لقد حصَّن الإسلام المرأة ودعا للمحافظة على حقوقها وكرامتها وموقعيّتها الاجتماعية واحترامها كإنسان له حقوق وعليه واجبات. الإسلام يقول: إذا أقمتم البناء الزوجيّ الّذي تنشده فطرة الإنسان وغريزته على أسس صحيحة فهذا يُعينكم في دينكم ودنياكم وآخرتكم، لذلك أكّدت الروايات على أنّ الإنسان المتزوّج قدرته على تجنّب المعاصي أكبر من قدرة العازب. وذلك لطمأنينتُه وسكون نفسه ﴿لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾، كما أنّ قيامه وصلاته وصيامه وطاعاته أفضل. والأهمّ من كلّ ما تقدَّم هو تحويل العلاقة الزوجيّة إلى عبادة، وإلى واحدة من المصاديق الّتي تُقرِّب من الله عزّ وجلّ.
وأعطى الله تعالى العلاقة بين الزوجين بُعداً أخروياً، وبالتالي فهناك عقاب في حال التخلُّف عن الواجبات الزوجيّة أو التّراخي أو الإيذاء. إذاً، أدخل الله تعالى مؤسَّسة الزّواج في دائرة الثواب والعقاب الأخروي، وفي هذا الموضوع سألت أُمُّ سلمة كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن فضل النساء في خدمة أزواجهنَّ، فقال لها: "أيّما امرأة رفعت من منزل زوجها شيئاً من موضع إلى موضع تُريد به صلاحاً نظر الله عزّ وجلّ إليها، ومن نظر الله إليه لم يُعذِّبه"([1])، وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "أيُّما امرأة خدمت زوجها سبعة أيّام، غَلَق الله عنها سبعة أبواب من النار، وفتح لها ثمانية أبواب من الجنّة تدخل من أيّها شاءت"([2]).
وفي الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إنّ لي زوجة إذا دخلت تلقّتني، وإذا خرجت شيّعتني وإذا رأتني مهموماً قالت: ما يهمّك؟ إن كنت تهتمّ لرزقك فقد تكفّل به غيرك، وإن كنت تهتمّ بأمر آخرتك فزادك الله همّاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بشّرها بالجنّة وقل لها: إنّك عاملة من عمّال الله ولك في كلّ يوم أجر سبعين شهيداً"([3]).
وفي المقابل، عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إنّ الرجل ليؤجر في رفع اللقمة إلى فيّ امرأته"([4])، وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "جلوس المرء عند عياله أحبُّ إلى الله من اعتكاف في مسجدي هذا"([5]).
نسأل الله تعالى أن يجعلنا رحماء فيما بيننا قوّامين بالقسط، منصفين، عطوفين، لا نحيف على أزواجنا ولا نقصّر في الأخذ بأيدي عوائلنا إلى ساحة رضا الله سبحانه، إنّه سميع مجيب.
* مواعظ شافية، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج 20، ص 172.
([2]) ميزان الحكمة، الريشهري، ج 2، ص 1186.
([3]) مكارم الأخلاق، ص215.
([4]) ميزان الحكمة، ج2، ص1186.
([5]) م. ن.