تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المعجم في فقه لغة القرآن و سرّ بلاغته - المجلد ۱    المؤلف: قسم القرآن بمجمع البحوث الاسلامیة    الجزء: ۱    الصفحة: ٣٤۵   

و الشّدّة حرّا أو ملوحة، و تبعه بعضهم. و لو قیل بأصالة معنى الشّدة لوجودها مع جمیع العناصر لما کان بعیدا عن الصّواب، فإنّ الحفیف- و هو صوت الشّجر أو العدو أو النّار المشتعلة- من شدّة الحرکة، کما أنّ السّرعة و العدو هما شدّة الحرکة نفسها، و یولد منها الاضطراب، و فی النّار التّلهّب و الاضطرام، و فی الماء شدّة الملوحة و المرارة.
و یدعمه قول ابن درید: «أجّة کلّ شی‏ء أعظمه و أشدّه»، و قول من ذهب إلى وجود اشتقاق أکبر لفظا بین «أجّ، و عجّ، و ضجّ» لاشتراکها فی أصل المعنى و هو الشّدّة.
الاستعمال القرآنیّ‏
و فیه بحوث:
الأوّل- لم یأت منه فی القرآن سوى (أجاج) مفردا منکّرا فی ثلاث سور مکّیّة:
1: وَ هُوَ الَّذِی مَرَجَ الْبَحْرَیْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَ هذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَ جَعَلَ بَیْنَهُما بَرْزَخاً وَ حِجْراً مَحْجُوراً
الفرقان: 53
2: وَ ما یَسْتَوِی الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَ هذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَ مِنْ کُلٍّ تَأْکُلُونَ لَحْماً طَرِیًّا وَ تَسْتَخْرِجُونَ حِلْیَةً تَلْبَسُونَها فاطر: 12
3: أَ فَرَأَیْتُمُ الْماءَ الَّذِی تَشْرَبُونَ* أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ* لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْکُرُونَ الواقعة 68- 70
الثّانی- (أجاج) فی آیتی «الفرقان و فاطر» وصف للبحر، و فی «الواقعة» وصف للماء، و هو الّذی تکرّر فی النّصوص. و من طبع البحر الحرکة و الهیجان و الاضطراب ثمّ الکثافة أحیانا، و لکن وصف البحر بذلک وصف بحال المتعلّق، أی ماؤه کذا. و فیه نوع من التّأکید فی التّوصیف بالملح الأجاج، أی لشدّتهما کأنّ البحر صار کذلک.
و بذلک تفترق آیة الواقعة عنهما؛ حیث لا یفهم منها سوى عنصر شدّة الملوحة و المرارة دون غیرها، إلّا أن یستشعر ذلک من السّیاق ببیان أنّ الآیة تصف ماء المطر الّذی لا ینفکّ طبعا عن حرکة، سواء فی منشئه أی الرّیاح الّتی تثیر السّحاب، أو فی نزوله ثمّ انحداره من سفوح الجبال إلى بطون الأودیة، کما لا ینفکّ المطر عن الحفیف أیضا.
و الأجاج فی الآیة مقابل له، و بهذا الاعتبار یحمل عنصر الحرکة و غیرها، و لکن لیس بذلک الوضوح.
و لک أن تستظهر هذا الفرق الخفیّ فی (أجاج) بین السّور الثّلاث بأنّه جاء فی «الواقعة» منصوبا، و فی «الفرقان و فاطر» مضموما، إشعارا إلى اشتراکهما فی أمر، و انفراد «الواقعة» عنهما فی ذلک الأمر.
هذا، مع تفاوت بین نفس الآیتین؛ حیث عقّبت آیة «فاطر» وصفی (عَذْبٌ فُراتٌ) بوصف (سائِغٌ شَرابُهُ) تفسیرا للوصفین، دون آیة الفرقان. و یناظره قوله فی آیة «الواقعة»: الْماءَ الَّذِی تَشْرَبُونَ حیث جاء مقابلا ل «أجاجا» أی إنّه صالح للشّرب، بخلاف الأجاج.
الثّالث- و قابل القرآن فی الآیتین بین (هذا عَذْبٌ‏


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست