تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ٤۱   

صفاته فهو کالخازن لأنفس خزائنه، ثمّ هو مأذون له فی الإنفاق على کلّ من هو محتاج إلیه فأیّة رتبة أجلّ من کون العبد واسطة بین ربّه سبحانه و بین خلقه فی تقریبهم إلى اللّه عزّ و جلّ زلفى و سیاقتهم إلى الجنّة المأوى».

(فصل) [الشواهد العقلیة التی ذکرها المؤلف فی فضل العلم‌]

(1) أقول: و من الشواهد العقلیّة على شرف العلم و نفاسته أنّ اللّذّة و الابتهاج و السرور لیست إلّا بالإدراک و لا شکّ أنّ اللّذّات العقلیّة أقوى و أشدّ من اللّذّات الخیالیّة و الخیالیّة أقوى و أتمّ من الحسّیّة، بل لا نسبة للّذّات العقلیّة إلى الحسّیّة و ذلک لأنّ العقل یدرک الشی‌ء على ما هو علیه مجرّدا عمّا هو غریب له من القشور و الملبوسات فینال حاقّ جوهره و لبّ ذاته، و أمّا الحسّ فلا یدرک إلّا المخلوط بغیره، و المشوب بما سواه، فلا یحسّ باللّون ما لم یحسّ معه بالطول و العرض و الوضع و الأین و بامور أخرى غریبة عن حقیقة اللّون، و أیضا فإنّ إدراک العقل یطابق المدرک و لا یتفاوت و الحسّ یرى الشی‌ء الواحد عظیما فی القرب، صغیرا فی البعد، و کلّما صار أبعد یراه أصغر إلى أن یصیر بسبب البعد کنقطة ثمّ تبطل رؤیته و کلّما صار أقرب کان أعظم إلى أن یصیر بسبب القرب کنصف العالم ثمّ تبطل رؤیته، و أیضا العقل الّذی یراعی القوانین العقلیّة المنطقیّة و یتطهّر من المعاصی و الأدناس و لا یزاحمه الوهم و الوسواس فهو معصوم من الغلط و الخطأ، و أمّا الحسّ فهو یغلط فی الإدراک کثیرا حیث یرى الشمس مقدار أترجة و مقدار جرمها مائة و ستّون مثلا لمقدار جرم الأرض[1]و أیضا فإنّ مدرکات العقل الأمور الکلیّة الأزلیّة و الذوات النوریّة الّتی یستحیل تغیّرها و ذات الحقّ الأوّل الّذی یصدر منه کلّ کمال و جمال و بهاء فی العالم و تفاصیل المعقولات لا تکاد تتناهى لأنّ أجناس الموجودات و أنواعها غیر متناهیة و کذا المناسبات الواقعة بینها و هی تقوّی العقل و تزیده نورا کلّما کثرت، و أمّا مدرکات الحسّ فهی الأجسام و أعراضها المستحیلة الزائلة المحصورة فی أجناس قلیلة و هی تفسد الحسّ إذا قویت لذّته، فإنّ لذّة العین مثلا فی الضوء و ألمها فی الظلمة


[1] على ما علیه القدماء.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست