تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: إحياء علوم الدين - المجلد ۱    المؤلف: ابو حامد الغزالی    الجزء: ۱    الصفحة: ۱۸۹   

إرادته ،فهو المبدئ المعید،و الفعال لما یرید،و کیف لا یکون مریدا و کل فعل صدر منه أمکن أن یصدر منه ضده ،و ما لا ضد له أمکن أن یصدر منه ذلک بعینه قبله أو بعده،و القدرة تناسب الضدین و الوقتین مناسبة واحدة،فلا بد من إراده صارفة للقدرة إلى أحد المقدورین، و لو أغنى العلم عن الإرادة فی تخصیص المعلوم حتى یقال إنما وجد فی الوقت الذی سبق العلم بوجوده،لجاز أن یغنى عن القدرة حتى یقال:وجد بغیر قدرة،لأنه سبق العلم بوجوده فیه

الأصل الخامس
العلم بأنه تعالى سمیع بصیر

لا یعزب عن رؤیته هواجس الضمیر و خفایا الوهم و التفکیر، و لا یشذ عن سمعه صوت دبیب النملة السوداء فی اللیلة الظلماء على الصخرة الصماء،و کیف لا یکون سمیعا بصیرا و السمع و البصر کمال لا محالة و لیس بنقص؟فکیف یکون المخلوق أکمل من الخالق،و المصنوع أسنى و أتم من الصانع؟و کیف تعتدل القسمة مهما وقع النقص فی جهته و الکمال فی خلقه و صنعته؟أو کیف تستقیم حجة إبراهیم صلى اللّٰه علیه و سلم على أبیه إذ کان یعبد الأصنام جهلا و غیا،فقال له: لِمَ تَعْبُدُ مٰا لاٰ یَسْمَعُ وَ لاٰ یُبْصِرُ وَ لاٰ یُغْنِی عَنْکَ شَیْئاً و لو انقلب ذلک علیه فی معبوده لأضحت حجته داحضة و دلالته ساقطة،و لم یصدق قوله تعالى: (وَ تِلْکَ حُجَّتُنٰا آتَیْنٰاهٰا إِبْرٰاهِیمَ عَلىٰ قَوْمِهِ) و کما عقل کونه فاعلا بلا جارحة ،و عالما بلا قلب و دماغ،فلیعقل کونه بصیرا بلا حدقة،و سمیعا بلا أذن،إذ لا فرق بینهما

الأصل السادس
أنه سبحانه و تعالى:متکلم بکلام

،و هو وصف قائم بذاته لیس بصوت و لا حرف، بل لا یشبه کلامه کلام غیره ،کما لا یشبه وجوده وجود غیره .و الکلام بالحقیقة کلام النفس، و إنما الأصوات قطعت حروفا للدلالات کما یدل علیها تارة بالحرکات و الإشارات،و کیف التبس هذا على طائفة من الأغبیاء و لم یلتبس على جهلة الشعراء،حیث قال قائلهم:


إن الکلام لفی الفؤاد و إنما جعل اللسان على الفؤاد دلیلا!
و من لم یعقله عقله و لا نهاه نهاه عن أن یقول:لسانى حادث و لکن ما یحدث فیه بقدرتی الحادثة قدیم،فاقطع عن عقله طمعک،و کف عن خطابه لسانک.و من لم یفهم أن القدیم عبارة عما لیس قبله شیء،و أن الباء قبل السین فی قولک:بسم اللّٰه،فلا یکون


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست