تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التقیة فی الاسلام    المؤلف: عبدالله نظام    الجزء: ۱    الصفحة: ۲۱٣   

عندما لا یمکن الردع بالید أو اللسان، إلى غیر ذلک من البیانات النبویة التی لا تسمّی التقیّة لفظاً، وإنما تلتقی معها معنىً، بحسب مصطلحها وأقسامها، وبالتالی فإن عدم التصریح بلفظ التقیّة فی الروایات النبویة, لا یغیِّر من حکمها ومشروعیتها، طالما أنها تعبّر عن أقسامها, وتشکّل منشأً لانتزاع عنوانها.
ثانیاً: بما أن الروایات المستدلّ بها مأخوذة من مدرستین إسلامیتین لهما مصادرهما الخاصة والمعتمدة (مدرسة أهل السُنَّة, ومدرسة أهل البیت ({علیهم السلام})), فإن مناقشة کل روایة ستکون بحسب مبانی المدرسة التی تنتمی إلیها, بدءاً من تصحیح سندها, إلى مناقشة مدلولها بإعمال قواعد الاستنباط الخاصة بتلک المدرسة، لذا وعلى سبیل المثال سأصحح روایات مدرسة أهل السُنَّة مثلاً بحسب قواعدهم وتوثیقاتهم الرجالیة، کما سأعتمد على ما یکون حجَّة عندهم من قواعد الاستنباط، کحجّیة سُنَّة الصحابة بعضاً أو کلاً، وهذا یقود إلى الاحتجاج بالروایات الموقوفة على الصحابة (رضی الله عنهم) , باعتبار أنهم قد أخذوها من رسول الله ({صلی الله علیه و آله}) , وبنوا علیها سُنَّتهم, کما قد أستند إلى القیاس والاستحسان وسدّ الذرائع والاستصلاح, وإن کنت لا أتبنّى بعض ذلک، ولا أعتبره حجّة بحسب ما أنتمی إلیه، لکن طبیعة البحث تقوم على المقارنة وإلزام الطرف الآخر بما ألزَم به نفسه.
وفیما یختصّ بروایات مدرسة أهل البیت ({علیهم السلام}), فسأعتمد على تصحیح السَنَد أولاً, فإن کان فیه کلام, فعلى القرائن الدالّة على الصدور وموافقة القرآن الکریم, وذلک عملاً بالکتاب الکریم وأقوالهم ({علیهم السلام}):. إذا کان حال الراوی لا یخلو من الإشکال, فإنه یمکن التحقق من صحة حدیثه بالعمل بما ذکره ربّنا فی کتابه الکریم: ﴿ یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِنْ جَاءَکُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَیَّنُوا أَنْ تُصِیبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِینَ‌ (6) ﴾ [الحجرات], فإن الآیة الکریمة تتحدث عمَّن سماه الله تعالى فاسقاً، وهو الذی یکون مخالفاً لأمر مولاه، ومطیعاً لهواه، فإنه مع القدح فیه وجرحه أمرنا المولى جلّ شأنه أن لا نرد قوله ابتداءً، بل أن نتحقق منه ونتبیَّن صحته، وهذا معناه عدم سقوط خبر الضعیف مباشرة، إنما ینبغی أن نتحقق من صحته، فکیف بمن لم یضعَّف صراحة؛ مع کون عدم التوثیق الصریح لیس تضعیفاً واقعاً، کما أن الاختلاف فی الاعتقاد أیضاً لا یدل على عدم الوثاقة، فما یهمنا فی الروای هو صدقه، ولیس عقیدته، ومن یشترط صحة العقیدة فی الراوی إنما یشترطها باعتبارها طریقاً إلى الصحة والوثاقة, ولیست موضوعاً لها, وقد جاء فی الحدیث عن ابن أبی یعفور, قال: سألت أبا عبد الله ({علیه السلام}) عن اختلاف الحدیث یرویه مَنْ نثق به, ومنهم من لا نثق به ؟, قال: إذا ورد علیکم حدیث فوجدتم له شاهداً من کتاب الله, أو من قول رسول الله ({صلی الله علیه و آله}) , وإلا فالذی جاءکم به أولى به [أصول الکافی: ج1, کتاب العقل والجهل, باب الأخذ بالسنة وشواهد الکتاب, ص69, الحدیث2], وکذلک ما رواه السکونی عن أبی عبد الله ({علیه السلام}) قال: قال رسول الله ({صلی الله علیه و آله}) : إن على کل حق حقیقة, وعلى کل صواب نوراً, فما وافق کتاب الله فخذوه, وما خالف کتاب الله فدعوه [المصدر نفسه: الحدیث1], وعلیه تکون الروایة دالة على عدم إسقاط الروایة مباشرة, بل على لزوم عرضها على الکتاب الکریم، فیکفی فی توثیقها موافقته، ولو کان الراوی مخالفاً أو مجهولاً..


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست