۲٠۲۲/٠۷/۲۵ ۱٤:٤۱:۱٣
خطبة صلاة الجمعة22 ذي الحجة1443 لحجة الإسلام والمسلمين سماحة الشيخ حميد صفار الهرندي


                                  بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

خطبة الجمعة لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ حميد الصفار الهرندي ممثل الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) في سورية، بتاريخ 22 ذي الحجة 1443هـ.

الخطبة الأولى

أريد في هذه الخطبة أن أتحدث عن رؤية الإسلام لعلاقتنا مع المشركين، إذ قد يعاهد المشرك المسلمين فما دام يواظب على هذا العهد ويفي به ولا يخالفه فهو محترم، كما يقول الله تعالى في حق المشركين المعاهدين للنبي (صلى الله عليه وآله) ولكن إذا نكثوا أيمانهم فإن الله تعالى يأمر نبيه والمسلمين بقتال الناكثين لعهد الله Pوَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ   O(سورة التوبة، 12) وهذا أمر واضح.

وقد ذكرنا سابقاً -في آداب الطعام- نهي الإسلام عن أكل طعام عبدة الأوثان، والأوثان ليست فقط الأصنام التي تصنع بأيدي الناس بل قد يعبد الناس الملائكة، وكذلك قد يوجد من يعبد الحيوانات وقد يعبدون الناس من البشر؛ كما أن بعضاً يعبدون الطواغيت بأن يروهم كأنهم آلهة وبيدهم كل شيء كما كان فرعون يظن أنه إله دون الله، وكان يقول هذه الأنهار التي تجري من تحتي دليل على أن كل شيء بيدي. فالذي نسميه مشركاً ليس منحصراً في من يعبد المجسم من الهياكل والأصنام؛ بل قد يعبد ذوي الأرواح كالذي يعبد طاغوتاً حاكماً جباراً، ويعبده بمعنى أنه يتبعه ويطيعه في كل ما يقول ولو كان مخالفاً لأمر الله تعالى، وهذا هو الشرك ولو كان شركاً عملياً في مجال العمل.

قال أبو عبد الله الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لو أنَّ مؤمناً دعاني إلى طعام ذراع شاة لأجبته، وكان ذلك من الدين، ولو أنَّ مشركاً أو منافقاً دعاني إلى جَزورٍ ما أجبتُهُ، وكان ذلك من الدين، أبى الله عزّ وجلّ لي زبد المشركين والمنافقين وطعامهم" (وسائل الشيعة، ج24، ص268)

كما نهى الله تعالى عن قبول هدايا المشركين، وهنا حديث قد ذكرته وقرأته لكم سابقاً عن الصادق (عليه السلام) قال  "كَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى فِرْقَتَيْنِ : الْحُلِّ وَالْحُمْس، فَكَانَتِ الْحُمْسُ قُرَيْشاً، وَكَانَتِ الْحُلُّ سَائِرَ الْعَرَبِ .
فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْحُلِّ إِلَّا وَلَهُ حَرَمِيٌّ مِنَ الْحُمْسِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَرَمِيٌّ مِنَ الْحُمْسِ لَمْ يُتْرَكْ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ إِلَّا عُرْيَاناً ، وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) حَرَمِيّاً لِعِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ، وَ كَانَ عِيَاضٌ رَجُلًا عَظِيمَ الْخَطَرِ، وَكَانَ قَاضِياً لِأَهْلِ عُكَاظٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَانَ عِيَاضٌ إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ أَلْقَى عَنْهُ ثِيَابَ الذُّنُوبِ وَالرَّجَاسَةِ، وَأَخَذَ ثِيَابَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لِطُهْرِهَا، فَلَبِسَهَا وَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ .
فَلَمَّا أَنْ ظَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أَتَاهُ عِيَاضٌ بِهَدِيَّةٍ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أَنْ يَقْبَلَهَا .وَقَالَ: يَا عِيَاضُ، لَوْ أَسْلَمْتَ لَقَبِلْتُ هَدِيَّتَكَ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَبَى لِي زَبْدَ الْمُشْرِكِينَ .ثُمَّ إِنَّ عِيَاضاً بَعْدَ ذَلِكَ أَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، فَأَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) هَدِيَّةً فَقَبِلَهَا مِنْهُ" (الكافي، ج5، ص142).

كان قريش يعتقدون أنهم متحمسون في أمر الدين فلذلك في الجاهلية كانوا يسمون أنفسهم بالحمس، أي متحمس ملتزم في دينه، وغيرهم من العرب كانوا حِلاً، وعندما كانوا يأتون لأداء فريضة الحج كانوا يخلعون ملابسهم ويستعيرون لباسا من الحمس أي من قريش، فكان لكل منهم في مكة حرميٌّ على علاقة به، فلما كان يأتي من البادية ويدخل في مكة كان يأخذ من فلان ملابس الإحرام ويحرم بها، وكانوا يقولون هذه الملابس طاهرة لأنهم متحمسون في دينهم ودين أجدادهم دين إبراهيم عليه السلام، حيث كان القرشيون يدعون أنهم على دين إبراهيم عليه السلام (ولكنهم قد حرفوا دين إبراهيم عليه السلام وبعض مناسك الحج). وكان الرجال والنساء ممن لا حمس لهم يطوفون بالبيت عرايا، لذا كان من جملة ما أمر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين أعلن البراءة من المشركين أنه منع الطواف حول البيت إلا بلباس.

وكان من أمر النبي مع عياض - كما جاء في الرواية – أنه لم يقبل هديته حال كفره وقبلها منه بعد إسلامه، وعلينا أن نستن بسنة رسول الله فلا نقبل الهدية من المشركين، وهناك روايات قد قرأت على مسامعكم في الخطبة الماضية حول نهي الإسلام عن التشبه بأهل الكتاب في لباسهم وفي سيرتهم ونمط حياتهم، وكذلك بالنسبة للمشركين.

وفي رواية عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: " أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ لَا يَلْبَسُوا لِبَاسَ أَعْدَائِي وَلَا يَطْعَمُوا مَطَاعِمَ أَعْدَائِي وَلَا يَسْلُكُوا مَسَالِكَ أَعْدَائِي فَيَكُونُوا أَعْدَائِي كَمَا هُمْ أَعْدَائِي" (من لا يحضره الفقيه، ج1، ص252)‌ فمن تشبّه بالمشركين وأعداء الله تعالى يكون منهم، وعندما يذكر الإمام حكاية فمعناه أنه يؤيد هذا القول، فهذا موجه إليكم أيها المؤمنون أيضاً وإن الله تعالى أمركم ألا تشبهوا بالكفار في طعامكم ولباسكم.

وقد ذكرت بعض مصاديق عصرنا الحالي بالنسبة للتشبه بأعداء الدين، وعن عليٍّ عليه السلام أنه قال "من تشبَّهَ بقومٍ عدَّ منهم" وفي حديث آخر للإمام علي (عليه السلام) يقول: "إنّ لم تكن حليماً فتحلَّمْ؛ فإنه قلّ من تشبّه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم" (بحار الأنوار، ج68، ص405)، وهذا معناه أنه تدريجياً ستصبح مثلهم إذا تشبهت بهم، فعليك أن تنتبه بالنسبة لهذا الأمر.

وأما بالنسبة لمعاملتنا الإنسانية مع المشركين - ولو كانوا محاربين - يقول الله تعالى أنه لا يجوز أن تتصرفوا تصرفاً غير إنساني معهم، ومن مصاديقه ما يقوله الإمام الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن علي (عليه السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله) نهى أن يرمى السم في بلاد المشركين، فيجب أن تقاتلهم قتال فتوة ورجولة، أما التسميم فهذا شيء باطل والمؤمن لا يفعله، لذلك  فالإمام القائد الخامنئي (حفظه المولى) يقول إننا حسب الأدلة الشرعية نفتي بحرمة استخدام أسلحة الدمار الشامل فلا نصنع ولا نستخدم الأسلحة النووية، ليس بمعنى أننا لا نقدر أن نصنع هذه الأسلحة، فإيران الإسلامية كما أعلن بعض السياسيين الإيرانيين تستطيع صنع هذه الأسلحة، ولكنها لا تصنع لأن هناك حكماً من الإمام الخامنئي أن هذا في الإسلام هذا محرم.

وقد سمعتم عن استخدام الأسلحة الكيمياوية والجرثومية لإبادة الناس، كما سمعتم أن هذه الجائحة كانت كلها مفتعلة من الاستكبار العالمي لأجل المال ولأجل أغراض أخرى فاسدة، وهذه التصرفات ممنوعة في الإسلام.

وأما بالنسبة للأطفال والشيوخ فقد أمر الله تعالى أمر نبيه فيما نقله الإمام الصادق عليه السلام عن أبيه عن آبائه عليهم السلام أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: "اقتلوا المشركين واستحيوا شيوخهم وصبيانهم" (تهذيب الأحكام، ج6، ص142)، فهؤلاء الصبيان والشيوخ لا ذنب لهم ولا يقتلون، نعم قد يأتي هذا العجوز للقتال أو قد يستخدم هذا الصبي للقتال ولا بد من قتالهما، أما الشيخ الجالس في بيته ولا يدخل في حرب معك فلا يجوز قتله.

