تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ۱۱٠   

قال النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «بنی الدّین على النظافة» [1] و هو کذلک ظاهرا و باطنا، و قال اللّه عزّ و جلّ: «إِنَّمَا الْمُشْرِکُونَ نَجَسٌ» [2] تنبیها للعقول على أنّ الطهارة و النجاسة غیر مقصورة على الظواهر المدرکة بالحسّ فالمشرک قد یکون نظیف الثوب مغسول البدن و لکنّه نجس الجوهر أی باطنه ملطّخ بالخبائث و النجاسة عبارة عمّا یجتنب و یطلب البعد منه و خبائث صفات الباطن أهمّ بالاجتناب فإنّها مع خبثها فی الحال مهلکات فی المآل و لذلک قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «لا تدخل الملائکة بیتا فیه کلب» [3] و القلب بیت هو منزل الملائکة و مهبط أثرهم و محلّ استقرارهم، و الصفات الردیّة مثل الغضب و الشهوة و الحقد و الحسد و الکبر و العجب و أخواتها کلاب نابحة فأنّى تدخله الملائکة و هو مشحون بالکلاب و نور العلم لا یقذفه اللّه عزّ و جلّ فی القلب إلّا بواسطة الملائکة، قال اللّه تعالى: «وَ ما کانَ لِبَشَرٍ أَنْ یُکَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْیاً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ یُرْسِلَ رَسُولًا» [4] و هکذا ما یرسل من رحمة العلوم إلى القلوب إنّما یتولاّها الملائکة الموکّلون بها و هم المقدّسون المطهّرون المبرّءون عن المذمومات فلا یلاحظون إلّا طیّبا و لا یعمرون بما عندهم من خزائن رحمة اللّه سبحانه إلّا طاهرا، و لست أقول: المراد بلفظ البیت هو القلب و بالکلب أنّه الغضب و الصفات المذمومة، و لکنّی أقول: هو تنبیه علیه و فرق بین التعبیر الظواهر إلى البواطن و بین التنبیه للبواطن من ذکر الظواهر مع تقریر الظواهر، ففارق الباطنیّة بهذه الدقیقة، فإن هذا طریق الاعتبار و هو مسلک العلماء و الأبرار، إذ معنى الاعتبار أن یعبر ممّا ذکر إلى غیره و لا یقتصر علیه کما یرى العاقل مصیبة بغیره فیکون له فیها عبرة بأن یعبّر منها إلى التنبّه لکونه أیضا عرضة للمصائب و کون الدّنیا بصدد الانقلاب فعبوره من غیره إلى نفسه و من نفسه إلى أصل الدّنیا عبرة محمودة فاعبر أنت أیضا من البیت الّذی هو بناء الخلق إلى القلب الّذی هو بیت من بناء اللّه سبحانه و من الکلب الّذی ذمّ لصفته لا لصورته و هو لما فیه من سبعیّة و نجاسة إلى روح الکلبیّة و هی السبعیّة


[1] ما عثرت علیه بهذا اللفظ فی اى أصل.

[2] التوبة: 28.

[3] أخرجه أحمد فی مسنده ج 4 ص 28، و رواه الصدوق فی الفقیه ج 1 ص 159 تحت رقم 744.

[4] الشورى: 51.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست