تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التقیة فی الاسلام    المؤلف: عبدالله نظام    الجزء: ۱    الصفحة: ٤٤۲   

ومنذ الیوم الأول لانفصال الدین عن الدولة وقیام الملک العضود, تجاوز الحکام الشروط الواجب توفرها شرعاً فی شخص الحاکم - شروط الإمامة العظمى -, لیمنح هذا المنصب لکل ذی غلبة وسلطان, مع غضّ النظر عن تلک الشروط, وقد سکت العامّة عن ذلک, وشرّعه فقهاء السلاطین, وأیّده أصحاب المصالح الخاصّة حتى صار تقلیداً یحتذى, وحتى غدا المؤرِّخون والعلماء یمجّدون القوة بدل القیم, وکأننا فی أمتنا الإسلامیة نؤرّخ لکسرى وقیصر, فکلما اتسم الحاکم بالقوة والقدرة على البطش بأعدائه, والقدرة على إخضاع الولاة لأمره وإدارة دولته, کلما کان ممجّداً وممدوحاً, مع غضّ النظر عن کل ما اقترفه بحق الذین سبقوه إلى کرسی الحکم, کیف سلب أموالهم, وقتل رجالهم, وأباد ملکهم, وعن الذین قضى علیهم وأماتهم خلال فترة حکمه, لوشایة من هنا, وتهمة من هناک, شعر منهما الخشیة على مُلکه, أو صوّرتا له منافساً دفعتاه للقضاء علیه, فتأصّلت الصراعات فی حیاة الأمة, وصارت جزءاً من تاریخها, وکساها الحکام ثوباً مذهبیاً فی معظم الأحیان:. راجع البحث التاریخی (العامل الموضوعی لنشوء التقیّة)., فلجأ الناس إلى إخفاء عقائدهم وکتمان آرائهم, والتظاهر بما یوافق أصحاب الشأن والسلطان, أو ما یکون شائعاً بین العامة.
ولابدّ بعد هذا الظلم الذی لا ینقضی, والقهر الذی لا یفرّج عن أهله من ولادة آثار سلبیّة اجتماعیة, وسیاسیّة, وعقائدیّة, فإن کل الظروف غیر الطبیعیة لابدّ وأن تفرز نتائج غیر طبیعیة أیضاً, تتجذر مع مرور الأیام, وتنتج عدة آثار:




«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست