۲٠۲٤/٠۸/۱۲ ۱۵:٤٠:٣۵
خطبة الجمعة لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ حميد الصفار الهرندي (زيد عزه) ممثل الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) في سورية، بتاريخ 4 صفر 1446 ه.


                                         بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ حميد الصفار الهرندي (زيد عزه) ممثل الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) في سورية، بتاريخ 4 صفر 1446 ه.

 

 

الخطبة الأولى

 كالعادة في الخطبة الأولى نتحدث عن نمط الحياة وفقاً للرؤية الإسلامية، من نمط الحياة الإسلامية رفع حوائج الناس، رفع حوائج إخوانك في الدين، قلنا إن قضاء الحوائج يترتب عليه ثواب عظيم، وذكرنا آثار لهذا العمل على أساس الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله الطيبين المعصومين.

 في هذه الخطبة نتحدث عن جزاء إهمال حوائج الناس:

الأول: الخروج عن الولاية الإلهية: قد ذكرنا أن قضاء حاجة الناس هو سبب للالتحاق بالولاية الإلهية، فطبعاً إهمال حوائج الناس يكون مقابلها هذا الأثر الخروج من الولاية الإلهية: اَلْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ ... يَقُولُ: مَنْ قَصَدَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ إِخْوَانِهِ مُسْتَجِيراً بِهِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ فَلَمْ يُجِرْهُ بَعْدَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ فَقَدْ قَطَعَ وَلاَيَةَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. الكافي، ج2، ص368. جاء إليك أحد إخوتك وهو له حاجة، يستجير بك، يلجأ بك، يلوذ بك، بغية قضاء حاجته. طبعاً إذا استطعت، هو استجار وهذا الأخ لم يجبه بعد أن يقدر عليه، ويستطيع أن يجيره، يستطيع أن يعينه، ولكن تقاعس عن هذا العمل، بعد أن يقدر عليه، فقد قطع ولاية الله تبارك وتعالى بهذا التقاعس بهذا المراوغة بهذا الإهمال.                                  وثانياً: حديث آخر يدل على أن من يهمل حوائج الناس هو يخرج من ولاية أهل البيت عليهم الصلاة والسلام. ولو أنه يقوم بكثير من الأشياء التي عادة تدل على أنه محب أهل البيت ويتولى بولاية أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنه قال لأحد أصحابه واسمه رِفاعة: یَا رِفَاعَةُ! مَا آمَنَ بِاللهِ وَلا بِمُحَمَّدٍ وَلا بِعَليٍّ مَنْ إِذَا أَتَاهُ أَخُوهُ الْمُؤْمِنُ فِی حَاجَةٍ فَلَمْ یَضْحَكْ فِی وَجْهِهِ، فَإِنْ کَانَتْ حَاجَتُهُ عِنْدَهُ سَارَعَ إِلَی قَضَائِهَا وَإِنْ لَمْ یَکُنْ عِنْدَهُ تَكَلَّفَ مِنْ عِنْدِ غَیْرِهِ حَتَّی یَقْضِیَهَا لَهُ، فَإِذَا کَانَ بِخِلافِ مَا وَصَفْتُهُ فَلا وَلایَةَ بَیْنَنَا وَبَیْنه. مستدرک الوسائل، ج12، ص434. هذا هو المتوقع إذا يسارع إلى قضاء حاجة أخيه، وإن تكلف لغيره حتى يقضيها له، يعني ليس عندي ولكن أعرف هناك لي صديق هو يقدر أن يحل هذه المشكلة يتصل به ويتحدث معه ويذكر القصة ويطلب منه المعونة، يطلب منه عون هذا الأخ المسلم، هذا هو ما يقوله الإمام يتكلف لهذا، يعني يشق على نفسه ويشد على نفسه لأجل الآخرين، فإذا كان بخلاف ما وصفته فلا ولاية بيننا وبينه، هذا ما قاله الإمام الصادق عليه السلام، يقول المتوقع من ولينا ممن يوالينا أن يكون هكذا، إذا يستطيع أن يقضي فليسارع في قضاء حاجة أخيه. إذا لا يستطيع يبحث عمّن يقدر أن يحل مشكلة أخيه ويقضي حاجته، هذا هو الثاني والأثر الثالث على إهمال قضاء حوائج الناس هو الابتلاء باللعنة الأبدية: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مَنْ مَنَعَ طَالِباً حَاجَتَهُ وَهُوَ یَقْدِرُ عَلَی قَضَائِهَا فَعَلَيْهِ مِثْلُ خَطِیئَةِ عَشَّارٍ، فَقَامَ إِلَیْهِ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ: وَمَا یَبْلُغُ مِنْ خَطِیئَةِ عَشَّارٍ یَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: عَلَی الْعَشَّارِ فِی کُلِّ یَوْمٍ وَلَیْلَةٍ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِکَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِینَ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً. وسائل الشیعة، ج16، ص390.  من يأخذ عشر مال الآخرين ربما بالقوة، هنا المقصود بالعشرة من يأخذ بالابتزاز، يبتز الناس يأخذ بقوة أموال الإمام، النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول إذا استطعت أن تقضي حاجة أخيك ولم تفعل خطيئتك مثل خطيئة عشار، من يقطع طرق الناس ويأخذ لهم بقوة عشار. فقام إليه ما لك بن عوف فقال يا رسول الله وما يبلغ من خطيئة عشار؟ فقال صلى شبه هذا بالعشار فإذا عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين في كل يوم وليلة، ومن يلعن الله فلن تجد له نصيراً.
وأما الرابع من آثار إهمال حاجة الناس:
الابتلاء بالمعاصي: وَرَوَى يَعْقُوبُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ اَلْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ‌ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ‌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ يَقُولُ‌: «أَنْفِقْ وَأَيْقِنْ بِالْخَلَفِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُنْفِقْ فِي طَاعَةِ اَللَّهِ اُبْتُلِيَ بِأَنْ يُنْفِقَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‌ وَمَنْ لَمْ يَمْشِ فِي حَاجَةِ وَلِيِّ اللَّهِ ابْتُلِيَ بِأَنْ يَمْشِيَ فِي حَاجَةِ عَدُوِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‌». من لا يحضره الفقيه، ج4، ص412. اِنفق إذا كان عندك أن تنفق اِنفق، وعليك أن تعرف وتتيقن أن الله يخلف مكان هذا المال شيئاً من المال ويزيد في بركة مالكه، ليس مغرماً كما كان أهل البادية هكذا يظنون، في سورة التوبة الله تعالى يقول هؤلاء بعضهم يرى الزكاة مغرماً، مع أنها مغنم وليس مغرم، ليس غرامة بل هذا سبب للنمو وللبركة، الإمام يقول اِنفق وأيقن بالخلف، واعلم أنه من لم ينفق في طاعة الله ابتُلي بأن ينفق في معصية الله عز وجل، ومن لم يمشي في حاجة ولي الله ابتُلي بأن يمشي في حاجة عدو الله عز وجل. كم له من نماذج أنتم في حياتكم ربما ترون ذاك الغني أبى أن ينفق على المعوزين وعلى المحتاجين، ابنه الذي لم يكن ولداً خلفاً له هو يأخذ أموال أبيه ويصرف في الحرام، المال الذي كنت تقدر أن تنفق على مؤمن عندما أبيت أصبح موضع نهب لابنك غير الصالح. هذا قد يحدث في حياتنا أنا منذ شبابي إلى الآن رأيت مثل هذا النموذج، أبى أن ينفق في سبيل الله والحكومة الجائرة جاءت وأخذت أمواله، يعني أصبح مرغماً أجبروه أن يعطي للحكومة الجائرة أن يعطي للطاغوت هذا المال الذي كان يجب أن ينفق للمؤمن المحتاج. الإمام هكذا يتحدث كأنه سنة الله هكذا أنك إذا لا تنفق المال الذي أعطاك الله إياه، فهذه هدية من الله تعالى لك، وإرسال ذاك مؤمن المحتاج هو هدية أيضاً حتى يدلك على الخير، الله تعالى أرسله رحمة وأنت أبيت أن تعطي، الله تعالى يجعل هذا المال وبالاً عليك تنفق إما في الحرام لا سمح الله وإما يأتي جبار ظالم يأخذه بظلم منك. هكذا يقول الإمام عليه السلام ومن لم يمشي في حاجة ولي الله ابتُلي بأن يمشي في حاجة عدو الله عز وجل.
عن الإمام الصادق عليه السلام: مَنْ مَنَعَ حَقّاً للهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْفَقَ فِی بَاطِلٍ مِثْلَيْه. الکافی، ج3، ص506.     إذا كان ينفق في سبيل الله ما كان يبتلى، في هذا الأمر أن ينفق مثليّ هذا المال في سبيل الشيطان، في سبيل العداوة لله تعالى.        عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: مَنْ مَنَعَ مَالَهُ مِنَ الأَخْيَارِ اخْتِيَاراً صَرَفَ اللهُ مَالَهُ إِلَی الأَشْرَارِ اضْطِرَاراً. جامع الأخبار، ص176؛ مستدرک الوسائل، ج12، ص436-435..

 يعني سيضطر أن يعطي هذا المال إلى الأشرار بدلاً من أن يعطي هو باختياره إلى الأخيار.
والخامس من الآثار هو عذاب القبر: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ‌ يَقُولُ‌: مَنْ أَتَاهُ أَخُوهُ الْمُؤْمِنُ فِي حَاجَةٍ فَإِنَّمَا هِيَ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى سَاقَهَا إِلَيْهِ فَإِنْ قَبِلَ ذَلِكَ فَقَدْ وَصَلَهُ بِوَلاَيَتِنَا وَ هُوَ مَوْصُولٌ بِوَلاَيَةِ اللَّهِ وَ إِنْ رَدَّهُ عَنْ حَاجَتِهِ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى قَضَائِهَا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ شُجَاعاً مِنْ نَارٍ يَنْهَشُهُ فِي قَبْرِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ‌ ... . الكافي، ج2، ص196. سلّط الله عليه شجاعاً من نار، يعني حيّة من نار، شجاع هنا بمعنى حية ينهشه في قبره إلى يوم القيامة أعاذنا الله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

 

الخطبة الثانية

ما زلنا في أيام عزاء أهل البيت عليهم الصلاة والسلام في بدايات شهر صفر المظفر.

