۲٠۲٣/٠٣/٠٦ ۱٤:۲۱:۲۵
خطبة صلاة الجمعة 10شعبان 1444هـ لسماحة الشيخ نبيل الحلباوي


بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة لسماحة الشيخ الدكتور نبيل الحلباوي (زيد عزه)، في مصلى مقام السيدة زينب (عليها السلام)، بتاريخ 10 شعبان 1444ه.

الخطبة الأولى:

إن موضوع خطبتينا لهذا اليوم عن الإمام المهدي ومولده الشريف وما يتعلق بقضيته، ونحن على أعتاب مولده، عجّل الله فرجه وسهل مخرجه وجعلنا من جنده وأعوانه وأنصاره والمستشهدين بين يديه، فأختزل الحديث في نقاط مختصرة، أُفهرس فيها أبرز ما يدور حول هذه القضية. وأشير إشارات تحتاج إلى تفصيل، وإن شاء الله ينبغي أن تكون هناك محاضرات وكلمات في غير هذا المقام.

النقطة الأولى: وهي مولد صاحب الزمان، ومن العجب العجاب أن يأتي بعض الآبقين الذين كانوا في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) ليشككوا في مولد صاحب الزمان (عليه السلام) وليقولوا: ما الدليل التاريخي على ولادة ابن الحسن العسكري (عليه السلام)؟ وبالطبع يكفينا مؤونة الرد عليه أن إخوتنا من أهل السنة لم يشكك أحد منهم، نعم هم يعتقدون أنه ابن الحسن العسكري لكن هم يقولون بأن الموعود سيأتي فيما بعد أو سيولد فيما بعد، أما التشكيك في ولادة ابن للإمام العسكري فلم يدخل هؤلاء في هذه القصة ولم يناقشوها.

فالذي نريد أن نقوله أن مولده ثابت بالأدلة العقلية والأدلة النقلية، وهي قضية أوضح من أن تحتاج إلى إيضاح، ولا يمكن أن يشكك فيها إلا إنسانٌ باع عقله وتخلى عن رشده، ويكفينا في هذا المقام الأحاديث التي تتحدث عن الإمام، ولا سيما الحديث المشهور الذي هو حديث الثقلين وفيه يقول: "ألا وإن اللطيف الخبير أنبأني أنهما لن يفترقا" (الترمذي، 2، 308) ويعني الكتاب والعترة، إذاً لا يمكن أن يكون هناك كتاب بدون أن يكون هناك ممثل للعترة النبوية، ثم أحاديث "من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية" (الإقبال بالأعمال، ج2،ص252) ثم أحاديث "يكون عليكم بعدي اثنا عشر خليفة" (صحيح مسلم، 1822)، وحديث " وأنت أبو حجج تسعة تاسعهم قائمهم" (ينابيع المودة، ج2، ص44)، يعني أولاد الحسين، وأحاديث الإمام العسكري عليه السلام في أنه كان ينتظر مولوده.

لقد استغل هؤلاء مسألة من المسائل الدقيقة في التاريخ؛ وهي أن الإمام العسكري عليه السلام كان بين أمرين: من جهة يريد أن يثبت أن مولوده الحجة قد ولد، ومن جهة أخرى ألا يعلن ذلك لأن السلطة كانت تتربص وتنتظر وتفتش - حتى النساء الحوامل - من أجل أن تقضي على كل سلالة النبوة وعلى مسيرة الأئمة، فكان بين أمرين بين إعلانٍ للخاصة وكتمانٍ عن عموم الناس وعن السلطة، من هنا رفع بعضهم لواء أنه لم تثبت تاريخياً ولادة الإمام العسكري، وهذه القضية هي على غرار قضية إيمان أبي طالب (سلام الله عليه) الذي كان بين أمرين: بين أنه لا يريد أن يظهر ويعلن على الملأ لأن هذا سيمنعه من أن يحمي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي الوقت نفسه كان يستطيع أن يعلن ذلك بينه وبين الخاصة، كأن يكون بينه وبين رسول الله (صلى الله وآله وسلم) وقد شهد له النبي وشهد له علي (عليه السلام) وشهد له الأئمة كالإمام الصادق (عليه السلام) أنه كان مؤمن آل قريش.

النقطة الثانية: وهي أنه من الأئمة الاثني عشر، وأنه آخرهم وقائمهم، وأنه محقق أحلام الأنبياء والأولياء وقد شهد بذلك بعض أكابر علماء أهل السنة كابن كثير في تفسيره، وابن طولون المؤرخ، وبقرائن كثيرة ذكرناها، ومنها حديث الاثني عشر وغيره، وكلها تدل على أنه حصراً من الأئمة الاثني عشر، وليس إنساناً سيولد ويكون في آخر الزمان.

النقطة الثالثة: هي قضية بقائه كل هذه المدة الطويلة، إذا كان قد ولد فكيف بقي إلى هذا الزمان؟ وأيضاً هذه من التي لا ينقضي منها العجب؛ هل يوجد مسلم قرأ القرآن وفهمه وتدبره يشكك في أن إنساناً غير موجود لأن حياته طالت؟ ما المشكلة في أن تطول حياة إنسان؟ وعندنا نظائر لهذه القضية في القرآن الكريم: فإدريس (عليه السلام) رفعه الله مكاناً علياً، وعيسى (عليه السلام) رفعه الله إليه، وكثير من الصالحين والطالحين حالهم هذا، وإبليس باقٍ إلى آخر الزمان، وكذلك السامري بقي مدة طويلة ويبقى، فهل عند هؤلاء شك في أن الله عز وجل بمقدوره وإمكانه - وهذا من أبسط البسائط - أن يطيل حياة إنسان ألفاً وألفين وعشرة آلاف ومئة ألف من السنين؟ ما الإشكال؟ لا يوجد استحالة عقلية.

نعم هذا أمر ليس عادياً، لكن له نظائر في القرآن الكريم، ويكفينا مؤونة من أراد أن يتوسع في هذه القضية فليرجع إلى الكتيّب النفيس للسيد الشهيد محمد باقر الصدر (رض) بعنوان "بحث حول المهدي" يناقش فيه هذه القضية مناقشة كاملة ليس بعدها مزيد.

النقطة الرابعة: وهي قضية خروجه، التي لم ينكرها حتى كبار علماء إخوتنا من أهل السنة، فأغلبهم مجمعون على أنه سيخرج في آخر الزمان إنسان من ولد فاطمة اسمهُ اسمُ النبي، وبعض التفاصيل دخل عليها بعض التغيير، لكن أصل المسألة مقرر عند السنة والشيعة على حد سواء، ويكفينا أن نقول أن بعض كبار علماء السنة أنكروا الحديث الضعيف الذي يقول "لا مهدي إلا عيسى" فهذا حديث ضعيف عند جميع أهل السنة، وقد أنكره كثيرون من كبار علمائهم، والحديث الأوضح والأشهر الذي يخرجه مسلم " كيف بكم إذا نزل عيسى بن مريم وإمامكم منكم" (صحيح البخاري، 3449) فإذاً عيسى شيءٌ والمهدي شيءٌ آخر.

ومن اللطيف أن نقول إن كل العلماء، حتى علماء الوهابية وقبل الوهابية كابن تيمية، شهدوا وصدقوا بخروج المهدي من آل محمد (صلوات وسلامه عليه وعليهم)، وعندمنا سئل عبد العزيز بن باز (مفتي السعودية سابقاً) ما رأيك في قضية المهدي؟ قال: قضية إسلامية مئة بالمئة. يعني أنه سلم بها وشهد بها، وأمر أحد تلامذته الكبار وهو عبد المحسن العباد - وهو مدرس في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة - أن يكتب بحثاً وافياً حول قضية خروج الإمام المهدي في آخر الزمان، فهي قضية إسلامية وليست قضية شيعية مذهبية طائفية، وعلى هذا الصعيد نستطيع أن نقول إن كثيرين من البارزين المشهورين لهم كتب حول الإمام المهدي ضمن أحداث مستقبل الزمان، وهناك كتب خاصة بخروج الإمام المهدي لِلفيفٍ من علماء إخوتنا من أهل السنة.

النقطة الخامسة: وهي أن هذه القضية الحق الصحيحة الواضحة الصريحة المهمة قد حوّلها بعضهم من قضية إسلامية فعالة إيجابية إلى قضية سلبية الخطيرة، ومع الأسف هذا يحدث حتى في بيئاتنا، أحيانا في بعض البيئات بدلاً من أن نستفيد مما فيها من حيوية وفسح لباب الأمل ودعوة إلى الانطلاق، وبدلاً من أن تكون للتثوير جعلها بعضهم للتخدير،  فقالوا إنا إلى ظهور صاحب الزمان (عجل الله فرجه وسهل مخرجه) في آخر الزمان ينبغي أن ننام ونخلد إلى السكون وألا نتحرك أي حركة، وإن أي حركة لإقامة الدين على مدى مئات السنين ستكون تعطيلاً لظهور صاحب الزمان؛ لأنه عليه السلام بحسب الحديث يملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، فيجب أن نفرح كلما امتد الظلم والجور والفساد والإثم، ولو وجدنا السوء والإثم في الشوارع علينا أن نفرح لأن هذا يعني قرب ظهور صاحب الزمان (عليه السلام)!

بالله عليكم؛ هل هذا فكر إسلامي صحيح؟ وأين واجبات المسلم في كل زمان وفي كل مكان؟ إذاً الفكرة الإيجابية يمكن أن تتحول إلى أفيون، ومن هنا استفاد بعض الملاحدة مثل كارل ماركس وقال: الدين أفيون الشعوب، يعني برأيه أن الدين استخدم لتخدير الناس، مع أن الدين هو مبعث حيوية وحركة وحياة وانطلاق وتفتيق للإمكانات والطاقات في الإنسان، ولا يوجد كالدين عاملُ وقوفٌ في وجه المستكبرين والظالمين وكل الشياطين في هذا العالم، فيجب ألا نقبل بتحويل هذه القضية إلى قضية تنويمية تخديرية سلبية.

وأعجَبُ العجب أن بعضاً من الناس بلغ به العداء لحيوية هذه القضية وحركيتها وإيجابيتها أن أجاز لنفسه أن يقتل كل من يقوم بأي دور في غياب صاحب الزمان (عجل الله فرجه وسهل مخرجه) وإيران في بداية الثورة عانت من أولئك، حيث كانت هناك جماعة لطالب من الحوزة من محدودي التفكير والفهم والعمق، سماها "فرقان" أخذت على عاتقها قتل رجال الثورة الإسلامية، وكان أول من اغتالتهم هذه الفرقة هو الشهيد الشيخ مرتضى مطهري، المفكر الإسلامي الكبير، الذي يقول عنه الإمام الخميني: مطهري حصيلة عمري، ويقول: إن أفكاره إسلامية مئة بالمئة. قتلوه في أول نجاح الثورة وكان رئيساً لمجلس قيادة الثورة، وبعد ذلك اغتالوا الجنرال ولي الله قرني الذي كان يعول عليه في تجديد الجيش بعد الثورة، وكان الضابط الوحيد الكبير ضد الشاه، وقتلوا الشهيد الدكتور مفتح من أعظم أركان الثورة الإسلامية، فإلى هنا وصل الأمر.

النقطة السادسة: أنه على امتداد تاريخ غياب صاحب الزمان (عليه السلام) وجد كثيرون ممن ادعوا النيابة، ونحن نعلم أن للإمام (سلام الله عليه) غيبتان: غيبة صغرى، وناب عنه فيها أربعة من النواب على التعاقب ليس سواهم وكانوا في طول واحد وليسوا في عرض بعضهم؛ يعني الأول ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع، والرابع أعلن نهاية الغيبة الصغرى وأن النيابة الخاصة انتهت، ثم الغيبة الكبرى التي أنيط الأمر فيها بالنيابة العامة، يعني نيابة الفقهاء المتصدين القائمين بالدور،  هؤلاء هم الذين ينوبون عن صاحب الزمان في القيام بالدور المطلوب، فبعد ذلك لا يوجد نائب خاص، فإذا جاء أناس في هذا الزمان وادعوا النيابة الخاصة فهي مردودة عليهم إذ لا توجد نيابة خاصة بعد بدء النيابة العامة.

نعم عندما يأتي صاحب الزمان (عجل الله فرجه وسهل مخرجه) سيمسك الراية بيده ويعطي أوامره وينتقي من ينتقي ليكونوا من قواده ومن جماعته ومن أنصاره الكبار، لكن في غيابه أيُّ دعوة بالنيابة الخاصة ليس لها أساس في الدين وفي المذهب.

الخطبة الثانية:

ننتقل إلى الحديث عن الموطئين والممهدين لصاحب الزمان عجل الله وسهل مخرجه ثم نختم بالحديث عن الثورة الإسلامية والإمام الخميني وبعض البُشريات بين يدي ظهور صاحب الزمان.

النقطة السابعة: هي معنى الانتظار لصاحب الزمان، وهو الذي أُمرنا به جميعاً، وكيف يأتلف وينسجم مع الحركة والقيام بالدور، وقد استغل بعضهم مفهوم الانتظار فقال: ننتظر إذاً ليس علينا أن نتحرك في الواقع.

هؤلاء يهملون عدة نقاط: الأولى ما روي من أن "أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج" (كمال الدّين وتمام النعمة، ص644)، لم يقل أفضل حالات النوم لأمتي انتظار الفرج، فهو عمل بل هو أفضل عمل، بل كله عمل وحركة ونشاط ودأب وحيوية لا تهدأ ولا تسكن ولا تفتر، هو نشاط على كل الأصعدة؛ تربوياً وأخلاقيا وتبليغياً ومعنوياً وروحياً.

وبالله عليكم؛ لو قيل لنا بعد قليل سيدخل عليكم شخصية من الشخصيات الإسلامية الحبيبة إلى قلوب كل المؤمنين هل ننام؟ أو نجلس وننتظر ونهيئ أنفسنا ونتخذ أعلى حالات اليقظة الروحية والعقلية والمعنوية ونتأهب ونستعد للقاء ذلك المنتظر؟ فالانتظار هو الانتظار الإيجابي وليس الانتظار السلبي، وكما ننتظر صاحب الزمان عليه السلام فإنه ينتظر أن نصل إلى المستوى المطلوب حتى يخرج، هو غاب بسبب ذنوبنا وأخطائنا وعيوبنا وتقصيرنا، فلن يظهر إلا إذا ارتقينا إلى مستوى يطلبه وينتظره منا، وكما أنه منتظَرٌ فهو منتظِرٌ؛ ينتظرنا نحن ليرى أين نحن؟ هل هيأنا أسرنا وطلابنا ومجتمعنا؟ هل هيأناه للقاء صاحب الزمان؟ فهذا عمل وليس نوماً، والانتظار انتظار إيجابي.

 النقطة الثامنة: هل المطلوب فقط أن تنتظر؟ هناك أحاديث كثيرة عن الذين يوطؤون للمهدي سلطانه ويهيؤون له الساحات ويقومون بإعداد الناس للقاء صاحب الزمان (عجل الله فرجه وسهل مخرجه) وحتى عند إخوتنا أهل السنة توجد أحاديث من قبيل "فأتوهُ ولو حبوا على الثلج" في الإشارة لرايات من خراسان وراية اليماني، وكلها رايات تمهد لمجيء صاحب الزمان وظهوره (عجل الله فرجه) وانتصاره الكبير، فلا بد من جهد إعدادي تهيئي انتظاري حقيقي تمهيدي، هذا يجب أن نأخذه على عاتقنا، وهذا ما فهمه الإمام الخميني (رضوان الله عليه) وهو مرجع وقائد ومفكر إسلامي كبير، فهمَ أن عليه هو أن يقوم بالتمهيد والإعداد، فماذا فعل؟ فجّرَ ثورة ضد الشاه بشعب أعزل واستطاع أن يقذف بعرش الطاووس إلى مزبلة التاريخ، واستطاع أن يقيم دولة وليس فقط ثورة، دولة متقدمة متطورة منسجمة مع كل معطيات الزمان، تزداد يوماً بعد يوم قوة وعلماً وتقانة وفناً، واستعداداً لتكون أرضية، وليهديها إلى صاحب الزمان عجل الله فرجه وسهل مخرجه بكل ما فيها من طاقات وإمكانات مادية وعسكرية وعلى كل الصعد، هذا تمهيد، وأن ننام وننتظر هذا تمهيد؟! شتان.

وأطلق الإمام الخميني صحوة في كل العالم الشيعي والإسلامي بشكل عام، ودعا إلى الوحدة الإسلامية، وندب الناس إلى أن ينتظروا ويهيؤوا أنفسهم وأشعلها حرباً في وجه الاستكبار والصهيونية العالمية.

وأختم بنقطة: يبدو أن بين يدي ظهور صاحب الزمان (ريثما يظهر) هناك بُشرَيَان للأمة الإسلامية كلها أي لكل مستضعفي الأرض.

البشرى الأولى: هي أن هذا الكيان المسمى اسرائيل سيزول، وآية ذلك ما ترون الآن من الصراع القائم داخل المجتمع الصهيوني، يتقاتلون الآن في الشوارع مع الحكومة في صراع عنيف لا يُرى له أي لون من ألوان الوصول إلى حل، وحتى لو وصلوا إلى حلٍ وسطٍ سيتفجر ذلك الحل بعد قليل ويعودون إلى الصراع، فقد حُكمَ عليهم بالصراع فقال تعالى: Pوَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِO (سورة البقرة، 61) هذا الغضب الذي سيقضي عليهم، ونحن سنكون من عوامل القضاء عليهم، لكن سيساعدنا هذا الجو الموجود بينهم.

 البشرى الثانية: بدء انحدار المستكبر الأمريكي، وأيضاً سيكون هناك أرضية لهذا الانهيار والانحدار الذي تنبأ به قبل أكثر من مائتي سنة "شبنغلر" في كتابه "تدهور الحضارة الغربية" وغيره من الكُتّاب، وبداية الانهيار الآن هذا الصراع القائم بين ترامب وبين الحلف الآخر في وجهه، وسيجعل الله بأسهم بينهم ويرمي بعضهم ببعض، وهذا مصداق لأدعية المؤمنين: اللهم ارم الظالمين بعضهم ببعض وأخرجنا منهم سالمين غانمين.

إذاً ليس المطلوب أن نوقِّت فقد كذب الوقاتون، وليس المطلوب أن يدّعي بعضُنا نيابة، بل المطلوب أن ننتظر انتظاراً إيجابياً، أن نعد أنفسنا عقلياً وروحياً ومعنوياً وتقنياً وعلمياً علمياً.

 أيها الإخوة، قلتها مراتٍ: صاحب الزمان ليس كما ظن بعضهم من أنه سيعود إلى القتال بالسيف والترس وعلى الحصان وعلى الجمل؛ فالعلم يكون إلى زمانه جزءاً فيضيف إليه ثلاثة وعشرين جزءاً، أي إن الإمام صاحب الزمان إذا جاء إلى زمانٍ العلمُ فيه متطور سيأتي بعلوم أكثر تطوراً ونهضة فكرية وعلمية وتقنية لم يعرف لها العالم مثيلاً، وإلا كيف يتفوق ويتغلب على كل تلك القوى التي يتمتع بها الغرب المجرم الظالم المتسلط والمستكبر؟ هذه هي القضية، فهل بدأنا بالإعداد؟

وعندما نقرأ دعاء الندبة فلنستلهم المعاني الموجودة فيه حيث نقول "ومرافَقَةِ سَلَفِهِ" أي نكون مع من يهيئ له ومن يكون قبله في الطريق إليه، مستعدين متأهبين جاهزين قائمين بالدور، وعند ذلك يكون أملُنا بظهوره أكثر منطقية وعقلانية وثباتاً ورجوحاً.