۲٠۲۲/۱۲/٠۲ ۱٦:٠٣:۲٠
السيدة زينب (عليها السلام) بلسم الجراح " يوم الممرضات "


السيدة زينب (عليها السلام)  بلسم الجراح  " يوم الممرضات "

 

عطاءات تلو عطاءات تقدمها حفيدة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) السيدة زينب الكبرى(عليها السلام)  في أحلك الظروف وأشدّها؛ وفي مختلف الجبهات بكلّ صبر وثبات؛ وكأنها أمام تلك البطولات في سبيل الله أرادت أن تضمد الجراح وتمنح الحنان والتحنان لمختلف المصابين والجرحى، بدءا من الاهتمام بمريض كربلاء مروراً بمداواة الأيتام والأطفال، وانتهاء بالسهر عند الأسرى والمصابين والسبايا في خربة الشام كي تبلسم الجراح.

 

إن زينب (عليها السلام) أيقونة الممرضات والممرضين في العطاء والتفاني وبلسمة الأرواح؛ وقد أعلن الإمام الخميني(قدس سره) يوم ولادتها يوم الممرضة المسلمة تأسّياً بقدوة النساء وبطلة كربلاء التي قامت برعاية الإمام السجاد وتضميد الجرحى في كربلاء، ويوم الممرضة هو بمثابة دعوة لكل اللواتي يعملن في هذه المهنة الشريفة ذات الطابع الإنساني وذات دلالات قيمية ومعانٍ رسالية ليحاولن التأسي بالسيدة زينب ورسالتها وجهادها وإخلاصها وتفانيها وصبرها ووعيها.

إن الممرضات اليوم مثل زينب أمس من خلال عملهن ومجهودهن وعطاءاتهن؛ يقول الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) في ذات السياق: "إنهن ملائكة الرحمة اللاتي يضحين لأجل المرضى والجرحى بوقتهن وراحتهن ويقمن بتوصيل أواصر المحبة والأمل إلى جميع المرضى".

 

لقد أثبتت زينب الكبرى باحتوائها للمرضى مع التزامها بمعاني الإيمان ودساتير القرآن من العفاف والحجاب و.. غيرذلك؛ بأنه يمكن للممرضة المسلمة الملتزمة بالأحكام الإسلاميّة أن تقدم كل ألوان التضحية في سبيل تخفيف آثار المرض وزرع الأمل لدى المصابين، وهذا عمل عظيم لا يقلّ أجراً من القتال في ساحات الوغى في سبيل الله.

إذن أظهرت العقيلة زينب أنّه يمكن أن تسموا المرأة بالحجاب والعفاف -وهي تبلسم الآلام وتداوي الجراح- إلى ذروة العطاء وبلوغ عزة الجهاد وتعدل بذلك أجر الشهيد والشهادة؛ وبالتالي أبطلت مفاعيل كل الشبهات وبعض الأقاويل حول تقييد الحجاب للمرأة، وأنّه يحول دون وظائفها الاجتماعية السامية، فمن مثل زينب التي حملت لواء ثورة الحسين والجهاد بعد شهادة أخيها، وفي ذات الوقت لم تنشغل عن واجباتها المختلفة ومسؤولياتها الجسام تجاه نفسها وتجاه الآخرين، فهي مدرسة متكاملة في العطاء والوفاء ولم تهمل واجبا من الواجبات وهي مثقلة بالجراح والآلام.

 

شاركت زينب من خلال القيام بواجبات التمريض للنساء والأطفال مشروع الشفاء الإلهي؛ أي أنها أصبحت مرآة للرحمة الإلهية ووسيلة للشفاء وأي توفيق أعظم من هذا العمل، فلا يبلغ هذا الشأن إلا ذو حظ عظيم.

إن التمريض عبارة عن علم وفن وقيم إنسانية نبيلة؛ وهو يحتاج إتقاناً وأمانة وقدراً كبيراً من الإنسانيّة قد لا يتوفّر في كلّ إنسان، ويمد الممرض أو الممرضة المجتمع بخدمات جليلة وهي محاولات علاجيّة في طبيعتها تساعد الفرد على مقاومة المرض، وتخفف المضاعفات الناتجة عنه سواء كانت جسمانيّة أو نفسيّة، وبالفعل قامت زينب بهذا الدور العظيم خصوصاً لما أصيب الإمام زين العابدين  بالحمى الشديدة قبيل شهادة الإمام الحسين ، بل ينسحب دورها التمريضي إلى ماض بعيد، فهي التي كانت تداوي جراحات وآلام أمها فاطمة الزهراء (عليها السلام) وأيضاً أبيها الإمام علي ، وأخيها المسموم الإمام الحسن(عليهم السلام أجمعين)، وهذا ما يحتاج إلى معرفة بالمهنة ومهارات لازمة وصبر كبير وعمل دؤوب علاوة على جانب كبير من الرأفة والرحمة والحنان والعطف؛ وقد توفر كل ذلك عند زينب (عليها السلام).

ومن هذا المنطلق يتمّ الاحتفال كلّ سنة بيوم التمريض تزامناً مع ذكرى ولادة السيدة زينب  تخليداً لما قامت به السيدة الجليلة وكذلك تكريماً للكادر التمريضي لإسهاماتهم الكبيرة في المجتمع؛ وهذا الاحتفال السنوي بمهنة التمريض وموظفيها باحترام وتقدير يحمل دلالات عظيمة ويعزّز من قيمة هذه المهنة الشريفة ومن شان العاملين فيها، وهذا إقرار بقيمتهم واعتراف بفضلهم.

فسلام على زينب الحوراء  التي سهرت عند المرضى والثكلى والجرحى كي تنام عيونهم، وتعبت كي يرتاحوا، وبذلت المستحيل من أجل الممكن وهو الصمود ومقاومة الأعداء؛ فهنيئاً للكادر التمريضي بهذا الوسام العظيم وهو اقتران يوم التمريض بذكرى ولادة السيدة زينب (عليها السلام).

 

            والحمد لله ربّ العالمين

            قسم البحوث