تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: إحياء علوم الدين - المجلد ۱    المؤلف: ابو حامد الغزالی    الجزء: ۱    الصفحة: ۱۹٠   

السین المتأخر عن الباء قدیما،فنزه عن الالتفات إلیه قلبک،فلله سبحانه سر فی إبعاد بعض العباد،و من یضلل اللّٰه فما له من هاد،و من استبعد أن یسمع موسى علیه السلام فی الدنیا کلاما لیس بصوت و لا حرف فلیستنکر أن یرى فی الآخرة موجودا لیس بجسم و لا لون و إن عقل أن یرى ما لیس بلون و لا جسم و لا قدر و لا کمیة و هو إلى الآن لم یر غیره،فلیعقل فی حاسة السمع ما عقله فی حاسة البصر.و إن عقل أن یکون له علم واحد هو علم بجمیع الموجودات،فلیعقل صفة واحدة للذات هو کلام بجمیع ما دل علیه بالعبارات.و إن عقل کون السموات السبع و کون الجنة و النار مکتوبة فی ورقة صغیرة و محفوظة فی مقدار ذرة من القلب و أن کل ذلک مرئى فی مقدار عدسة من الحدقة من غیر أن تحل ذات السموات و الأرض و الجنة و النار فی الحدقة و القلب و الورقة،فلیعقل کون الکلام مقروءا بالألسنة، محفوظا فی القلوب،مکتوبا فی المصاحف،من غیر حلول ذات الکلام فیها،إذ لو حلت بکتاب اللّٰه ذات الکلام فی الورق لحل ذات اللّٰه تعالى بکتابة اسمه فی الورق،و حلت ذات النار بکتابة اسمها فی الورق،و لاحترق

الأصل السابع
أن الکلام القائم بنفسه قدیم

،و کذا جمیع صفاته ،إذ یستحیل أن یکون محلا للحوادث داخلا تحت التغیر بل یجب للصفات من نعوت القدم ما یجب للذات فلا تعتریه التغیرات و لا تحله الحادثات بل لم یزل فی قدمه موصوفا بمحامد الصفات،و لا یزال فی أبده کذلک منزها عن تغیر الحالات،لأن ما کان محل الحوادث لا یخلو عنها،و ما لا یخلو عن الحوادث فهو حادث، و إنما ثبت نعت الحدوث للأجسام من حیث تعرضها للتغیر و تقلب الأوصاف،فکیف یکون خالقها مشارکا لها فی قبول التغیر،و ینبنى على هذا أن کلامه قدیم قائم بذاته،و إنما الحادث هی الأصوات الدالة علیه.و کما عقل قیام طلب التعلم و إرادته بذات الوالد للولد قبل أن یخلق ولده،حتى إذا خلق ولده و عقل و خلق اللّٰه له علما متعلقا بما فی قلب أبیه من الطلب،صار مأمورا بذلک الطلب الذی قام بذات أبیه و دام وجوده إلى وقت معرفة ولده له،فلیعقل قیام الطلب الذی دل علیه قوله عز و جل: (فَاخْلَعْ نَعْلَیْکَ) بذات اللّٰه،و مصیر موسى علیه السلام مخاطبا به بعد وجوده،إذ خلقت له معرفة بذلک الطلب،و سمع لذلک الکلام القدیم


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست