۲٠۲٣/٠٣/۲۷ ۱٤:٤۱:٠۵
خطبة الجمعة لسماحة حجة الاسلام والمسلمين الشيخ حميد صفار الهرندي (أعزه المولى) بتاريخ 2 رمضان 1444هـ


بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ حميد الصفار الهرندي (زيد عزه) ممثل الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) في سورية، بتاريخ 2 من شهر رمضان 1444هـ.

الخطبة الأولى:

كان دأبُنا في الخطبة الأولى أن نتحدث حول أسلوب الحياة وفقاً للرؤية الإسلامية، وعلاقة المؤمنين بعضهم مع بعض في الرؤية القرآنية وفي منظور روايات أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) وفي سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فوصل كلامنا إلى البحث حول الضيف، وقد تزامن هذا الحديث مع ضيافة الله تزامناً مباركاً إن شاء الله.

للضيف قيمة في الثقافة الإسلامية وثقافة الأنبياء، والضيف مكرم عند الله تعالى حيث يقول في محكم كتابه Pهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَO (سورة الذاريات، 24-27)، هذا درسٌ مفادهُ أن الضيف إذا جاءك عليك أن تكرمه كما فعل النبي إبراهيم (عليه الصلاة والسلام) عندما جاءه ملائكة الله تعالى بصورة رجال وظنَّ أنهم من بني البشر فجاء بعجل حنيذ - وفي آية أخرى "جاء بعجل سمين" - ليطعمهم، والله تعالى يقص هذه القصة حتى يعلمنا ما هو شأن الضيف، ولم يكن ضيوف إبراهيم يأكلون لذلك استغرب النبي إبراهيم (عليه السلام) وقال ألا تأكلون؟ يعني لماذا لا تأكلون؟

ويقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "كلُّ بيتٍ لا يدخُلُ فيهِ الضيفُ لا تَدخُلُهُ الـمَلَائكة" (جامع الاخبار، ص378)، هذه هي ثقافة الضيافة عندنا، وعن أبي عبد الله الصادق (عليه الصلاة والسلام) قال: "جاءت فاطمة (عليهما السلام) تشكو إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعض أمرها فأعطاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) كريسة (كرّاسة) وقال: تعلمي ما فيها، فإذا فيها: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت" (الكافي، ج2، ص667) فكأن من شرط الإيمان إكرام الضيف.

ويقول أمير المؤمنين (عليه السلام): "أكرم ضيفك وإن كان حقيراً" (غرر الحكم 3341)، من طبع الإنسان أنه إذا كان الضيف في عينه عظيم القدر والمكانة الاجتماعية أو السياسية وما شابه ذلك، أو كان ممن يحبه، فإنه يكرمه، بينما يعلّمُنا الإمام (عليه السلام) أن إكرام الضيف أمر مرغوب فيه بنفسه، فلا تنظر إلى مَنْ هو هذا الضيف؟ 

وفي رواية أنه نزلَ برسولِ اللهِ ضيف فلم يجدْ عندَ أهلهِ شيئًا، فدخلَ عليهِ رجل منَ الأنصارِ فذهبَ بالضَّيفِ إلَى أهلهِ، ثمَّ وضعَ بينَ يديهِ الطَّعامَ وأمرَ امرأته بإطفاءِ السراج، وجعلَ يمد يدهُ إلَى الطعامِ كأنه يأكل ولَا يأكلُ، حتَّى أكلَ الضَّيفُ إيثارًا للضَّيف علَى نفسهِ وأَهلهِ، فلمَّا أصبحَ قاَل لهُ رسولُ اللّهِ (صلى الله عليه وآله): لقدْ عجبَ اللّهُ منْ صنيعكُم الليلةَ بضيفكم. ونزلتْ آيةُ Pوَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌO.

وعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: "لا يُقطَعُ الأجيرُ والضيفُ إذا سَرَقَا لأنهما مؤتَمَنان" (علل الشرائع، ج2، ص535)، فمن جاء في بيتك وقد جئت به كأجير، وكذلك الضيف الذي قد يتجرأ ويخون المضيف - وهذا شيء غريب مستقبح - ولكن الإمام الصادق عليه السلام يقول: لا يقطع الأجير والضيف إذا سرقا لأنهما مؤتمنان، فالأصل الأول أنهم قد أؤتمنا، فيعفو الله تعالى عن قطع يدهما إذا سرقا.

وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أَكْرِمِ اَلْجَارَ وَلَوْ كَانَ كَافِراً وَأَكْرِمِ اَلضَّيْفَ وَلَوْ كَانَ كَافِراً وَأَطِعِ اَلْوَالِدَيْنِ وَلَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ وَلاَ تَرُدَّ اَلسَّائِلَ وَإِنْ كَانَ كَافِراً" (جامع الأخبار، ج1، ص84)، فقد تظن أن هذا الجار بما أنه كافر لا يصلح للإكرام فيشير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أن نفس الجيرة سبب لأن تكرمه ولو كان كافراً، وطبعاً المقصود منه ليس الكافر الحربي، بل الكافر الذي لا يؤمن بالإسلام  كالمسيحي اليهودي وما شابه ذلك، والضيف أيضاً إذا كان كافراً قد تتساءل هل يجب إكرامه؟ وكذلك الوالدان، والسائل أيضاً إذا مد يده إليك فهذه يد الله ممدودة إليك، لذلك يستحبُّ عندما تعطي السائلَ الصدقةَ أن تقبل يدك، بأنك صافحت الله تعالى فهو الذي أرسل هذا السائل إليك - ولو كان كافراً - ويتوقع الله تعالى أن تدفع له شيئاً ولو يسطاً ولا ترده.

وعن أبي جعفر محمد الباقر (عليه الصلاة والسلام) يروي عن أبيه زين العابدين (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: "إذا دَخَلَ الرجُلُ بلدةً فهو ضيفٌ على مَنْ بها مِنْ أهلِ دينِهِ حتى يرحَلَ عنهم" (الكافي، ج6، ص282)، وكثيراً ما يدخل ضيوفٌ عليكم أنتم جيران زينب الكبرى (سلام الله عليها) وتستقبلونهم حق الاستقبال، في الأربعين وفي أيام زيارة سيدتنا زينب (سلام الله عليها) ونرى أن أهل هذا البلد - مع ما يعانون من المشاكل - يوفرون ما يستطيعون ليقدموا لضيوف سيدتنا العقيلة (سلام الله تعالى عليها)، فأحسنتم وأجدتم في ضيوفكم، وإن شاء الله تستمرون في هذا الذي هو من شيمتكم، أنتم الذين تربيتم في مدرسة أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام).

وعن الإمام أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام): "الضيف دليل الجنة" (بحار الأنوار، ج72، ص461)، وقال "ومن لم يكرم الضيف فليس مني"

الخطبة الثانية

أقرأ الخطبة الشعبانية أو الرمضانية، باعتبار أنها حول شهر رمضان ممكن نسميها بالخطبة الرمضانية وبما أنها ألقيت من قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الجمعة الأخيرة من شهر شعبان المعظم تسمى بالخطبة الشعبانية.

عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه الصلاة والسلام) عن أبيه موسى بن جعفر (عليه السلام) عن أبيه الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) عن أبيه (الباقر عليه السلام) عن أبيه زين العابدين (عليه السلام) عن أبيه سيد الشهداء الحسين بن علي (عليه السلام) عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) قال: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خطبنا ذات يوم فقال: أيها الناس إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة الباء كما يقول النحويون هي باء المصاحبة والملابسة، بمعنى المعية والمصاحبة، أي شهر مصحوب محفوف بالبركة والرحمة بالمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور إن الله تعالى يجعل بعض الأوقات أفضل من الأوقات الأخرى، وبعض الأماكن أشرف من الأماكن الأخرى، حيث مكة من أشرف مواضع وبقاع الأرض، وكما أن كل الأرض ملك الله تعالى لا فرق بينها ولكن الله تعالى شرف هذا المكان بوجود بيته في هذا المكان والزمان، وأيضاً أفضل الأوقات هي أوقات شهر رمضان وخصوصا ليالي القدر، وأيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات هذه كلمات الصادق الأمين، النبي الذي لا يجازف ولا يبالغ ولا يقول إلا الحق.

هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله يعني أن الله تعالى يكرم الجميع في هذا الشهر المبارك فعلينا أن نتعرض لهذه النفحات فيه، كما قال سماحة الإمام القائد الإمام الخامنئي حفظه الله تعالى في كلمته بداية هذه السنة الشمسية الهجرية: على الإنسان ألا يتوقى من نسيم الربيع وهذا الشهر المبارك ربيع القرآن أيضاً مثل ربيع الطبيعة، علينا أن نعرض أنفسنا ونتعرض لنفحات الله تعالى هذه الريح الطيبة التي دائماً تهب في هذا الشهر المبارك.

 أنفاسكم فيه تسبيح عندما تتنفس تسبح ولو أنك لا تقول سبحان الله ونومكم فيه عبادة للصائم فيه هذه الخصوصية، فالمؤمن الذي يعيش في أجواء شهر رمضان ربما يكون مسافراً أو مريضاً لا يصوم، أو من النساء ذوات الأعذار لا تصوم، ولكن هؤلاء أيضا أنفاسهم في شهر رمضان تسبيح.

وعملكم فيه مقبول يعني أن هناك مسامحة في هذا الشهر المبارك، فالعمل الضعيف أيضاً يضاعفه الله تعالى ويضمن لنا بأن يكون عملنا مقبولاً.

ودعاؤكم فيه مستجاب فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه فإن الشقي من حرم من غفران الله في هذا الشهر العظيم، وكأن الملائكة تتذرع لتأتي بالناس إلى هذه الضيافة، وكأنهم يجرّونهم - لو صح التعبير - إلى هذه الضيافة، حتى تشملهم رحمة الله تعالى في هذا الشهر المبارك، فالله تعالى يحب أن يغفر لعباده في هذا الشهر المبارك، فمن لم يغفر له فهو حقاً شقيٌّ.

 واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم، هذه تعليمات عامة لكل السنة فلماذا يذكر النبي هذا الأمر بالنسبة لشهر رمضان؟ لأن يؤكد أن هذا الشهر ممارسة وتدريب للمؤمن، كما أنها تسمى ببداية السنة السلوكية، كما يقول بعض العرفاء من العلماء أن بداية السنة للسالك هو شهر رمضان، فعليك أن تعود نفسك على هذه الفضائل الأخلاقية وهذه الشيم الطيبة.

ووقروا كباركم هذا تمرين وممارسة لأن نوقر كبارنا فنتعود في هذا الشهر على توقير كبارنا وارحموا صغاركم وصلوا أرحامكم واحفظوا ألسنتكم فالصيام ليس حفظ البطن والفرج فقط عما منع الله تعالى، بل حفظ كل الجوارح من الخطايا ومن المعاصي وغضوا عما لا يحل النظر إليه أبصاركم، وعما لا يحل الاستماع إليه أسماعكم، وتحننوا على أيتام الناس يتحنن على أيتامكم، وتوبوا إلى الله من ذنوبكم، وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم فمن أفضل أوقات استجابة الدعاء عقيب الصلاة وقبل بداية الصلاة، وأوقات الصلاة  فإنها أفضل الساعات ينظر عز وجل فيها بالرحمة إلى عباده يجيبهم إذا ناجوه ويلبيهم إذا نادوه ويستجيب لهم إذا دعوه.

يا أيها الناس إن أنفسكم مرهونة أعمالكم ففكوها باستغفاركم وظهوركم ثقيلة من أوزاركم فخففوا عنها بطول سجودكم، الوزر يعني الحمل ولكن كناية عن الذنوب، فلا تستعجل في أن ترفع رأسك عند السجود لأن طول السجود يخفف من الذنوب، لأنه أفضل حالة للعبد يرى فيها نفسه حقيراً جداً وكأنه يذعن ويعترف بأنه حقير ذليل لا يقدر لنفسه شيئاً، واعلموا أن الله تعالى ذكره أقسم بعزّتهِ ألا يعذب المصلين والساجدين، ولا يروعهم بالنار يوم يقوم الناس لرب العالمين لذلك يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام في دعاء كميل): أتسلط النار على وجوه خرت لعظمتك ساجدة؟

أيها الناس، من فطر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق نسمة كأنه أعتق عبداً ومغفرة لما مضى من ذنوبه، فقيل: يا رسول الله، وليس كلنا يقدر على ذلك، فقال عليه وآله السلام: اتقوا النار ولو بشق تمرة، لا بحبة تمرة بل بشق تمرة اتقوا النار بشربة من ماء.

أيها الناس، من حَسَّنَ منكم في هذا الشهر خلقه كان له جوازاً على الصراط يوم تزل فيه الأقدام، ومن خفف في هذا الشهر عمّا ملكت يمينه خفف الله عنه حسابه، لا يوجد ملك يمين في هذا العصر ولكن يوجد عمال يعملون لك، فخفف عنهم في هذه الأيام، ومن كف فيه شره كفّ الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن قطع رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه.

 ومن تطوع فيه بصلاة كتب له براءة من النار، ركعة تطوع يعني صلاة مستحبة، وأما بالنسبة للصلاة الواجبة للفرائض فيقول: ومن أدى فيه فرضاً كان له ثواب من أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور، فاليوم وأنت تصلي صلاة الجمعة فصلاتك هذه تعادل سبعين صلاة جمعة في بقية الشهور، وإذ تصلي صلاة العصر فإنها تعادل سبعين صلاة في بقية الشهور، وأؤكد أن هذه كلمات النبي الصادق وليست دعايات أهل الدنيا نستجير بالله.

ومن أكثر فيه من الصلاة عليَّ ثقل الله ميزانه يوم تخفف الموازين، ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور، ترون أن الله تعالى كأنه جعل ضيافة خاصة ففتح الأبواب، فقد توجد بروتوكولات - على حد قول أهل الدنيا – فيمنع الله تعالى في بعض الشهور أن يأتي فلان ويقترب منه، ولكنه في هذا الشهر يفتح الأبواب ويقول: أيها المذنب تعال إليَّ، هذه الضيافة ضيافة مفتوحة.

أيها الناس، إن أبواب الجنان في هذا الشهر مفتحة، مفتحة من التفتيح وهو من باب التفعيل، إما للتكثير وإما للمبالغة، فاسألوا ربكم ألا يغلقها عليكم، وأبواب النيران مغلقة الله تعالى فاسألوا ربكم ألا يفتحها عليكم والشياطين مغلولة فاسألوا ربكم ألا يسلطها عليكم، يصر الله تعالى على ألا تذنب، وقد أغلق هذه الأبواب، إلا إذا اجترأ عبد مذنب لجوجٌ، وجاء ليفتح هذه الأبواب بقوة.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فقلت: يا رسول الله، ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال (صلى الله عليه وآله): يا أبا الحسن، أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله، ثم بكى، فقلت: يا رسول الله، ما يبكيك؟ فقال: يا علي، أبكي لما يستحَلُّ منك في هذا الشهر، كأني بك وأنت تصلي لربك وقد انبعث أشقى الأولين والآخرين، شقيق عاقر ناقة ثمود، فضربك ضربة على قرنك فخضب منها لحيتك، فما الذي يُقلِقُ علياً عليه السلام؟ هل يقلق من أن يموت؟ كلا؛ إنه يقلق لأجل سلامة دينه قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فقلت: يا رسول الله، وذلك في سلامة من ديني؟ فقال: في سلامة من دينك، ثم قال: يا علي، من قتلك فقد قتلني، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن سبك فقد سبني، لأنك مني كنفسي، روحك من روحي وطينتك من طينتي، إن الله تبارك وتعالى خلقني وإياك واصطفاني وإياك واختارني للنبوة واختارك للإمامة، ومن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي، يا علي، أنت وصيي وأبو ولدي وزوج ابنتي وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد موتي، أمرك أمري ونهيك نهي، أقسم بالذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية إنك لحجة الله على خلقه، وأمينه على سره، وخليفته على عباده.

أيها الإخوة والأخوات، علينا أن نتهيأ للتبرؤ من أعداء الله الذين احتلوا أراضينا، واحتلوا القدس الشريف، ويوم القدس العالمي يجب أن يذكر دائماً، وذكرهم بأيام الله، وهذا يوم مهم لكم أنتم بصفتكم سوريين، وقسمٌ من بلدكم حتى الآن محتل من قبل هؤلاء الشياطين الملحدين الغاشمين الجبارين.

في قصة طالوت وجالوت، يروي القرآن أن نبيّ بني إسرائيل استفسر من هؤلاء الذين طلبوا منه أن يرسل لهم قائداً يقاتلون معه، قال ربما تتقاعسون عن هذا العمل الذي تقترحونه، وربما تتخلون عن وظيفتكم ولا تقاتلون، فأجابوا: ما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا؟ والله تعالى يذكر قولهم هذا ولا يناقش فيه، بل يؤيد هذا المفهوم: نعم هذا صحيح إذا احتلت أراضيكم عليكم أن تقاتلوا.

وهؤلاء الصهاينة احتلوا الجولان، فعلى كل سوري أن يفكر في تحرير هذه الأراضي المقدسة، وأنتم أجدر من الآخرين بيوم القدس العالمي وإحياء هذا اليوم المهم المبارك الذي أعلنه الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه).