تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المعجم في فقه لغة القرآن و سرّ بلاغته - المجلد ۱    المؤلف: قسم القرآن بمجمع البحوث الاسلامیة    الجزء: ۱    الصفحة: ۱۹۸   

دُعُوا البقرة: 282
و ثانیا: یلاحظ أنّ مادّة «أبى» حینما أسندت إلى «اللّه» تعنی أنّه تعالى یأبى کلّ شی‏ء سوى إتمام نوره، و أنّه یرید تأکید هذا الأمر و کأنّه لا شأن له إلّا هذا، و نوره دینه و هدایته للخلق. و حیث أسندت إلى إبلیس تعنی أنّه یأبى الخضوع للّه فی أمر توحیده و دینه کأنّه لا شأن له إلّا هذا، و أنّه مصرّ على ذلک إصرارا لا رجعة فیه أبدا، و صدر منه هذا العمل استکبارا، و جرّ إلیه الکفر و الرّجم و اللّعن کما جرّ إلیه العداوة لآدم و زوجه.
و عند إسنادها إلى الکفّار و نحوهم تعنی عزمهم الرّاسخ على رفض القرآن و الآیات و المعجزات و الدّین، و جرّت إلیهم الکفر و التّکذیب و الفسق و الظّلم و نحوها.
و حینما جاءت فی الإمساک عن الخیر جلبت إلیهم النّدم و التّوبیخ فقط دون تلک الخصال.
و ثالثا: سیاق الآیات کلّها ذمّ و تندید مساوقا للمادّة، حتّى فیما نسب إلى اللّه من إبائه إلّا عن إتمام نوره فإنّه و إن کان مدحا له تعالى إلّا أنّه جاء رغما للکافرین ذمّا لهم.
و رابعا: و جاء التّعبیر بلفظ «إبلیس» دون «الشّیطان» فی موضع إبائه عن السّجود لآدم، و هذا ربّما یکشف عن العلاقة بین المادّتین، فلفظ «إبلیس» من اللّبس و هو یلازم الخفاء و السّرّ، و الإباء کذلک، و لهذا عقّبها فی القرآن بلفظ الکفور، و هو بمعنى إخفاء الحقّ و إنکاره، لکنّ المراد من «إبلیس» اسم علم دون اسم جنس کالشّیطان کما تقدّم فی «إبلیس»، فلیس بینهما علاقة من هذه النّاحیة خصوصا أنّ «إبلیس» أعجمیّ عند جمّ غفیر منهم، و لیس بعربیّ.
و خامسا: و قابل فی آیة التّوبة بین الرّضا بالأفواه و إباء القلوب، و هذا هو معنى النّفاق بعینه، و فیه دلالة على أنّ «الإباء» هو الحالة النّابعة من أعماق القلوب و المستولیة على کلّ الجوارح و العواطف و الأحاسیس.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست