۲٠۲٤/٠٤/۲۲ ۱۸:٠٦:۲۱
خطبة الجمعة لسماحة الشيخ حميد الصفار الهرندي (أعزه المولى) بتاريخ 10شوال 1445هـ


                                                          بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ حميد الصفار الهرندي (زيد عزه ) ممثل الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) في سورية، بتاريخ 10 شوال  1445 ه.

 

الخطبة الأولى:

 

كالمعتاد في الخطبة الأولى نتحدث عن نمط الحياة وفقاً للرؤية الإسلامية في النظام الاجتماعي للإسلام.

 العدالة من الركائز المهمة التي قد أكد القرآن عليها في جميع مجالات حياتنا، كما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمعصومين عليهم السلام قد شددوا على هذا الجانب.

 قد تحدثنا في الخطب الماضية عن العدالة، وفي هذه الخطبة نقرأ بعض الأحاديث عن أئمة أهل البيت عليهم صلوات الله، عن آثار العدالة: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ اَلْوَلِيدِ رَحِمَهُ اَللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ اَلصَّفَّارُ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مُوسَى اَلْخَشَّابِ‌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلنُّعْمَانِ‌ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ‌ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ‌ قَالَ سَمِعْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ يَقُولُ‌: مَنْ تَوَلَّى أَمْراً مِنْ أُمُورِ النَّاسِ فَعَدَلَ وَ فَتَحَ بَابَهُ وَ رَفَعَ سِتْرَهُ وَ نَظَرَ فِي أُمُورِ اَلنَّاسِ كَانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُؤْمِنَ رَوْعَتَهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ‌ وَ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ‌. أمالي الصدوق، ص245.

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قد روى هذه الرواية الكراجكي في كتابه كنز الفوائد، رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ قَالَ‌: مَنْ وَلَّى شَيْئاً مِنْ أُمُورِ أُمَّتِي فَحَسُنَتْ سَرِيرَتُهُ لَهُمْ رَزَقَهُ اَللَّهُ تَعَالَى الْهَيْبَةَ فِي قُلُوبِهِمْ وَ مَنْ بَسَطَ كَفَّهُ لَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ رُزِقَ الْمَحَبَّةَ مِنْهُمْ وَ مَنْ كَفَّ يَدَهُ عَنْ أَمْوَالِهِمْ وَقَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَالَهُ وَ مَنْ أَخَذَ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ‌ مُصَاحِباً وَ مَنْ كَثُرَ عَفْوُهُ مُدَّ فِي عُمُرِهِ وَ مَنْ عَمَّ عَدْلُهُ نُصِرَ عَلَى عَدُوِّهِ وَ مَنْ خَرَجَ مِنْ ذُلِّ الْمَعْصِيَةِ إِلَى عِزِّ الطَّاعَةِ آنَسَهُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِغَيْرِ أَنِيسٍ وَ أَعَانَهُ بِغَيْرِ مَالٍ‌. كنز الفوائد(للكراجكي)، ج1، ص135.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ولى شيئاً من أمور أمتي فحسنت سريرته لهم، رزقه الله تعالى الهيبة في قلوبهم، هذا أثر حُسن السريرة، حُسن سريرة الحاكم، أو غير الحاكم، طبعاً هنا يتحدث عن الحاكم، من ولى شيئا من أمور أمتي، ومن بسط كفه لهم بالمعروف رزق المحبة منهم، "إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَٰنُ وُدًّا". مريم 96  هذه آية قرآنية، العمل الصالح نفس المعروف، حيث في هذا الحديث من بسط كفه لهم بالمعروف رزق المحبة منهم، ومن كف يده عن أموالهم وقى الله عز وجل ماله، و موضع حاجتنا في هذا البحث هذا القسم من هذا الحديث حيث يقول: ومن أخذ للمظلوم من الظالم كان معي في الجنة مصاحباً ومن كثر عفوه مُدّ في عمره، ومن عمّ عدله نُصر على عدوه، الله تعالى ينصر العادل، فإذاً من آثار العدل هو نصرة العادل الله تعالى حسب  قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ضمن للحاكم العادل أن يكون منصوراً، ومن خرج من ظل المعصية إلى عز الطاعة  آنسه الله عز وجل بغير أنيس، وأعانه بغير مال.

وأمير المؤمنين عليه السلام ينصح ويقول: قَدِّمِ العَدْلَ على الْبَطْشِ تَظْفَرْ بالمَحَبَة. شرح ابن أبي الحديد، ج20، ص278. فإذاً العدل يورث المحبة، العادل عندما يقوم بالعدل، الإنسان المنصف سيحبه، كما أن ذاك الإنسان الذي ارتكب خطأ وسرق، والإمام أمير المؤمنين عليه السلام قطع أصابعه هو جاء و كان يصيح ويمدح الإمام بصوت عالٍ فالناس استغربوا مما يفعل فهو يقول شيئا يدل على هذا الأمر، أن الإمام بالعدل عاقبني، فالعدل يورث المحبة، لحبّه لأمير المؤمنين عليه السلام، الله أرجع أصابعه إلى يده، بيد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، وطبعاً بإذن الله تعالى.

 وأما وصف النبي صلى الله عليه وآله العدل بأنه الدرع الحصين: قال النبي صلى الله عليه وآله: الْعَدْلُ جُنَّةٌ وَاقِیَةٌ وَجَنَّةٌ بَاقِیَةٌ. عوالی اللئالی ، ج1 ، ص293.

وكذلك  عن مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ اَلصَّفَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْبَرْقِيُّ‌ عَنْ أَبِيهِ‌ عَنْ هَارُونَ بْنِ اَلْجَهْمِ‌ عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ‌ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ اَلْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ‌ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ قَالَ‌: ثَلاَثٌ دَرَجَاتٌ وَ ثَلاَثٌ كَفَّارَاتٌ وَ ثَلاَثٌ مُوبِقَاتٌ‌ وَ ثَلاَثٌ مُنْجِيَاتٌ ... وَ أَمَّا الْمُنْجِيَاتُ فَخَوْفُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَ الْعَلاَنِيَةِ وَ الْقَصْدُ فِي اَلْغِنَى وَ الْفَقْرِ وَ كَلِمَةُ الْعَدْلِ فِي اَلرِّضَا وَ السَّخَطِ. الخصال، ص84.

و أنا أذكر فقط المنجيات حيث يوجد فيه موضع هذا البحث، الإمام عليه السلام يقول: وأما المنجيات فخوف الله في السر والعلانية، والقصد في الغنى والفقر أن تكون مقتصدا في إنفاقك، في استهلاكك لمواردك، في الغنى والفقر لا أن تكون مسرفا في أيام غناك، لا بل يجب أن تكون معتدلاً في حياتك الاقتصادية، القصد في الغنى والفقر، وكلمة العدل في الرضا والسخط،  إذا كنت راضياً، وإذا كنت غاضباً، على كل حال عليك أن تراعي جانب العدل، هذا من المنجيات.

وأما عقوبة ترك العدالة: عَنْ خَيْثَمَةَ‌ قَالَ‌: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ لِأُوَدِّعَهُ وَأَنَا أُرِيدُ الشُّخُوصَ فَقَالَ: أَبْلِغْ مَوَالِيَنَا السَّلاَمَ وَأَوْصِهِمْ بِتَقْوَى اللَّهِ الْعَظِيمِ ... وَإِنَّ وَلاَيَتَنَا لاَ تُدْرَكُ إِلاَّ بِالْعَمَلِ وَإِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ حَسْرَةً يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ‌ رَجُلٌ وَصَفَ عَدْلاً ثُمَّ خَالَفَ إِلَى غَيْرِهِ‌. مصادقة الإخوان، ص35. 

وقَالَ الإمام علي النقي الهادي عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ‌: إِذَا كَانَ زَمَانٌ الْعَدْلُ فِيهِ أَغْلَبُ مِنَ الْجَوْرِ، فَحَرَامٌ أَنْ تَظُنَّ بِأَحَدٍ سُوءً حَتَّى تعْلَمَ‌ ذَلِكَ مِنْهُ‌، وَإِذَا كَانَ زَمَانٌ الْجَوْرُ فِيهِ أَغْلَبُ مِنَ الْعَدْلِ‌، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَظُنَّ بِأَحَدٍ خَيْراً حتى يَبدُوَ ذَلِكَ مِنْهُ‌. نزهة الناظر وتنبيه الخاطر، ص142. 

 من فوائد إقامة العدل أن الظن بالسوء، هذا ليس في محله إذا كان المجتمع يديره عادل ولا يظلم أحد عادة، حتى في حكومة أمير المؤمنين يمكن يظلم أحد ولكن الإمام لايرضى بمثل هذه الأمور، الإمام عليه السلام لا يرضى بأن يظلم أحد حتى الذمي، الإمام هكذا يعاتب شيعته ومن يكون تحت ولايته بأنه لا يتحمل الظلم ولو على ذمياً، هذا الإمام العادل، عندما يأمر الإمام العادل عليك بحسن الظن بالنسبة لما ترى، ويقول الإمام:" وإذا كان زمان الجور فيه أغلب من العدل فليس لأحد أن يظن بأحد خيرا حتى يبدو ذلك منه" يعني الأصل هو سوء الظن في أيام الظلم، وأيام حكومة الظالمين، يجب أن تسيء الظن إلا إذا ثبت لك أنه هذا ليس شرا، فهو خير، فتحمله على أنه خير.

 

الخطبة الثانية

في الأسبوع المنصرم ما حدث كان حدثا عظيما، وتطورا كبيرا في تاريخ المقاومة، (عمليات الوعد الصادق)، ما ارتكبه الكيان الغاصب من الجريمة النكراء في الهجوم على القسم القنصلي التابع لسفارة الجمهورية الإسلاميّة في دمشق، هذا كان انتهاك للأعراف الدولية، أولاً في ضرب الأماكن الدبلوماسية، وثانياً في ضرب الأماكن الآهلة بالسكان المدنيين،  هذا المكان الذي قد ضُرب كان في بعض طوابق هذه العمارة بعضها لم تكن تابعة للجمهورية الإسلامية، كان يسكن فيها بعض السكان المواطنين السوريين، استشهدت جراء هذا الغزو الوحشي امرأة كبيرة السن مظلومة؛ مع ابنها المريض الذي كان يعيش في ذاك الطابق، وكذلك ستة جرحى من المواطنين السوريين، فإذاً هذا الضرب، كان ضرباً لا يعبر عنه تعبير إلا هذا التعبير، أنه كان انتهاكاً لجميع الأعراف الدولية والإنسانية، فطبعاً الجمهورية الإسلامية رأت فرضاً على نفسها الدفاع، رفعت الجمهورية الإسلامية الشكوى إلى المراجع الدولية ولم يحركوا ساكنا، ولم يفعلوا شيئا ولم يبالوا  بهذا الحدث،  فطبعاً وفقاً لبعض البنود في القوانين الدولية المعترفة في الأمم المتحدة، الجمهورية الإسلامية كان لها هذا الحق، حق الرد، وما فعلناه كان دفاعاً عن النفس، ولم يكن هجوماً، هذا لا يُدعى هجوماً في عرف القانون الدولي والحقوق الدولية، إذاً دافعنا عن نفسنا وفي نفس الوقت دافعنا عن المظلومين، عن الشهداء الذين ارتقوا في سورية  وفي غزة وفي لبنان وفي جميع أرجاء هذه المنطقة جراء وحشية هذا النظام المحتل، هذا أمر مهم.

أذكر بعض النقاط بشكل عابر وخاطف وسريع... أولاً الكيان الصهيوني باءت كل نشاطاته وكل مساعيه بالفشل، حتى في المجال الدبلوماسي كما تعرفون طلبوا من مجلس الأمن بيان، أو كانوا يريدون أكثر من بيان، ولكن ما نجحوا أبداً في هذا المجال، كذلك هذا الرد كسر هيمنة الصهاينة، بدأت الهجرة العكسية من البلاد المحتلة كما تعرفون، وكثير من الناس يتدفقون نحو المطار الدولي في تل أبيب، وعلى الحدود مع الأردن وما شابه ذلك،  كذلك كما تعرفون هذا الرد كان بعد إعلان مسبق منذ أيام ، حيث أن الجمهورية الإسلامية أعلنت إلى الولايات المتحدة، و إلى من كان يجب أن يبلغهم بأننا سنرد بعد أيام، فقد كانوا على علم، وبعد بدء العمليات، مع أننا نعرف أن المسيرات ممكن بعد خمس ساعات  تصل ولكن مع ذلك أعلنا نحن بتسيير هذه المسيرات فهذا شيء عجيب! مع أنهم كانوا يعرفون وبدأوا يتصدون لهذا الرد لضرب الصواريخ ولضرب المسيرات، على كل حال يقولون تسعة وتسعين بالمئة من هذه الأجهزة نحن ضربناها ولكن لا يسمحون لأي أحد أن ينشر صورة ولا ينشرون صورة تدل على أن مثل موقع لإسرائيل حيث تعرّض للقصف الآن يكون سليماً بدون أي مشكلة، التعتيم الإعلامي الصهيوني أمر رهيب، عجيب، وغريب، لا يسمحون أن يعرف أحد شيئا، إذاً أنتم مطمئنين أنكم تصديتم لهذا الضرب ولهذا الرد فلماذا لا تسمحون لوسائل التواصل وللإعلام أن يأتوا ويعدّوا تقارير إعلامية بهذا الشأن؟ على كل حال هذه أصبحت فضيحة لهذا الكيان المجرم، أنا أشكر من قام بالتهنئة والتبريك والمواساة والمساندة لهذا الرد، أولاً أشكر الشعب السوري  وكذلك الحكومة السورية وأولاً سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد وجميع الوزراء الذين كان لهم مواقف إيجابية، أولاً بالنسبة لتنديد الضرب الذي تعرضت له الجمهورية الإسلامية، وكذلك بالنسبة لهذا الرد، نشكركم شكرا جزيلا، أذكر عن عيد الجلاء، السابع عشر من شهر نيسان خروج وطرد آخر جندي فرنسي محتل من هذا البلد العزيز، والحبيب، وهذا البلد الأبي،  أقول لكم نحن ننتظر ونترقب بإذن الله تعالى أن يعود عيد الجلاء هذه المرة، عيد جلاء الصهاينة من الأراضي المغتصبة من الجولان العزيزة، إن شاء الله بإذن الله تعالى قريباً بأيديكم وبأيدي رجال المقاومة الإسلامية المساندة للشعب السوري بإذن الله تعالى .

 

والحمدلله رب العالمين