۲٠۲۲/٠۷/۱۹ ۱٤:۵٠:٣۲
خطبة صلاة الجمعة15 ذي الحجة1443 لحجة الإسلام والمسلمين سماحة الشيخ حميد صفار الهرندي


                                   بسم الله الرحمن الرحيم

 

خطبة الجمعة لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ حميد الصفار الهرندي (زيد عزه) ممثل الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) في سورية، بتاريخ 15 ذي الحجة 1443ه

الخطبة الأولى:

نتابع بحثنا حول نمط الحياة وفقاً للرؤية الإسلامية، وقد تحدثنا عن كيفية تعاملنا مع أهل الكتاب وذكرنا أن هناك طوائف من الروايات والآيات بعضها تدل على مراعاة حقوق هؤلاء وحث المؤمنين على أن لا يظلموا أهل الكتاب، وبعض الروايات فيها نوع من التشديد عليهم بأن ألا نراهم من جماعتنا (على حد تعبيرنا)، وطائفة من الروايات تدل على أنه يجب الحذر والحيطة في معاملتنا لهم.

وبعض من أهل الكتاب يحاربوننا فمن الطبيعي أن تختلف المعاملة معهم عمن لا يحارب بل يحترم المسلمين، وبعض ينافق في معاملته معنا؛ يجارينا ويدارينا ولكن في قلبه يبغضنا، هؤلاء يجب أن نحتاط ونحذر منهم ونكتفي بالمعاملة الديبلوماسية - إذا صح التعبير - كما ترون أن الدبلوماسيون يتصافحون ولكن تعرف أن بينهم خلافات كثيرة، فيضحك أحدهم في وجه الآخر وتعرف أنه في قلبه لا يضحك، بل يساير لأجل مصالحه.

نتحدث اليوم عن الجماعة التي لا تحارب ولا تريد أن تكون صديقة لك، فبالنسبة لهؤلاء يوجهنا الله تعالى وأهل البيت عليهم الصلاة والسلام في تفسير كتاب الله - لأنهم ترجمان كتاب تعالى - وينصحوننا بل يأمروننا ببعض التعليمات.

عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال: "قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تبدؤوا أهل الكتاب بالتسليم وإذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم" (الكافي، ج2، ص649)، هذا بالنسبة للذين تعرف أنهم يتعاملون معاملة مجاملة ليس أكثر، فلا يصلح أن تسلم عليهم سلاماً كاملاً تحية إسلامية، وكذلك هناك نهي موجه إلى جميعنا أن نتشبه بأهل الكتاب، وهو نهيٌ جار على مدار الأيام إلى يوم القيامة، لأن هؤلاء ليسوا منا ويريدون منا أن نغير ما نحن عليه P وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ O (سورة البقرة، 120)، أحب شيء إلى قلوب هؤلاء أن يغيروا الذي نحن عليه، فيريدون أن يسلبونا ديننا، فيجب أن تكون محتاطاً معهم فلا تتشبه بهم لأنك إذا تتشبه بهم ستتعلق بهم شيئاً فشيئاً، لذلك كان بعض المراجع العظام يفتون بأن لبس ربطة العنق حرام، لماذا؟ لأنهم كانوا يقولون هذا تشبه بأهل الكتاب ومشمول لهذه الأحاديث، نعم هذا شيء بسيط قطعة من القماش، ولكن وراء هذا يوجد ثقافة، فهؤلاء يريدون أن يزرعوا ثقافتهم من خلاله، نعم كثير من المراجع لا يفتون بالحرمة ولكن لا يشجعوننا بأن نلبس لأن هذا شيء من التشبه.

وهناك حديث عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قال فيه: "حفوا الشوارب وأعفوا اللحى ولا تشبهوا باليهود" (وسائل الشيعة، ج2، ص116)، حفوا الشوارب يعني قصوا من الشوارب، لماذا؟ لأن هذا تشبه بغيركم، لا يحرم إعفاء الشوارب بل ينصح الناس بأن يحفوا لماذا؟ لأن إرسال وإعفاء الشارب يشبهك باليهود أو غيرهم، ولا نعرف أن اليهود كانوا يكثرون في الشوارب ويخففون من اللحى، أو أن هذه نصيحة؛ لأن هناك رواية أخرى يروي فيها الإمام الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن جده عن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) أنه قال: "حفوا الشوارب وأعفوا اللحى ولا تشبهوا بالمجوس" (وسائل الشيعة، ج2، ص116)، ربما كان المجوس هم أصحاب الشوارب الطويلة. المهم عدم التشبه حتى بالنسبة لإرسال اللحية وإعفائها، واللحية لها حد، ففي الروايات ألا يكون أكثر من قبضة، وما كان أكثر من قبضة ينهون عنه، وترون أن علماء اليهود يرسلون لحى طويلة. فهذا ينهى عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم الصلاة والسلام.

