه ذكر في كتابه الكريم ﴿   إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ﴾ هذه الكلمات فيها مضمون تشير إلى مسألة أن الله وعدكم وأنتم ربما لا تعتقدون لا تصدقون هذا الوعد  لذلك أكد علينا قائلا ومن أصدق بوعده من الله  المطلوب منا أن نصدق وعد الله أن نعتقد بما أنزل الله أن نعمل بحسب هذا الاعتقاد عندئذ ستأتينا الغلبة ويأتينا النصر من عند الله إذا أيها الأعزة هنالك طريق واحد لا غير هو الإيمان هو الإسلام هو العودة إلى الله عز وجل

 

الخطبة الثانية

 

في الواقع شهري رجب وشعبان علاوة على فضلهما، فإنهما مملوان بالمناسبات الدينية والموالد الشريفة سأتكلم عن كل واحدة من هذه القضايا الثلاث كلمات مختصرة بالنسبة إلى مولد أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه أولا الإمامة لطف من الله عز وجل كما النبوة يعني هي دليل على حب الله وعنايته بعباده أن جعل لهم أئمة يهدونهم ويحفظون دينهم والأسباب الموضوعية لذلك الجعل هي معروفة من التاريخ الإسلامي فإن أكثر من ثمانين بالمئة تسعين بالمئة من المسلمين عاشوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يقارب العامين  يعني عاصروه مع عدم وجود أي وسيلة من وسائل التواصل أو السفر أو أي شيء لذلك أكثرهم أسلم ولم يره  وبالتالي لم يستطع أن يأخذ ما يكفيه من العقيدة من تعاليم الدين من النبي صلى الله عليه وآله وسلم  وأمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه يسأله أحد أصحابه يقول له يا أمير المؤمنين تأتينا بحديث ويأتينا الناس بخلافه أفكل أولئك كذبوا على رسول الله قال لا،  وإنما كل حدث بما سمع ولربما سمع العام ولم يسمع المخصص،  سمع المنسوخ ولم يسمع الناسخ، سمع المطلق ولم يسمع المقيد،  يعني أخذ شيئا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولكنه لم يأخذ كل معالم الدين  لذلك صار هذا الخلل عندما ابتعد الناس عن من نصبه الله ونصبه رسوله صلى الله عليه وآله إماما عندما ابتعدوا عن الأئمة المعصومين حصل هذا الهرج والمرج في كيان المسلمين  كل يفتي بشيء وكل يخالف الآخر ، وإلا المحجة البيضاء والصواب إنما هو في علي عليه السلام أئمة عليهم السلام  دليلنا على ذلك ما اتفق عليه المسلمون جميعا من أحاديث الفضائل في حق علي وآل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام  في بعض الصحابة وردت فيهم فضائل لو وزن إيمان فلان بجبل أحد لوزنه طيب هنيئا له هذا إيمانه لكن ماذا نستفيد نحن منه ما ذكرت الرواية شيء أما مثلا أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتي الباب هذا يدل على أن الاتباع انما هو من طريق علي عليه السلام، إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم به لم تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانهما لن يتفرقا حتى يردا عليها الحوض. مثل اهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي في حديث الغدير من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه وعادي من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيثما دار في صحيح الإمام مسلم وهو بالنسبة إلى إخواننا أهل السنة يعتبرون ما فيه من الحديث الصحيح يا علي لا يحبك مؤمن ولا يبغضك إلا منافق هذا يصنف الناس الذين كانوا في زمن علي عليه السلام إلى مؤمن وإلى غير مؤمن لا يوجد في فضائل الصحابة ما يشبه الأحاديث الواردة في أئمة آل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام ما ورد في حق علي وفي أئمة آل البيت كله يعني أنه الأتباع لهؤلاء الطريق الصحيح لهؤلاء الوصول الى الله من طريقها  والقرآن الكريم هو يصدق ذلك وينص على ذلك قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى فحقانية آل البيت وإمامةآل البيت هذه هي ثابتة في القرآن وفي السنة الشريفة الشيء الآخر بالنسبة إلى سيدتنا زينب صلوات الله وسلامه عليها هذه المرأة العظيمة التي في الواقع لولاها لانطمست ثورة الإمام الحسين عليه السلام كل معالم كربلاء تتجسد في كلمات هذه المرأة العظيمة يقول لها عبيد الله بن زياد كيف رأيت صنع الله فيك وبأهلك؟ قالت له والله ما رأيت إلا جميلا  أولئك فتية كتب الله عليهم الموت  فبرزوا إلى مضاجعهم وستخاصم يا ابن مرجانة  أتهددنا بالقتل  إن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة هذا في الواقع ليس مجرد تجلد وصبر أمام صلابة وجبروت المستكبرين في ذلك الزمان  إنما هو منهج مسلكي عقائدي علينا نحن أن نتخذه منهجا  الذي يكتب عليه الموت يبرز إلى مضجعه كثير من الأحداث من القصص التي نتداولها فيما بيننا  أن هذا الإنسان سعى إلى مرقده لأن الله عز وجل كتب عليه أن يموت بفي هذا المكان في هذه الطريقة فلذلك إذا كان يقيننا هكذا إذا لا نبالي  كما قال علي الأكبر للإمام الحسين عليه السلام عندما سمعه يسترجع قال إنا لله وإنا إليه راجعون قال له لما استرجعت يا أباه قال لقد سمعت مناديا في المنام يقول إن القوم يسيرون والمنايا تسير بإزائهم  قال له علي الأكبر أولسنا على الحق قال له بلى والله،  قال إذا لا نبالي أوقعنا على الموت أو وقع الموت علينا.

