تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: السنة النبویة فی مصادر المذاهب الإسلامیة - المجلد ۱    المؤلف: الشیخ محسن الأراکي    الجزء: ۱    الصفحة: ٣٦   


أكبر شهادة) فوضع شيئا مكان (شهيد) ليبالغ في التعميم؛ انتهى، وقال ابن عطية: وتتضمن هذه الآية أن الله عز وجل يقال عليه: شيء، كما يقال عليه: موجود، ولكن ليس كمثله شي، وقال غيرهما هنا: شيء يقع على القديم والمحدث والجوهر والعرض والمعدوم والموجود، ولما كان هذا مقتضاه جاز إطلاقه على الله عز وجل، واتفق الجمهور على ذلك، وخالف الجهم وقال: لا يطلق على الله شيء، ويجوز أن يسمى ذات وموجوداً، وإنما لم يطلق عليه شيء لقوله: (خالق كل شيء، فيلزم من إطلاق شيء عليه أن يكون خالق لنفسه، وهو محال، ولقوله: (ولله الاسماء الحسنی) والاسم إنما يحسن لحسن مسماه، وهو أن يدل على صفة كمال ونعت جلال، ولفظ الشيء أعم الأشياء، فيكون حاصلا في أخسّ الأشياء وأرذلها، فلا يدل على صفة كمال ولا نعت جلال، فوجب أن لا يجوز دعوة الله به لما لم يكن من الأسماء الحسني، ولتناوله المعدوم لقوله: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً فلا يفيد إطلاق شیء علیه امتیاز ذاته على سائر الذوات بصفة معلومة ولا بخاصة مميزة، ولا يفيد كونه مطلقاً فوجب أن لا يجوز إطلاقه على الله تعالى، ولقوله تعالى: وليس كمثله شيء، وذات كل شيء مثل نفسه نفسه، فهذا تصريح بأنه تعالى لا يسمّی باسم الشيء، ولا يقال الكاف زائدة؛ لأن جعل كلمة من القرآن عبئاً باطلا لا يليق، ولا يصار إليه إلا عند الضرورة الشديدة. وأجيب: بأن لفظ شيء أعم الألفاظ، ومتی صدق الخاص صدق العام، فمتى صدق كونه ذاتا حقيقة وجب أن يصدق كونه شيئا. واحتج الجمهور بهذه الآية، وتقريره: أن المعني: أي الأشياء أكبر شهادة، ثم جاء في الجواب: قل الله، وهذا يوجب إطلاق شيء عليه واندراجه في لفظ شيء المراد به العموم، ولو قلت: أي الناس أفضل؟ فقيل: جبريل، لم يصح؛ لأنه لم يندرج في لفظ الناس.... (1)


1 - تفسير البحر المحيط 4: ۹۶ - ۹۵.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست