تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التقیة فی الاسلام    المؤلف: عبدالله نظام    الجزء: ۱    الصفحة: ۱۵۵   

تمهید: هل تحتاج التقیّة إلى دلیل خاص



تنقسم المنظومة التشریعیة للدین الإسلامی من جهة ارتباطها بأفعال العباد إلى عبادات ومعاملات، حیث تختص منظومة المعاملات بتنظیم سائر العلاقات بین البشر، ما یرتبط منها بالتزاماتهم تجاه بعضهم بعضاً, وما یرتبط منها بعاداتهم وأعرافهم السلوکیة، فی حین أن منظومة العبادات تقوم على أساس التسلیم التامّ للمشرّع؛ الذی یتفرّع عنه القیام بمجموعة من الأعمال یحدد هو شکلها, ومضمونها, وشروطها, وأجزاءها, بقصد امتثال أمره والتقرّب إلیه.
وبما أن منظومة المعاملات تقوم على أساس تنظیم فعالیات الأنشطة الحیاتیة المختلفة وتهذیبها، فإن هذا یعنی الانطلاق من الأنشطة الواقعیة المعاشة ما قبل نزول التشریع فی المأکل والمکسب والروابط الإنسانیة المختلفة, مع تعدیل أو حظر لبعض فعالیاتها، وهذا یعنی أن الأصل فی هذه الدائرة هو أن یبقى کل شیء على ما هو علیه فی نظر الناس ما قبل التشریع مادام لم یرد بشأنه تشریع خاص، وهذا یتجاوز الإباحة، فما یکون واجباً فی نظرهم یبقى کذلک، وما یکون محرماً أیضاً یبقى کذلک، وهکذا المستحب والمکروه والمباح، وهو ما یؤسس بنحوٍ واقعیّ للسیرة العقلائیة التی تعتبر حجة شرعاً إذا حصلت على إمضاء المشرع بإقراره لها, أو بسکوته عنها وعدم معارضتها، وبالتالی فإن کل ما لم یتدخل المشرع بتعدیله أو بحظره یبقى على حاله ولا یحتاج إلى دلیل لبیان حکمه.
ولمَّا کان سائر الناس متفقین على لزوم حفظ الإنسان لنفسه وماله وعرضه، فإن هذا الحفظ یبقى أصلاً فی السلوک الإنسانی، یحتاج الخروج عنه




«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست