|
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱
المؤلف: الفیض الکاشانی
الجزء: ۱
الصفحة: ۱۱۲
الثانیة أن یقلّل علائقه من أشغال الدّنیا و یبعد عن الوطن و الأهل فإنّ العلائق شاغلة و صارفة و «ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَیْنِ فِی جَوْفِهِ» [1] و مهما توزّعت الفکرة قصرت عن درک الحقائق و لذلک قیل: العلم لا یعطیک بعضه حتّى تعطیه کلّک، فإذا أعطیته کلّک فأنت من إعطائه إیّاک بعضه على خطر، و الفکرة المتوزّعة على أمور متفرّقة کجدول تفرّق ماؤه فانتشفت الأرض بعضه و اختطفت الهواء بعضه فلا یبقى منه ما یجتمع و یبلغ المزرعة. الثالثة أن لا یتکبّر على العلم و لا یتأمّر على المعلّم بل یلقی إلیه زمام أمره بالکلّیّة فی کلّ تفصیل و یذعن لنصحه إذعان المریض الجاهل للطبیب المشفق الحاذق و ینبغی أن یتواضع لمعلّمه و یطلب الثواب و الشرف بخدمته. قال الشعبیّ: صلّى زید بن ثابت على جنازة فقربت له بغلة لیرکبها فجاء ابن عبّاس فأخذ برکابه فقال زید: خلّ عنه یا ابن عمّ رسول اللّه، فقال ابن عبّاس: هکذا أمرنا أن نفعل بالعلماء و الکبراء، فقبّل زید بن ثابت یده و قال: هکذا أمرنا أن نفعل بأهل بیت نبیّنا صلّى اللّه علیه و آله و سلّم [2] و قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «و لیس من أخلاق المؤمن التملّق إلّا فی طلب العلم»[1]فلا ینبغی للطالب ان یتکبّر على العلم و من تکبّره على العلم أن یستنکف من الاستفادة إلّا من المرموقین[2]المشهورین و هو عین الحماقة فإنّ العلم سبب النجاة و السعادة و من طلب
[1] فی البحار نقلا- عن کتاب عدة الداعی- باب حق العالم من المجلد الأول، و فیه «الملق» و أخرجه البیهقی فی شعب الایمان بإسناد ضعیف عن معاذ کما فی الجامع الصغیر و فیه «لیس من أخلاق المؤمن التملق و لا الحسد الا فی طلب العلم» فینبغی للمؤمن حسد الغبطة فی العلم و التملق أی کثرة التودد مع المعلم لیستخرج ما عنده من الحقائق أو لینصح المعلم فی التعلیم. [2] رمقته أرمقه رمقا: نظرت إلیه. (الصحاح). [1] الأحزاب: 4. [2] أخرجه ابن عبد البر فی العلم کما فی المختصر ص 64.
|
|