۲٠۲٤/٠٤/۱۵ ۲۱:٠٤:۲٦
خطبة الجمعة لسماحة الشيخ حميد الصفار الهرندي (أعزه المولى) بتاريخ 3 شوال 1445هـ


 

                                                                                 بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ حميد الصفار الهرندي (زيد عزه) ممثل الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) في سورية، بتاريخ 5 شوال 1445 ه.

 

الخطبة الأولى

كنا نتحدث ونبحث حول نمط الحياة على أساس الرؤية الإسلامية.

قد تحدثنا عن بعض الآداب وبعض الحقوق في مجال الشؤون الاجتماعية، اليوم نريد أن نتحدث عن العدالة، ضرورة العدالة.

 في علاقاتنا علاقات آحاد المجتمع بعضهم مع بعض، الرعية بعضهم مع بعض، والرعية مع الحكومة، والحكومة مع الرعية، هؤلاء عليهم أن يراعوا جانب العدالة، إذا لا تتم العدالة لا يمكن أن تتم التنمية في المجالات المختلفة.

 في المجتمع نسخ التنمية التي توصي الدول الغربية والنظام الحاكم على العالم فيها بعض الإيجابيات، ولكن هذا الجانب السلبي أيضا واضح أنهم لا يلحظون جانب العدالة، يقولون أن التنمية إذا أدت إلى أن يسحق جمع كثير من المجتمع من الفقراء من المستضعفين، لا بأس به المهم تحصل التنمية.

  نعم في الإسلام وفي الرؤية الإسلامية نمط حياتنا يرتكز على أساس العدالة، نحن نريد التنمية نريد التوسع في مجالات مختلفة من الحياة ولكن لا بأن تكون تكاليفها على عاتق الفقراء، وبحيث أنها تسحق الفقراء وتدوس الفقراء تحت أقدامها باسم التنمية، نعم إعمار البلد واجب ولكن شرط أن يكون الفقراء يعيشون في عيشة محترمة مكرمة فإذا بغير العدالة لا تحلو الحياة ولا تكون الحياة حياة هنيئة هادئة.

في الإسلام أمير المؤمنين عليه السلام عندما بدأ بالحكم في المجتمع في تلك الفترة القصيرة هكذا قال لتغربلن غربلة ولتبلبلن بلبلة ولا تساطن صوط القدر حتى يكون أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم، لأن المجتمع كان يعاني من الظلم في شتى مجالات الحياة في المجال الاقتصادي في المجال في المجال القضائي في المجال التنفيذي في المجال السياسي. الإمام عليه السلام هكذا أعلن بأنه يريد أن يطبق العدالة مع أنه يريد توسيع البلد إعمار البلد ورفع مستوى حياة جميع الناس لا رفع مستوى حياة المجتمع بحيث أن قسما من المجتمع هم متنعمون والقسم الآخر لا يجدون شيئا لأن يأكلوا ويقتاتوا به فهذا ليس طريق الإسلام، ومن انتهج نهجا غير هذا هو ولو أنه يضع على نفسه طابع الإسلام هذا ليس منهج الإسلام ونمط الحياة الإسلامية.

  في ضرورة العدالة الإمام الصادق عليه السلام يقول ثَلاَثَةُ أَشْيَاءَ يَحْتَاجُ النَّاسُ طُرّاً إِلَيْهَا الْأَمْنُ وَالْعَدْلُ وَالْخِصْب ... تحف العقول، ص320.

ثلاثة أشياء يحتاج الناس طرا إليها طرا يعني جميعا جميع الناس يحتاجون إليها سواء كانوا هؤلاء ملوك أو كانوا رعية كلهم بحاجة إلى هذه الثلاثة حتى يشعروا بهناء في حياتهم وما هي هذه الثلاثة؟  الأمن يعني الأمان، بدون الأمان في المجتمع الإنسان لا يرتاح ولا يتقدم ولا تتقدم عجلات الاقتصاد به، لا في المجتمع ولا في مجالات أخرى، الأمان من أهم الأشياء والثاني هو العدل، والثالث هو الخصب، أن تكون الأراضي خصبة وظروف الحياة ظروف صالحة للإعمار وللتوسع. فأما بالنسبة لعدالة الحكام قد تحدثنا سابقا عن القانون تحدثنا عن العدالة كذلك لأن القانون والالتزام بالقانون من لوازمه هو العدالة، ومن يعتمد على المحسوبيات دون الصلاحية والمصلحة والأهلية لشخص هذا هو خرج عن طريق العدالة.

 في تطبيق القانون قد تحدثنا عن هذا الشيء ولكن أقرأ لكم بعض الأحاديث عن أئمتنا عليهم الصلاة والسلام الإمام الصادق عليه السلام في رواية طويلة للإمام عليه السلام أنا اخترت قسما من هذه الرواية يقول: أَفْضَلُ الْمُلُوكِ مَنْ أُعْطِيَ ثَلاَثَ خِصَالٍ؛ الرَّأْفَةَ وَالْجُودَ وَالْعَدْل ... تحف العقول، ص319.

 أفضل الملوك من أعطي ثلاث خصال الرأفة والجود والعدل الملك الرؤوف الحاكم الرؤوف الرئيس الرؤوف الذي برأفته يغطي المجتمع ويظل على المجتمع مظلة أمان للناس، والحب المتبادل بين الناس، بسبب حبه ورأفته لرعيته وكذلك الجود بما أنه بيده الموارد بيده بيت المال هو يجب أن يكون جواداَ لا بأن يكون مسرفا مترفاَ بل بأن يكون جواداَ عندما يرى موضعا للدفع ولاستهلاك أن يدفع يعمل هذا وبسهولة يعطي حتى يكون المجتمع في رفاهية بسبب جود الملك أو الحاكم أو الرئيس ما شئتم فعبِّروا. والعدل يجب أن يكون متسماً ومتصفاَ بهذه الصفة وهذه السمة أن يكون عادلا هؤلاء أفضل الملوك.

  قال أمير المؤمنين عليه السلام الإمام أمير المؤمنين عليه السلام كأنه يريد أن يوصي إلى الحكام بأن يختبروا أنفسهم وايضا كأنه يدلهم على طريقة بهذه الطريقة هؤلاء سيستطيعون أن يصلوا ويبلغوا إلى هذه الدرجة أن يكونوا عدول كيف يمكن الحصول على العدالة؟ الإمام عليه السلام الإمام أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه أفضل صلوات المصلين قال: إِذَا نَفَذَ حُکْمُكَ فِی نَفْسِكَ تَدَاعَتْ أَنْفُسُ النَّاسِ إِلَی عَدْلِكَ. غرر الحکم، ص343.

  إذا استطعت أن تكون حاكما على هوى نفسك  إذا طبقت العدل في نفسك ولو كان عليك قلت الحق وطبقت الحق ولو كان عليك ولو كان على أهلك ولو كان على عائلتك ولو كان على عشيرتك ولو كان على جماعتك بهذا الناس يفهمون أنك مَثلٌ للعدالة، فلذلك يذهب بهم ويدفع بهم وهم يندفعون إليك كعادل تداعت أنفس الناس إلى عدلك الناس يفهمون أن ما تقول أنت تطبقه يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون  هذا الذي يطبق العدل في نفسه بسبب عمله وبسبب تصرفاته بشأن نفسه ومن حوله الناس يأتون إليه ويقبلون إليه بأنه هو عادل ويعتمدون ويثقون به بأنه عادل ما يقوله عدل قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الأسبوع الماضي قلنا في بعض الروايات ورد هكذا أن أيسر حقوق المؤمنين بعضهم على بعض هو أن تحب لغيرك  ما تحب لنفسك وأن تكره لغيرك ما تكره لنفسك. النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصف هذه الصفة أيسر الحقوق يصف هذا بأنه هو ملاك العدالة، يَا عَلِيُّ!‌ مَا كَرِهْتَهُ لِنَفْسِكَ فَاكْرَهْ لِغَيْرِكَ وَمَا أَحْبَبْتَهُ لِنَفْسِكَ فَأَحْبِبْهُ لِأَخِيكَ تَكُنْ عَادِلاً فِي حُكْمِكَ مُقْسِطاً فِي عَدْلِكَ مُحَبّاً ... تحف العقول، ص14.

ما كرهته لنفسك فاكره لغيرك وما أحببته لنفسك فأحببه لأخيك تكن عادلا  يعني هذا ملاك العدالة مناط العدالة معيار العدالة  أن تحب لغيرك ما تحب لنفسك وأن تكره لغيرك ما تكره لنفسك  هذا هو سبب العدل  يقول عليه وآله الصلاة والسلام فأحببه لأخيك ما أحببته لنفسك فأحببه لأخيك تكن عادلا في حكمك مقسطا في عدلك. أمير المؤمنين عليه السلام يوصينا بالعدل في الحكم وَإِذَا حَكَمْتُمْ فَاعْدِلُوا. أمالي الطوسي، ص208

هذا ما قاله أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام هذا نفس كلام الله تعالى في القرآن الكريم وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل فاحكم إذا حكمتم فاعدلوا، كونوا عدولا، لا تتجاوزوا عن العدالة.

  قال أمير المؤمنين عليه السلام في مجال القضاء عندما نتحدث عن العدالة في جميع المجالات في القضاء في التنفيذ في السياسة في العائلة في العلاقات العائلية علاقات داخل الأسرة كل هذه الأمور يجب أن يلحظ فيها العدالة.

قال أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام: مَنِ ابْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ فَلْيُوَاسِ بَيْنَهُمْ فِي الْإِشَارَةِ وَفِي النَّظَرِ وَفِي الْمَجْلِسِ‌. الكافي، ج7، ص413.

 من ابتلي بالقضاء إذا أصبحت قاضيا إذا أصبحت حكما فليواسي بينهم في الإشارة وفي النظر وفي المجلس.

  الإمام يقول يجب أن يكون نظرك إلى هذا الجانب من المرافعة، هذا الجانب وهذا الجانب وهذا الجانب كلّن على حد سواء، ويقول: فليواسي بينهم في الإشارة وفي النظر وحتى في المجلس يعني ألا يجلس مثلا هذا الشخص الذي يعرفه في مكان أعلى من الآخر. قد سمعتم أن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام إنه قد رفع عنه شخص بأن أمير المؤمنين عليه السلام اعتدى عليه والإمام كان إماما وحاكما في نفس الوقت، الإمام جاء وحضر في المحكمة هو أجلس الإمام في مكان أحسن من المكان الذي كان الشاكي الذي يرفع الدعوة المدعي الإمام نهاهم نهى الحاكم والقاضي من هذا التصرف وهو خاطب الإمام بأبا الحسن قال يا أبا الحسن الإمام قال تخاطبني بكنيتي وتخاطبه باسمه مع أن العرب عندما يكرم يخاطب بالكنية فلماذا تفرق بيني وبينه؟  هكذا أمر العدالة عند أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بِئْسَ الْقَوْمُ قَوْمٌ لا یَقُومُونَ للهِ تَعَالَی بِالْقِسْطِ.  النوادر، ص26

القوم الذي لا يقيمون القسط هؤلاء قوم سوء وسوء و بل يقول بئس القوم  فعل الذم بئس كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقسم لحظاته بين أصحابه فينظر إلى ذا وينظر إلى ذا بالسوية،  إذا كان جالسا في مجلس عندما يخاطب الجميع بعض الأحيان كان ينظر إلى اليمين بعض الأحيان إلى اليسار حتى يقسم نظره ولمحه بين هؤلاء على السوية هذا ما راع  النبي صلى الله عليه وآله وسلم من العدالة، حتى فيما بين الناس بنظره بينهم في جلوسه فيما بينهم جعلنا الله وإياكم ممن يلزم ويلازم العدالة في جميع تصرفاته وفي جميع حياته وجعل الله حكامنا عدولا لأن الحكام إذا مالوا إلى العدالة الناس سيميلون إلى العدالة الناس على دين ملوكهم كما في بعض الروايات.



الخطبة الثانية

 

كما تعرفون أن أحداث غزة لحد الآن كارثية وفي نفس الوقت مبعث عز وكرامة وكلّها تدل على مقاومة شعب مؤمن أبي لا يريد الاستسلام بل يريد أن يقاوم أمام أي دعوة للخذلان والذلة، وهم لا يريدون الرضوخ أمام المستكبرين فلذلك هكذا يضربونهم ويدمرونهم.

 ما حدث بالنسبة لأبناء وأحفاد أخينا المجاهد الأخ اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس هذا ليس موضع استغراب لا بالنسبة لهؤلاء الظلمة والطواغيت بأنهم كانوا بدم بارد في يوم واحد يقتلون عشرات من الأنبياء وبعد ذلك على حد تعبير الأئمة عليهم السلام في رواياتهم يقولون وبعد أن قتلوا الأنبياء كانوا يأتون ويفتحون محلاتهم ويعملون أعمالهم التجارية كأنه ماحدث شيء. هؤلاء قوم نحن نعرفهم بهذا الوحشية ولكن الجانب الآخر بأن هذه المعركة معركة غزة أصبحت كربلائية كأنها تقتدي غزة  بكربلاء وتتأسى بهؤلاء الشهداء الأبرار ، كما أن الإمام عليه السلام وبعض صحابته جاؤوا بعوائلهم إلى كربلاء هؤلاء يقاتلون الأعداء وأهلهم مساهمون في هذه المقاتلة مساهمون في هذه التضحيات فهذا من ثمار مدرسة كربلاء بما أنهم عرفوا أن سبط النبي الأعظم الإمام سيد الشهداء هكذا ضحى بنفسه حتى بالطفل الرضيع هؤلاء يقتدون ويحسبون أنه بعين الله،  الله تعالى يرى وسينتقم إن شاء الله تعالى بإذن الله تعالى هذه الدماء لا تذهب هدرا والله تعالى بكل قطرة من هذه الدماء يحاسب على هؤلاء الكفار على هؤلاء الزنادقة هؤلاء اليهود الغاشمين الظالمين بإذن الله تعالى ونحن نترقب أن نرى إن شاء الله تعالى أن يندحروا أن يطردوا وأن تطهر أرضنا المقدسة من دنسهم بإذن الله تعالى. أن تطهر نهائيا وتُرفع علم وراية لا إله إلا الله محمد رسول الله على المسجد الأقصى الشريف ونصلي جميعا في القدس بإذن الله تعالى. منتصرين واليهود مخذولين وأذلّاء إن شاء الله.

 

والحمد لله رب العالمين