ولكن رأيتم هؤلاء الذين يدعون أنهم يستنّون بسنة السلف الصالح كيف فعلوا بالأبرياء من الشيوخ والأطفال، وكم ذبحوا من أطفال سورية وهم يهتفون الله أكبر، وهؤلاء لا تليق بهم عبارة "الله أكبر"، فالذي يهتف الله أكبر كيف يقتل الأبرياء ويذبح الصبيان؟ هؤلاء لم يشموا رائحة الإسلام.

الخطبة الثانية

 هذه الأيام العشر الأخيرة من شهر ذي الحجة، وفيها مناسبات ولائية لولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فكما قضينا عيد الغدير عيد الله الأكبر، بعد أيام نعيش ذكرى يوم المباهلة في الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة.

وتعرفون ماذا جرى في المباهلة، ولكن أرى أن أقرأ لكم شيئاً حول المباهلة التي وقعت بين الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ونصارى نجران، حيث أرسل النبي رسالة ودعا أهل الكتاب المسيحيين في نجران إلى الإسلام، وخيرهم بين أن يقبلوا الإسلام أو أن يكونوا تحت ظل الإسلام وفي حماية الدولة النبوية ويدفعوا الجزية، فجاء وفد من نجران من القسيسين وكبار المسيحيين إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ودار بينهم وبين النبي حوار، وكانوا يذكرون الأقانيم الثلاث وكانوا يقولون: هناك أب وابن وروح القدس، والنبي عيسى هو ابن الله، والله تعالى أجاب عن هذا وأمر نبيَّهُ أن يقول لهم Pإِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُO وأما هؤلاء فكانوا مصرين على قولهم، فقال الله تعالى P فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَO (سورة آل عمران، 61) أي أنا أقول شيئاً وأنتم تقولون شيئاً آخر، فلنأتِ بأبنائنا ونسائنا، وبمن يكون بمنزلة نفسنا، وتأتون بأبنائكم ونسائكم وأنفسكم، وبعد ذلك نبتهل عند الله ونتضرع له ونقول: اللعنة على من يكذب بيننا. هذا يسمى بالمباهلة، نوع من الملاعنة بابتهال عند الله تعالى.

فلما كان اليوم التالي للمحاورة - بعد أن طلب النصارى فرصة - جاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) آخذاً بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) والحسن والحسين (عليهما السلام) بين يديه يمشيان وفاطمة (عليها السلام) تمشي خلفه، وخرج النصارى يتقدمهم أسقفهم، فلما رأى النبي صلى الله عليه وآله قد أقبل بمن معه سأل عنهم من هؤلاء؟ فقيل له هذا ابن عمه وزوج ابنته وأحب الخلق إليه وهذان ابنا بنته من علي، وهذه الجارية ابنته فاطمة، وهي أعز الناس عليه وأقربهم إلى قلبه، وتقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجثا على ركبتيه، قال أبو حارثة الأسقف الكبير منهم: جثى  والله كما جثى الأنبياء للمباهلة فرجع ولم يقدم على المباهلة، فقال السيد - أحد أفراد الوفد - ادنُ يا أبا الحارثة للمباهلة فقال: لا؛ إني لأرى رجلاً جريئاً على المباهلة بأن أتى معه هؤلاء أحب الناس إليه لا يخاف عليهم وأنا أخاف أن يكون صادقاً ولئن كان صادقاً لم يحُلْ الله علينا حول وفي الدنيا نصراني يطعم الماء، فقال الأسقف: يا أبا القاسم إنا لا نباهلك ولكن نصالحك  فصالحنا على ما ننهض به، فصالحهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ألفي حلة من حلل الأواقي قيمة كل حلة أربعون درهماً فما زاد أو نقص فعلى حساب ذلك، وعلى عارية ثلاثين درعاً وثلاثين رمحاً وثلاثين فرساً حتى لا يخالفوا ولا يكيدوا للنبي ويرجعوا إلى بلدهم يأتون بجيش حتى يحاربوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

وروي أن الأسقف: يا معشر النصارى، إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزالهُ فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة.

ورجع النصارى إلى نجران وبعضهم أسلم ورجع بهدايا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعض آخرون استسلموا وأعطوا الجزية على أن يكونوا تحت رعاية وحكم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

وهذه من الأيام المباركة، وفي مفاتيح الجنان ذكر الشيخ المحدث القمي رحمه الله بعض الأعمال المستحبة ليوم المباهلة، من الصيام وصلاة خاصة لهذا اليوم والغسل.