وعلى كل حال المهم ألا تتشبه باليهود بالنصارى والمجوس والبوذيين وغيرهم من الكفار، لأن هذا يدخل في قلبك حبهم وهذا يؤثر في دينك، إذ تتأثر من ثقافتهم، وللأسف الشديد كما ترون يأتي إلينا العالم الغربي بالموضة ونحن نغمض أعيننا ونتبعهم اتباعاً أعمى، وهذا خطأ لأنه تشبه بهم، ولو أنهم يريدون أن يروجوا العري نترك أولادنا وبناتنا ورجالنا يلبسون كما يريد هؤلاء الذين يخططون ليذهبوا بالحياء من الأمة الاسلامية ومن جميع العالم، فيخططون ويقولون هذا موضة جديدة وجميلة ويزينونها للناس، والناس يقولون نعم هذه ملابس جديدة وجميلة، ويعجبهم ويلبسون، وهناك رموز  لعبدة الشيطان يضعونها على الملابس، ولو سألت الشاب عنها فلا يعرف ما المكتوب على لباسه، وبعض الأحيان تكون كلمات ركيكة وقبيحة والشاب يلبس ولا يفهم ما هو المعنى، هذا لأننا لا نتبع هذه الأقوال من أهل البيت عليهم السلام، ولا نراعي عدم التشبه بما يأتي إلينا من هؤلاء.

وأيضا هناك روايات تدل على الاحتراز من المشاركة في احتفالات أهل الذمة لأن هذه الاحتفالات قد تؤثر في العقيدة والتقاليد التي نلتزم بها، وهناك حديث يخاطب فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عبد الله بن مسعود، وهو من صحابة النبي ومن شيعة أمير المؤمنين كما يقول سماحة الشيخ جعفر السبحاني في بعض كتبه، حيث يذكر أسماء من كان من شيعة علي (عليه السلام)، وليس معناه شيعة علي بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل هؤلاء كانوا جماعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بما أنه كان يحول كثيراً من الأمور إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهو من الذين كانوا يلتفون حول الإمام عليه السلام حتى يتعلموا دينهم وكانوا يتبعون علياً لأنه وصي الرسول وباب علمه، فلذلك سموا آنذاك بشيعة علي (عليه السلام)، ونحن على أعتاب يوم الغدير عيد الله الأكبر أذكركم بما جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يقول: شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة، يقصد به هؤلاء مثل مقداد وعمار وأبي ذر الغفاري وحذيفة بن اليمان، ومثل عبد الله بن مسعود الذي يخاطبه النبي فيقول: "يا ابن مسعود، الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء، فمن أدرك ذلك الزمان من أعقابكم فلا يسلم عليهم في ناديهم، ولا يشيع جنائزهم، ولا يعود مرضاهم" (مكارم الأخلاق، ص449).

من هم هؤلاء؟ هؤلاء أهل الكتاب المنافقون الذين يدعون أنهم أصدقاؤكم ولكن في قلوبهم يبغضونكم، ليس ذاك من أهل الكتاب الذي يكون شخصاً محترماً يريد أن يعيش معك بسلم، وقد يأتي لمساعدتك ولدعمك في شدتك، في ضراءك وفي سرائك يكون معك، هذا يختلف عن ذاك.

لماذا أقول هكذا؟ لأننا نقرأ في نهاية هذا الحديث: "يا ابن مسعود أولئك يظهرون الحرص الفاحش والحسد الظاهر ويقطعون الأرحام ويزهدون في الخير. قال تعالى: الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار" هؤلاء جماعة من أهل الكتاب هؤلاء اليهود الذين كانوا في المدينة، وكانوا يطعنون المسلمين من الخلف، ففي الظاهر كانوا يدعون أنهم معهم ولكن باطنهم كان هكذا، هؤلاء طبعاً يجب أن تكون على حذر منهم.