دخل أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مدينة دمشق في الشام، أنا أذكر رواية من كتاب الأمالي للصدوق رضوان الله عليه... وقالوا فلمّا دخلنا دمشق أدخل بالنساء والسبايا بالنهار مكشّفات الوجوه؛ فقال أهل الشام الجفاة ما رأينا سبايا أحسن من هؤلاء فمن أنتم؟ فقالت سكينة ابنة الحسين: نحن سبايا آل محمد صلى الله علیه وآله فأُقيموا على درج المسجد حيث يُقام السبايا وفيهم علي بن الحسين عليه السلام -وهو يومئذ فتى شاب- فأتاهم شيخ من أشياخ أهل الشام، فقال لهم: الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم وقطع قرن الفتنة! فلم يأل عن شتمهم فلما انقضى كلامه قال له علي بن الحسين عليه السلام أما قرأت كتاب الله عز وجل؟ قال: نعم. قال: أما قرأت هذه الآية- قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى‏ الشورى: 23؟ قال: بلى، قال: فنحن أولئك، ثم قال: أما قرأت‏ وآت ذا القربى حقه‏ أسرى: 26؟ قال: بلى، قال: فنحن هم. فهل قرأت هذه الآية إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا الأحزاب: 33؟ قال: بلى، قال: فنحن هم. فرفع الشامي يده إلى السماء ثم قال: اللهم إني أتوب إليك ثلاث مرات، اللهم إني أبرأ إليك من عدو آل محمد ومن قتلة أهل بيت محمد لقد قرأت القرآن فما شعرت بهذا قبل اليوم. ثم أدخل نساء الحسين عليه السلام على يزيد بن معاوية لعنه الله فصحن نساء آل يزيد وبنات معاوية وأهله وولولن وأقمن المأتم ووضع رأس الحسين عليه السلام بين يديه فقالت سكينة: ما رأيت أقسى قلبا من يزيد ولا رأيت كافرا ولا مشركا شرّا منه ولا أجفى منه وأقبل يقول وينظر إلى الرأس- ليت أشياخي ببدر شهدوا- جزع الخزرج من وقع الأسل‏.

ثمّ أمر برأس الحسين علیه السلام فنُصِب على باب مسجد دمشق فروي عن فاطمة بنت علي علیه السلام أنها قالت لما أجلسنا بين يدي يزيد بن معاوية رقّ لنا أول شي‏ء وألطفنا ثم إنّ رجلا من أهل الشام أحمر قام إليه فقال: يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية يعنيني وكنت جارية وضيئةجمیلة فأرعبت وفَرِقت وظننت أنه يفعل ذلك! فأخذت بثياب أختي وهي أكبر مني وأعقل فقالت: كذبت والله ولعنت ما ذاك لك ولا له فغضب يزيد وقال: بل كذبتِ والله لو شئتُ لفعلته! قالت: لا والله ما جعل الله ذلك لك إلا أن تخرج من ملتنا وتدين بغير ديننا. فغضب يزيد، ثم قال: إياي تستقبلين بهذا إنما خرج من الدين أبوكِ وأخوكِ! فقالت: بدين الله ودين أبي وأخي وجدي اهتديتَ أنتَ وجدك وأبوك. قال: كذبتِ يا عدوة الله! قالت: أمير يشتم ظالما ويقهر بسلطانه قالت فكأنه لعنه الله استحيا فسكت فأعاد الشامي لعنه الله فقال: يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية! فقال له: اعزُب وهب الله لك حتفا قاضيا. بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار    ج‏45    155

أيها الإخوة والأخوات أقول ما قاله سماحة الأمين العام سماحة السيد حسن نصر الله أن الرد على الصهاينة آتٍ بإذن الله تعالى. فطبعاً من سيرد ربما الإخوة اللبنانيون المقاومة في لبنان ترد، المقاومة البطلة في العراق والمقاومة السورية ترد والمقاومة اليمنية ترد وإيران بدورها سترد. فنحن نقول انتظروا فإنا معكم منتظرون. قالوا هؤلاء الصهاينة منتظرون ونحن أيضا منتظرون، فيجب أن يبقوا واقفين على رجل ونصف كما يعبّر عن حالتهم سماحة السيد، أنهم يجب أن يذوقوا الله الخوف والهلع والترقب للموت هذا يكون أشد من الموت وبإذن الله تعالى هذا الرد سيتحقق وسدّد الله رميتهم ونتوقع وندعو لهم وعليكم أن تزيدوا في دعواتكم في هذه الليالي لأجل توفيق أبطالنا في محور المقاومة.

والحمد لله رب العالمين.