تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التقیة فی الاسلام    المؤلف: عبدالله نظام    الجزء: ۱    الصفحة: ٤٤۵   

ب. الانقسام الاجتماعی وعدم الوثوق.
ج. قتل الطموحات والآمال المستقبلیة حتى أحلام الطفولة والشباب.
تقتضی طبیعة التقیّة انطواء الإنسان على ذاته, باعتباره جزءاً من حالة التخفی عن أعین الأعداء, وکتماناً لما یختزنه من معارف وآراء, فیضیق المکان على رحبه عن أن یکون ساحة یعرّف فیها بنفسه وبآرائه, فینتقل مختاراً إلى حیاة العزلة والانطواء على الذات, فلا ینشئ لنفسه علاقات وروابط واسعة مع الآخرین, ویحدّد مختاراً حرکته وأنشطته, فیحرم نفسه من خیرات کثیرة فی مجتمعه, کما یحرم مجتمعه من خیر کثیر یمکن أن یُجنى منه, یراقب الکلمات والحرکات, فی ظلّ حذر شدید وظنّ سیء,فسوء الظنّ عنده من حسن الفطن, ویتشبثّ بحسابات تؤرّق الجفون, وتسرق سعادة القلوب, وکأن الدنیا بالنسبة إلیه ملهاة فی مأساة, لا ینجیه فیها إلا الصبر, وإلا التأسی بمصاب الذین سبقوه من الشهداء والصالحین, وإذا ما استطاع أحد بثقته بنفسه وقوة شخصیته وعزیمته أن ینفلت من عقال تلک العقد فإنه مع ذلک سیظلّ یعیش فی دنیا أضیق من طاقته وعزیمته, مضیّقاً علیه فیها بنظرات الریبة من الآخرین, ومضیِّقاً على نفسه بالحذر من نفورهم وغضبهم.
إن الموقف الحذر من الناس المشار إلیه آنفاً, یولّد دون قصد سوء الظن بالآخرین, فلا یثق إلا بالنذر الیسیر من البشر, ویسری ذلک من الأفراد إلى الجماعات, فتشیع الانقسامات بین أبناء المجتمع دون أن یجرؤ أحدهم على التعبیر عن رأیه الصریح, ودون أن تسمح طبیعة العلاقات والآراء السابقة بإقامة الحوار بین أبنائه, فتصول الشائعات وتجول, وتصبح الأوهام والمبتنیات القبلیة المبنیّة على الجهل والتعصّب والحقد الغرائزی أساساً للأحکام, وسیتعقّد الموقف أکثر إذا لم یعمل القوی على إشعار الضعیف بالأمن والأمان, لیعبّر کلّ عن




«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست