۲٠۲٤/٠۷/٠۸ ۲۲:٠٤:۱۱
خطبة الجمعة لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ حميد الصفار الهرندي (زيد عزه) ممثل الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) في سورية، بتاريخ 28 ذي الحجة 1445 ه.


                                                                                            بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ حميد الصفار الهرندي (زيد عزه) ممثل الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) في سورية، بتاريخ 28 جمادى الثانية 1445 ه.

 نحن نستقبل شهر محرم الحرام شهر حزن آل الله عليهم صلوات الله وعلينا أن نقوم بواجبنا في أيام حزن أبي عبد الله الحسين عليه الصلاة والسلام...

 أنا أفضّل أن أقرأ أولاً الحديث المشهور للإمام الرضا عليه الصلاة والسلام وبعد ذلك أذكر بعض النقاط المهمة بشكل وجيز ومختصر، عن الريان ابن شبيب قال: دخلت على الرضا عليه الصلاة والسلام في أول يوم من المحرم فقال لي: يا ابن شبيب أصائم أنت؟ فقلت: لا فقال: إن هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا عليه السلام ربّه عز وجل فقال: ربِّ هب لي من لدنك ذرية طيبة إنّك سميع الدعاء فاستجاب الله له وأمر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلّي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى...

هناك أسرار في هذا العالم نحن لا نعرفها يمكن يتبيّن لنا شيء من أسرار شهر محرم أنّ في بداية هذا الشهر الله تعالى بشّر نبيّه بيحيى الذي استشهد مثل ما استشهد الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام قطعوا رأسه كما قطع وحزّ رأس الإمام أبي عبد الله الحسين عليه الصلاة والسلام. طبعا في هذا يوجد سرّ هناك أسرار لا نعرفها نحن وربما لم يعلّمنا إياها أهل البيت عليهم الصلاة والسلام لأننا ربما وِعاء وجودنا ما كان يتحمل هذه الأسرار، فمن صام هذا اليوم ثمّ دعا الله عز وجل استجاب الله له كما استجاب لزكريا عليه السلام، هذا قول الإمام الرضا عليه السلام، صيام بداية كل شهر هذا هو من السنن بالنسبة لمحرم الإمام، هكذا قال حسب هذه الرواية أن صيام أول شهر محرم والدعاء في هذا اليوم واستجابة دعائه مثل استجابة دعاء زكريا عليه السلام هذا من السنن.

يا ابن شبيب إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرّمون فيه الظلم والقتال لحرمته، الأشهر الحرم طبعاً من حرّم هذه الأشهر يبدو أن حرمة هذه الأشهر من سنن ابراهيم عليه الصلاة والسلام  فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها ولاحرمة نبيها صلى الله عليه وآله فقد قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نساءه وانتهبوا ثقله فلا غفر الله لهم ذلك أبدا، بعد ذلك الإمام قرأ هذه الآية إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض  يعني القرآن يقول الله تعالى: يوم خلق السماوات والارض جعل هذه الأشهر أشهر حرم ونبي الله ابراهيم بلّغ هذا كما بلّغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الآية يعني أيّد هذا منها أربعة حرّم ذلك الدين القيّم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلوكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين. وواصل الإمام عليه السلام كلامه وقال يا ابن شبيب هذا الخطاب ليس موجهاً لابن شبيب فحسب، يا ابن فلان يا ابن فلان إلى يوم القيامة هذا النداء موجّه لكل من يتّبع أهل البيت عليهم الصلاة والسلام بل لكل مسلم هذا نداء موجه إليهم،  يا ابن شبيب إن كنت باكياً لشيء فابكِ للحسين بن علي ابن أبي طالب عليه السلام  فإنه ذبح كما يذبح الكبش وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجل ما لهم في الأرض شبيهون، ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره فوجدوه قد قتل فهم عند قبره شُعث غبر إلى أن يقوم القائم فيكونون من أنصاره وشعارهم يا لثارات الحسين.