هذه الحياة الدنيا هي طريق إلى الحياة الآخرة المقصد الأساس هو الآخرة أنت الآن في سفر نحن الآن في سفر هذا السفر قد يمضي بأحدنا سريعا وقد يمضي بطيئا، لكن في الواقع الذي سنصل إليه هو تلك الحياة الآخرة. لذلك أيها الأعزة ينبغي أن نكون صابرين متحملين ثابتين لا نبالي إن وقعنا على الموت أو وقع الموت علينا المهم هو أن نقيم شعائر الله أن نحيي ذكر الله أن نرفع راية الله عالية خفاقة هذا هو وظيفتنا في هذه الحياة الدنيا، هنا دار الامتحان وعلينا أن نحسن الجواب، في الامتحان ما وظيفة الممتحن؟  أن يحسن الجواب نحن وظيفتنا أن نحسن الجواب.

  النقطة الثالثة هي مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ذكرت أن النبوة لطف،   الذي ينظر اإلى طبيعة هذه الحياة الدنيا والقدرات التي منحها الله تعالى للإنسان والاستخلاف الذي استخلف الله تعالى به الإنسان يرى أنه لا بد أن يبعث الله تعالى هاديا لهذا الإنسان، ربنا جل شأنه وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، مجرد أن قال جاعل في الأرض خليفة في منهج للاستخلاف، يعني في طريقة حياة لهذا الخليفة في واجبات يجب أن يقوم بها هذا الخليفة، إذا أحدكم استخلف أحدا على أهله لأنه سافر أو على متجره لأنه غاب عنه أليس يبين له أنني في أثناء غيابي عليك أن تعمل واحد اثنين ثلاثة استخلفتك لأجل هذا الشيء لأجل هذا الشيء لأجل هذا الشيء، هل يوجد استخلاف بدون منهج؟  في الواقع لا يوجد استخلاف بدون منهج، لذلك عندما نعتقد بأن سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعني هو الذي يؤدي عنا منهج الله عز وجلن وهذا المنهج هو لمصلحة الإنسان ولصلاح حياة ولطف من الله ورأفة بالإنسان إذ صحح له حياته وبين له ما يعمله، إنما العهدة على عاتقنا أيها الأعزة، هل نحن نلتزم ونعمل بمقتضى هذا الإيمان أو أننا نخالف هذا الاعتقاد.