الخطبة الثانية:

نحن نعيش اليوم في ذكرى مولد الإمام العاشر؛ الإمام علي بن محمد النقي الهادي عليه الصلاة والسلام، فأهنئكم بهذه المناسبة العطرة المباركة وأبارك لكم بأحسن التبريكات.

حسب رواية من الكليني والشيخ المفيد والشيخ الطوسي و- كذلك عن طريق العامة ابن الأثير - أن الإمام علي بن محمد الهادي قد ولد في قرية باسم بصريّا، قرية أسسها الإمام موسى بن جعفر عليه السلام على ثلاثة أميال من المدينة، في الخامس عشر من شهر ذي الحجة، سنة مئتين واثنتي عشرة من الهجرة.

كان الإمام يعيش في عهد مجموعة من حكام العباسيين أولهم المتوكل، وإن حاول المتوكل التظاهر بإكرام الإمام عليه السلام وتبجيله إلا أنه بذل قصارى جهده للتقليل من مكانة الإمام عليه السلام.

لقد كان الناس يسمون الإمام "ابن الرضا" مع أنه كان ابنٌ لابنِ الإمام الرضا (عليه السلام)، ولكن كان يشتهر بابن الرضا، والناس في منفى الإمام - في العسكر في سامراء - كانوا ينتظرون اليوم الذي يسمح فيه للإمام أن يخرج إلى جماعة الناس، أقول الناس وليس فقط شيعته، بل كان كل المسلمين يأتون حتى ينظروا إلى وجهه النير ويسلموا عليه ويعظموه ويوقروه.

هكذا كان شأن الإمام في قلوب المسلمين، وكان المتوكل اللعين يحاول أن يحط من منزلته (عليه السلام) بطريقة خفية في الأوساط العلمية والاجتماعية مظهراً للناس أنه أحد رجال القصر وخدم السلطان، هادفاً من ذلك أن يخفي قيمة الإمام (عليه السلام) بأنه كان يعيش  في المعسكر وأنه لا يختلف عن غيره من هذه الحيثية، وكان في الوقت نفسه يشدد الرقابة على الإمام ( عليه السلام).

فقد نقل عن المسعودي في كتاب مروج الذهب قال نُميَ إلى المتوكل (وُشيَ ) بعلي بن محمد عليه السلام أن في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قم، وأنه عازم على الوثوب بالدولة، فبعث إليه جماعة من الـأتراك فهاجموا داره ليلاً فلم يجدوا فيها شيئاً، ووجدوه في بيت مغلق عليه، وعليه مدرعة من صوف (لباس من صوف) وهو جالس على الرمل والحصى، وهو متوجه إلى الله تعالى يتلو آيات من القرآن، وعلى هذه الحال حُمل الإمام الى المتوكل العباسي وأدخل عليه وكان المتوكل في مجلس شرابه (بيده كأس الخمر) فناول الإمام الهادي عليه السلام من الخمر فرد الامام عليه السلام وقال: "والله ما خامر لحمي ولا دمي قط فاعفني" فأعفاه، فقال له: أنشدني شعراً، فقال الإمام (عليه السلام): أنا قليل الرواية للشعر، فقال لا بد من ذلك، فأنشده الإمام هكذا ارتجالاً:

بَاتُوا عَلَى قُلَلِ الْأَجْبَالِ تَحْرِسُهُمْ                      غُلْبُ الرِّجَالِ فَلَمْ يَنْفَعْهُمُ الْقُلَلُ

وَاسْتُنْزِلُوا بَعْدَ عِزٍّ عَنْ مَعَاقِلِهِمْ                          إِلَى مَقَابِرِهِمْ يَا بِئْسَ مَا نَزَلُوا

نَادَاهُمُ صَارِخٌ مِنْ بَعْدِ مَا دُفِنُوا                         أَيْنَ الْأَسِرَّةُ وَالتِّيجَانُ وَالْحُلَلُ‏

   أَيْنَ الْوُجُوهُ الَّتِي كَانَتْ مُحَجَّبَةً                        مِنْ دُونِهَا تُضْرَبُ الْأَسْتَارُ وَالْكِلَلُ‏

فَأَفْصَحَ الْقَبْرُ عَنْهُمْ حِينَ سَاءَلَهُمْ                       تِلْكَ الْوُجُوهُ عَلَيْهَا الدُّودُ تَنْتَقِلُ‏

  قَدْ طَالَ مَا أَكَلُوا فِيهَا وَهُمْ شَرِبُوا                   فَأَصْبَحُوا بَعْدَ طُولِ الْأَكْلِ قَدْ أُكِلُوا

وَطَالَ مَا كَثَّرُوا الْأَمْوَالَ وَادَّخَرُوا                        فَفَارَقُوا الدُّورَ وَالْأَهْلِينَ وَانْتَقَلُوا

أضْحَتْ مَسَاكِنُهُمْ وَحْشاً مُعْطَّلَةً                    وَسَاكِنُوهَا إِلَى الْأَجْدَاثِ قَدْ رَحَلُوا

 يقول الراوي أنه عندما وصل الكلام إلى هنا: والله لقد بكى المتوكل بكاءً طويلاً حتى بلت دموعه لحيته وبكى من حضره، ورمى بقصعة الشراب ثم أمر أن يرفع الشراب وأمر بإرجاع الإمام إلى داره مكرماً.

هذا ما حدث بين الإمام (عليه السلام) والمتوكل، لنعلم أن أهل البيت لا يمكن أن ينازعهم ويوازيهم أي أحد، وهذا الشأن لهم إلى يوم القيامة.

وبما أننا على مشارف عيد الغدير أقرأ لكم رواية بهذا الخصوص، حيث يقول علي بن الحسين العبدي: "سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: صوم يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا، لو عاش إنسان عمر الدنيا، ثم لو صام ما عمرت الدنيا لكان له ثواب ذلك، وصيامه يعدل عند الله عز وجل مائة حجة ومائة عمرة، وهو عيد الله الأكبر، وما بعث الله عز وجل نبياً إلا وتعيّدَ في هذا اليوم، وعرف حرمته، واسمه في السماء يوم العهد المعهود، وفى الأرض يوم الميثاق المأخوذ والجمع المشهود" (إقبال الأعمال، ج2، ص282).

وهذا الميثاق لم يؤخذ فقط ممن في غدير خم مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد قال: فليبلغ الشاهد الغائب، ونحن الغائبون الشاهدون نسلاً بعد نسل الذين يجب عليهم أن يبلغوا أولادهم إلى يوم القيامة، ونحن نؤمن بهذا، فعليك أن تبلغ ابنك وابنتك هذا العهد الذي عاهد به الله تعالى الناس في يوم الغدير.

وفي رواية عن الإمام الرضا (عليه السلام): "إن يوم الغدير بين الأضحى والفطر والجمعة كالقمر بين الكواكب، وهو اليوم الذي نجا فيه إبراهيم الخليل من النار فصامه شكراً لله، وهو اليوم الذي أكمل الله به الدين في إقامة النبي عليه السلام علياً أمير المؤمنين عَلَمَاً وأبان فضيلته ووصايته فصام ذلك اليوم تكريماً لهذا اليوم وشكرا وإنه ليوم الكمال ويوم مرغمة الشيطان، ويوم تقبل أعمال الشيعة ومحبي محمد وهو اليوم الذي أكمل الله الدين، وهو يوم التهنئة فإذا لقي المؤمن أخاه يقول الحمد لله الذي جعلنا من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام، وهو يوم التبسم في وجوه الناس من أهل الإيمان، فمن تبسم في وجه أخيه يوم الغدير نظر الله إليه يوم بالرحمة وقضى له ألف حاجة وبنى له قصراً في الجنة من درة بيضاء ونظر في وجهه، وهو يوم الزينة فمن تزين ليوم الغدير غفر الله له كل خطيئة عملها صغيرة أو كبيرة وبعث الله إليه ملائكة يكتبون له الحسنات ويرفعون له الدرجات إلى قابل، فإن مات مات شهيداً وإن عاش عاش سعيداً ومن أطعم  مؤمناً كان كمن أطعم جميع الأنبياء والصديقين، ومن زار فيه مؤمناً أدخل الله قبره سبعين نوراً ووسع في قبره ويزور قبره كل يوم سبعون ألف ملك ويبشرونه بالجنة .." (إقبال الأعمال، ج2، ص260).

فإذا أردت أن تطعم على الأقل أطعم أفضل ما تطعم في أهلك في هذا اليوم إن لم تقدر أن تطعم الآخرين، واجعل الطعام المفضل عندك هذا اليوم يوم فرح أهل البيت عليهم صلوات الله.

 أيها الإخوة نحن قد قضينا في هذا الأيام ذكرى حرب تموز، هذه الحرب المنتصرة التي أدت إلى عزة الشيعة وعزة أهل هذه المنطقة من شيعة وسنة ومسيحيين وغير ذلك. وكل من يعيش بكرامة في هذه المنطقة هو مدين لهؤلاء أبطال الذين جعلوا الصهاينة يرضخون أمامهم وجعلوهم أذلة كما كانوا يعربدون سابقاً، والآن يلتمسون منهم ألا يهجموا عليهم، هكذا يجب علينا أن نقدر قيمة هذا النصر وهذه التضحيات، ويجب علينا أن نعرف هؤلاء الأبطال وخصوصاً سيد المقاومة سماحة حجة الاسلام والمسلمين الأمين العام لحزب الله سيدنا السيد حسن نصر الله.

أقرأ شيئاً من الدعاء الوارد ليوم الغدير: "اللهم إني أشهدك وكفى بك شهيدا وأشهد ملائكتك وأنبيائك وحملة عرشك وسكان سماواتك وأرضك كأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت المعبود فلا معبود سواك فتعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وآله عبدك ورسولك، وأشهد أن علياً أمير المؤمنين عبدك ووليهم ومولاهم ومولانا. ربنا سمعنا وأجبنا وصدقنا المنادي رسولك صلى الله عليه وآله إذ نادى بنداء عنك بالذي أن أمرته يبلغ ما أنزلت إليه من ولاية ولي أمرك وحذرته وأنذرته إن لم يبلغ ما أمرته به أن تسخط عليه وأنه إن بلغ رسالاتك عصمته من الناس، فنادى مبلغا عنك رسالاتك ألا من كنت مولاه فعلي مولاه ومن كنت وليه فعلي وليه ومن كنت نبيه فعلي أميره.

ربنا فقد أجبنا داعيك النذير المنذر صلى الله عليه وآله عبدك ورسولك إلى علي بن أبي طالب عليه السلام الهادي المهدي عبدك الذي أنعمت عليه، اللهم فإنا نشهد بأنه عبدك والهادي من بعد نبيك النذير المنزل المستقيم وأمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين وحجتك البالغة ولسانك المعبر عنك في خلقك وأنه القائم بالقسط في بريتك وديان دينك وخازن علمك وأمينك  المأخوذ ميثاقه وميثاق رسولك صلى الله عليه وآله من جميع خلقك وبريتك، شاهداً بالإخلاص لك والوحدانية والربوبية بأنك أنت الله لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك وأن علياً أمير المؤمنين جعلته وليك والإقرار بولايته  تمام توحيدك وكمال دينك وتمام نعمتك على جميع خلقك وبريتك، فقلت وقولك الحق: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً، اللهم فلك الحمد بولايته وإتمام نعمتك علينا بالذي جددت من عهدك وميثاقك وذكرتنا ذلك وجعلتنا من أهل الإخلاص والتصديق بعهدك وميثاقك، ومن أهل الوفاء بذلك.

اللهم فلك الحمد على إنعامك علينا بالهدى الذي هديتنا به إلى ولاة أمرك من بعد نبيك الأئمة الهداة الراشدين الذين جعلتهم أركاناً لتوحيدك، واتباع الهداة من بعد النذير المنزل وأعلام الهدى ومنار القلوب والتقوى والعروة الوسطى وكمال دينك وتمام نعمتك ومن بهم وبموالاتهم رضيت لنا الإسلام ديناً. واجعل محيانا خير المحيا. ومماتنا خير الممات ومنقلبنا خير المنقلب على موالاة أوليائك ومعاداة أعدائك، حتى توفنا وأنت عنا راض قد أوجبت لنا جنتك برحمتك يا أرحم الراحمين، والمثوى من جوارك في دار المقامة من فضلك، لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ".