۲٠۲۲/۱۱/٣٠ ۱۸:٣۵:٣۷
السيدة زينب(عليها السلام) بوصلة المجاهدين


السيدة زينب(عليها السلام) بوصلة المجاهدين

إن كان أمير المؤمنين علي  إمام المجاهدين فابنته زينب عقيلة الهاشميين سفيرة علي (عليه السلام) إلى المجاهدين، وباتت بوصلة الجهاد في جميع الساحات؛ من الجهاد المعرفي وجهاد التبيين ومقاومة الأعداء والنضال ضدهم (إدارة المرحلة الثانية من ثورة أبي عبد الله الحسين بعيد شهادته).

لن تضيع الأمّة الإسلامية في حركتها نحو الكمال والسمو، ولن تنكسر في مقاومتها أمام التحديات كافة إذا ما جعلت السيدة زينب ونهجها الجهادي بوصلة حركتها التكامليّة ونضالها المستمر.

فليس من شكّ؛ إنّ العقيلة زينب تشكل عنصر أساس في بناء المجتمع الإسلامي والدفاع عن الإسلام على مستوى الأفراد وعلى مستوى الجماعات، وكذلك على الصعيد المعرفي وعلى الصعيد القيمي؛ لذلك تلزم الإشارة إلى أهمً مراحلها الجهادية في الآتي:

1-      مرحلة إعداد ذات المجاهدة: ونقصد بذلك تلك المراحل التربويّة التي مرّت بها العقيلة زينب الكبرى  في مدرسة الجهاد؛ بإدارة جدّها محمّد وبإعداد علوي فاطمي، فالتغيير في الأنفس الذي هو أساس التغيير في المجتمع يعتمد على بناء الذات بالمعرفة والقيم والأخلاق، وصقلها على أساس الهويّة القرآنيّة؛ وهذا يشكّل المرحلة الأولى والرئيسة لإعداد زينب  المجاهدة؛ ويتضح ذلك من خلال التأمل في مراسيم تسمية حفيدة النبي؛ بعد أن هبط رسول السماء عليه قائلاً: "سمّ هذه المولودة (زينب) فقد اختار الله لها هذا الاسم"؛ ثمّ أشرف جدّها على كلّ ما يرتبط بولادتها وشؤونها الأخرى، فبقيت في بيت النبوة تنهل من معين النور الإلهي المتجلّي في شخصيّة رسول الله.

2-      مرحلة التعليم والتزكية: والمراد من هذه المرحلة تصدي السيدة زينب لنشر ثقافة القرآن الكريم وتعزيز القيم الإسلاميّة في المجتمع بكلّ مراحله بعد وفاة رسول الله وبعيد شهادة أمّها فاطمة الزهراء؛ لتشكيل النواة الأولى من المجاهدين والمجاهدات؛ فبإيعاز من أبيها الإمام علي (عليه السلام) وبعد اجتيازها المرحلة الأولى بنجاح تامّ شرعت العقيلة  بتوجيه الجيل السابق وتعليم الجيل الصاعد القرآنَ الكريم والقيمَ الإسلامية المحمديّة النبيلة؛ وقد اعتمدت كثيراً على ما تعلمته في البيت النبوي المقدس وما أخذته من أمها الزهراء.

فعملت زينب المجاهدة، على بناء معرفي وتأسيس قيمي للأمّة الإسلامية؛ وهي الشاهدة على ما حدت بالأمّة من مآسٍ بعد رحيل جدّها وإمّها، فكانت تروي الخطبة الفدكية وتبين معالمها ودلالاتها، كما أنّها المفسرة الأولى في زمانها للقرآن الكريم؛ فاستطاعت إعداد كوكبة من النساء والرجال يحملون علومها ويروون عنها أحاديث النبي وخطابات أمّها الزهراء (عليها السلام) في شتّى المسائل المعرفيّة، والدينية.

يقول الإمام الخامنئي (دام ظله) في هذا السياق أمام الكادر التمريضي: "إنّ جهاد التبيين مظهرٌ آخر على قدرة التدبير لدى زينب الكبرى، وهو واجب شبابنا اليوم"(12/12/2021).

علما أنّ زينب في ذات الوقت كانت تبلي بلاءً حسناً في القيام بواجباتها الزوجيّة ومسؤوليّتها التربويّة تجاه أبناءها؛ فكانت: تلميذة مجاهدة وزوجة مجاهدة، وأمّا مجاهدة، ومربّية مجاهدة، ومعلّمة مجاهدة.

3-      مرحلة النضال ومواجهة الأعداء: تظهر من خلال الكتب التاريخيّة أنّ السيدة زينب شرعت بهذه المرحلة إبّان شهادة أخيها الحسين؛ وهي المرحلة الثانية لثورة كربلاء؛ أي استمرار النضال ضدّ الظلم والعدوان، فكان دورها الرئيس مواجهة كلّ الخصوم بكلّ الوسائل والأدوات، وقد بذلت العقلية زينب جهداً كبيراً في حمل هذه المسؤوليّة وأداء الرسالة العظيمة، فاليوم الذي خرجت زينب إلى مواجهة الظلم أشبه بذلك اليوم الذي خرج على يد علي  الإسلام كلّه إلى الشرك والنفاق كلّه في غزوة الأحزاب، وقد تسلّحت زينب المجاهدة بكلّ عناصر القوة من العزيمة والإيمان والشجاعة والجرأة والصبر؛ لذلك استطاعت إدارة الصراع بنجاح بعد مجزرة كربلاء، خصوصاً في الكوفة والشام؛ فتنتصر هي والإسلام ذاك الانتصار الإلهي الموعود؛ بعد أن توعّدت الأعداء بالهزيمة النكراء، في الوقت الذي وعدت الأولياء بهذا الانتصار؛ وهي القائلة: "فكد كيدك -والخطاب موجه إلى يزيد- واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحوا ذكرنا ولا تميت وحينا"، ربطاً بما قاله الحسين للوالي في المدنية بداية نهضته المباركة، "ومثلي لا يبايع مثله"؛ فهذا الموقف من زينب  أمام يزيد يتطابق كلّياً مع موقف الإمام الحسين عند والي يزيد؛ لذلك يصح القول إنّ الجهاد المقدّس بناه وعزّزه الحسين واستمرّت به وحافظت عليه العقيلة زينب.

يلزم التأكيد قبل الختام، على أنّ سر خلود ونجاح زينب، هو انتصارها في كلّ ميادين الجهاد خصوصاً جهادي الأكبر والأصغر؛ هذا من جهة.

ومن جهة أخرى؛ إنّ زينب ليست رائدة الجهاد وبوصلته للنساء فقط، بل هي أيقونة المجاهدين جميعاً من الرجال والنساء، لأنّها بلغت شأناً عظيماً من الناحية المعرفيّة والقيميّة والنضاليّة والعناصر النفسيّة الإيمانية؛ فأصبحت العقيلة زينب سفيرة الإسلام إلى المجاهدين والمجاهدات؛ لم لا؟ وهي إعداد الحكمة إلهية في المدرسة المحمّديّة للقيام بواجبها الجهادي وفي أحلك الظروف إعلاء لكلمة التوحيد ودفاعاً عن القرآن والولاية والإمامة.                                

                                                                                                                      

   قسم البحوث