بشعار يا لثارات الحسين أنتم قاومتم وما زلتم تقاومون، هذا شعار ملائكة الله تعالى وهم يحومون حول قبر الإمام سيد الشهداء عليه الصلاة والسلام، هذا أول تكليف موجّه إلى شيعة أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام إذا تريد أن تبكي على ابنك الشهيد ابكي على ابن الحسين إنهم قدوة لنا، أمهات الشهداء اقتدين بزينب سلام الله تعالى عليها لذلك أصبحت كربلاء مدرسة من يظن أن طقوس العزاء للحسين عليه السلام تقتصر على البكاء واللطم وما إلى ذلك هو على خطأ هو لا يعرف فلسفة العزاء على الحسين عليه الصلاة والسلام، من هذه الهيئات ومن هذه الندبيّات ومن هذه الاجتماعات من هذه المراسم لعزاء الحسين عليه الصلاة والسلام قام شباب الحشد والحيدريين والزينبيين وشباب المقاومة في سورية وفي العراق وفي لبنان وفي اليمن، هؤلاء اقتدوا بهؤلاء الشهداء عندما نذكر قصة كربلاء حتى نعتبر ويقتدي بهم كل شاب ليرى علياً الأكبر أنه هو قدوة هو أسوة يتأسى به يريد أن يتشبه بعلي الأكبر يحاول أن يكون مثل علي الأكبر يحاول أن يكون مثل قاسم ابن الحسن مثل عبد الله بن الحسن كذلك ربما الرضّع يقتدون برضيع كربلاء فلذلك نحن نقيم مراسم للأطفال الرضّع حتى يعرف العالم أننا ما زلنا نتحدث عن طفل رضيع لا ذنب له وقتلوه في حجر أبيه ورموه بالنبال والسهام، حتى يعرفوا ربما يكرر مثل هذا المشهد في هذا العالم الظالم.

علينا أن نتعلم من دروس كربلاء، اطلبوا من العلماء أن يقرأوا لكم خطب الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام عندما خرج من المدينة حتى اليوم العاشر في السنة الواحدة والستين قبل استشهاده، الإمام خاطب الناس وتحدث مع الناس فكل كلماته دروس وعبر لنا لحياتنا فإذاً هذا من أفضل الأعمال أن نجلس والعلماء يتحدثون عن كربلاء، ويذكرون دروس كربلاء لحياتنا، حياتنا الاجتماعية، حياتنا الجهادية،  حياتنا السياسية، حياتنا الاقتصادية، كل هذه الأشياء موجودة في كلمات الإمام عليه الصلاة والسلام، علينا أن نستخرج هذه الدرر من كنوز معارف أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.

في بعض الأحيان نجد وسائل التواصل الاجتماعية يتهمون كل طقوس العزاء بالخرافات والتحريفات، يجب أن نواجه مثل هذه الشبهات، هذه الشبهات شبهات خبيثة، وهناك بعض ما نتأمل فيها ونقول فيها أنها تحريف، مثلما يقال مثلا أن هناك زواج لقاسم ابن الحسن في كربلاء هذا شيء غريب، هل يعقل أن الإمام عليه السلام أولا يزوج ابناً لم يبلغ الحلم هذا في التاريخ، الذي لم يبلغ الحلم كيف يزوجه؟ وثانياً في المكان الذي يهتمون الناس بالقتال يقول نريد أن نقيم مراسم الفرح والعرس، هذا طبعا ليس له حقيقة، ولكن لا يمكن أن ينكر بعض ما نعتقد به مثل بعض المعجزات للإمام عليه السلام في صحراء كربلاء،  مع أنهم منعوا الماء... الإمام عليه السلام استطاع أن يخرج الماء بجوار بعض خيامه بمعجزة إلهية هذا ليس شيئا غريبا لهؤلاء الأئمة هؤلاء كل العالم بيدهم، الولاية التكوينية لهم، هؤلاء حجة الله على الناس، الله تعالى بإذنه يمكن أن يفعل أي شيء ولكن هؤلاء لا يريدون أن يعملوا كل شيء بالمعجزة بل كانوا يريدون أن يكون حسب العادة وإلا الإمام الحسين كان يستطيع بالمعجزة أن يقضي على كل من كان في معسكر عبيد الله ابن زياد وعمر بن سعد، ولكن الله تعالى لا يريد هكذا أمر، لا يريد أن يفعل كل شيء بالمعجزة، بل على الناس تكاليف أن يقوموا بها هم، قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم، الله أراد أن يعذب الكافرين بأيدي المؤمنين لا بالمعجزة على كل حال هذه الشبهات عليكم ان تنتبهوا ولا تشكوا فيما سمعتم من كرامات ومعجزات أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، والحمد لله رب العالمين.