الامام الخمینی (قدس سره) بصفته محیّ الاسلام الاصیل، کان منذ شبابه وحتى اللحظات الاخیرة من عمره الشریف معلّماً للاخلاق ومهذباً للنفوس، وعلى الصعید العملی أیضاً حرص على تهذیب نفسه وتزکیتها والسمو بها فی مدارج التقوى العملیة، وأن هذا الجانب لا یذکره اصدقائه فحسب، بل أن معارضیه أیضاً لم ینکروا الفضائل ومکارم الاخلاق ودرجات التقوى التی کان یتحلى بها.
وکما أن الاسلام الاصیل فی بعده العقائدی والمعرفی لا یقتصر على ظاهر الدین، وأن لبّ الدین وأساسه یکمن فی باطنه وثنایاه، ولهذا فان القرآن والسنّة لیس لهما ظاهراً فقط، وعلى الرغم من حجیة الظواهر، فأن أساس ولبّ القرآن والسنّة فی باطنهما وسرّهما، وان الهدف من نزول کتاب الله هو معرفة الحق والسیر والسلوک الى الله والتقرب الى الحق تعالى وامتلاک الحیاة المعنویة. ومن هنا فان الاسلام الاصیل فی الجانب المعرفی لا یتلخص فی المعتقدات الظاهریة، وان الاتصال بعالم الغیب والمعرفة القلبیة وأن یکون الله تعالى حاضراً، اضافة الى المعرفة العقلیة والفلسفیة، کل ذلک یعتبر جزءاً من اهداف الاسلام الاصیل، وأن الکشف والشهود والمکاشفة والالهام الغیبی والسیر والسلوک المعنوی، یعتبر جانباً مهماً من الاسلام الاصیل.
طبعاً العرفان فی الاسلام الاصیل یتباین فی بعض الجهات عن عرفان المتصوفة، من ذلک أن العارف فی الاسلام الاصیل متمسک بظواهر الشرع تماماً، ولن یتخلى أبداً عن التعبد بالظواهر الشرعیة والعبادات بذریعة السیر والسلوک ولقاء الله. وثانیاً، وخلافاً للمتصوفة، فأنه یمتنع عن عادات وتقالید المتصوفة والتردد على الخانقاه وحیاة الدروشة. وثالثاً، لا یهتم کثیراً بالعلاقة بین المرید والمراد والخضوع للقطب والشیخ. وبدلاً من ذلک یولی أهمیة لأولیاء الله والمعصومین والتوسل بهم والایمان بشفاعتهم. ورابعاً، لایبتعد عن الحیاة السیاسیة والاجتماعیة على الرغم من اسلوب المتصوفة.
وفی هذا المجال یبدو أن الامام الخمینی (قدس سره) کان فی الطلیعة وکان سماحته قد بلغ الذروة فی العرفان النظری فضلاً عن العرفان العملی، مما یحتم على اساتذة العرفان والحکمة شرح تراثه العلمی والعملی خلال مرحلة الشباب. (من جملة مؤلفات سماحته کتاب: (شرح دعاء السحر)، و(آداب الصلوة)، و( مصباح الهدایة).
باختصار، لإحیاء الاسلام الاصیل وتبیان حدوده وأطره، لابد من الالتفات الى الملاحظات التالیة:
1 – من حیث المحتوى لابد من الفصل بین الاسلام الاصیل والاسلام الامیرکی والتمییز بینهما.
2 – ضرورة التعرف على حدود کل من الاسلام الاصیل والاسلام الامیرکی.
3 – لابد من التعرف على حدود وأبعاد الاسلام الاصیل والاحاطة بکافة أبعاده بشکل شامل.
4 – تعریف المجتمع بنماذج ومصادیق اتباع الاسلام الاصیل فی التاریخ المعاصر.
5 – تعریف المجتمعات الانسانیة بمؤلفات وأفکار الامام الخمینی (قدس سره) وسیرته العملیة بصفته إمام الاسلام الاصیل فی العصر الحاضر.


***