وكذلك حدث في اليوم نفسه أمر عظيم آخر لنا نحن أتباع أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، فهناك آية نسميها آية الولاية Pإنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعونQ ومن يتولَّ الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبونO  (سورة المائدة، 55-56 ).

نقل الإمام أبو اسحاق الثعلبي في تفسيره الكبير رواية عن أبي ذر الغفاري رضوان الله تعالى عليه أنه قال سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله): "سمعته بأذنيَّ هاتين وإلا صمّتا، ورأيته بعينيَ هاتين وإلا عميتا، يقول: عليٌّ قائد البررة وقاتل الكفرة، منصورٌ مَنْ نَصَرَهُ، مخذول من خذله".

ويذكر فيقول: أما إني صليّت مع رسول الله (ص) يوماً من الأيام صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد، فلم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء، وقال: اللهم اشهد أنّي سألت في مسجد رسول الله (ص)، فلم يعطني أحد شيئاً، وكان علي راكعاً، فأومى إليه بخنصره اليمنى -وكان يتختم فيها- فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، وذلك بعين النّبي (ص)، فلما فرغ النّبي (ص) من صلاته رفع رأسه إلى السماء، وقال: اللّهم إنّ أخي موسى سألك فقال: رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحْلُل عقدة من لساني، يفقهوا قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي، هارون أخي، اشدد به أزري وأشركه في أمري، فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً "سنشد عضدك بأخيك" اللّهم وأنا محمد (ص) نبيك وصفيّك، اللّهم فاشرح لي صدري ويسر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي عليًا أخي أشدد به أزري. قال [أبو ذر]، فوالله ما استتم رسول الله (ص) الكلام حتّى نزل عليه جبريل من عند الله، وقال: يا محمد (ص) هنيئا ما وهب لك في أخيك، فقال رسول الله: وماذا يا جبرائيلالوصف: عليه السلام؟ قال: أمر الله أمتك بمولاته إلى يوم القيامة، وأنزل عليك ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ (الحسكاني، شواهد التنزيل، ج 1، ص 177-178-179-180).

أولاً هذا متفق عليه عند عند الشيعة الإمامية أن هذه الآية نزلت بشأن علي عليه الصلاة والسلام، وبالنسبة لإخواننا السنة هناك من نقل هذا الحديث وقال أن هذه الآية نزلت في علي عليه السلام، مثل الزمخشري في تفسيره الكشاف،  والطبري في تفسيره  وفي كتاب زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي، والقرطبي في تفسيره، والإمام فخر الرازي في تفسيره، وابن كثير في تفسيره قال: وذكر هذا الحديث النسفي في تفسيره والحسكاني الحنفي في كتاب شواهد التنزيل والسيوطي في كتاب الدر المنثور والواحدي في كتاب أسباب النزول والجصاص في كتاب احكام القرآن والكلبي في كتاب علوم التنزيل والطبري في كتاب ذخائر العقبى، والشبلنجي في نور الأبصار والعسقلاني في الكافي الشافي، وابن المردوي في مسنده، والنسائي في صحيحه، وكتاب الجمع بين الصحاح الستة أيضا ذكر هذا الحديث والخوارزمي في مناقبه وابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق، هؤلاء قالوا أن هذه الآية نزلت في علي عليه الصلاة والسلام.

وأما اليوم الخامس والعشرون من شهر ذي الحجة فهو يوم نزول سورة Pهل أتى على الإنسان حينٌ من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراO وأنتم تعرفون قصة هذه السورة وما حدث من صيام أولئك الطيبين وإنفاقهم مع أنهم كانوا جائعين وإفطارهم بشربة من الماء، هؤلاء الطيبون هم الإمام علي عليه السلام والسيدة فاطمة الزهراء والحسن والحسين السلام وزينب سلام الله عليها، هؤلاء كلهم كان لهم دور في هذا الأمر إذ كانوا صائمين وأعطوا إفطارهم يوماً لمسكين ويوماً لأسير وليلة لآخر ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيماً وأسيراً، جعلنا  الله من أتباعهم.

وأريد أن أتحدث حول هذه الغارة الوحشية التي حصلت في البارحة، فلا يظن هؤلاء اليهود أن هذه العمليات الوحشية الجبانة ستبقى دون رد بل سيأتي رد قاس موجع إن شاء الله تعالى، ونحن نتوعد بأننا سنضربهم كما أنهم ضربونا لليوم الذي يكون الوقت المناسب لهذا الرد باذن الله تعالى