|
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱
المؤلف: الفیض الکاشانی
الجزء: ۱
الصفحة: ۱٠۲
(بیان آفات المناظرة) (و ما یتولّد منها من مهلکات الأخلاق) اعلم أنّ المناظرة الموضوعة لقصد الغلبة و الإفحام و إظهار الفضل و الشرف عند الناس و قصد المباهاة و المماراة و استمالة وجوه الناس هی منبع جمیع الأخلاق المذمومة عند اللّه تعالى المحمودة عند عدوّ اللّه إبلیس و نسبتها إلى الفواحش الباطنة من الکبر و العجب و الریاء و الحسد و المنافسة و تزکیة النفس و حبّ الجاه و غیرها نسبة شرب الخمر إلى الفواحش الظاهرة من الزنى و القذف و القتل و السرقة، و کما أنّ الّذی خیّر بین الشرب و سائر الفواحش استصغر الشرب فأقدم علیه فدعاه ذلک إلى ارتکاب بقیّة الفواحش فی سکره فکذلک من غلب علیه حبّ الإفحام و الغلبة فی المناظرة و طلب الجاه و المباهاة دعاه ذلک إلى إضمار الخبائث کلّها فی النفس و هیّج فیه جمیع الأخلاق المذمومة و هذه الأخلاق سیأتی أدلّة مذمّتها من الأخبار و الآیات فی ربع المهلکات و لکنّا نشیر الآن إلى مجامع ما تهیّجه المناظرة. فمنها الحسد و قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «الحسد یأکل الحسنات کما تأکل النار الحطب» [1] و لا ینفکّ المناظر عن الحسد فإنّه تارة یغلب و تارة یغلب، و تارة یحمد کلامه و تارة یحمد کلام غیره، فما دام یبقى فی الدّنیا واحد یذکر بقوّة فی العلم و النظر أو یظنّ أنّه أحسن منه کلاما و أقوى نظرا فلا بدّ أن یحسده و یحبّ زوال النعمة عنه و انصراف الوجوه و القلوب عنه إلیه، و الحسد نار محرقة فمن ابتلى به فهو فی العذاب الألیم فی الدّنیا و لعذاب الآخرة أشدّ و أعظم و لذلک قال ابن عبّاس- رحمه اللّه-: خذوا العلم حیث وجدتموه و لا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم فی بعض فإنّهم یتغایرون کما تتغایر التیوس فی الزریبة» [1]. و منها التکبّر و الترفّع على النّاس و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «من تکبّر وضعه
[1] أخرجه ابن عبد البر فی العلم کما فی المختصر ص 194 و الزریبة: حضیرة المواشی. [1] أخرجه ابن ماجه تحت رقم 4210.
|
|