تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ٣۸   

أن یعلم وجودها صفة للعلم أو لغیره من الخصال، و لقد ضلّ عن الطریق من طمع أن یعرف أنّ زیدا حکیم أم لا، و هو بعد لم یفهم معنى الحکمة و حقیقتها، فالفضیلة مأخوذة من الفضل و هو الزیادة فإذا تشارک شیئان فی أمر و اختصّ أحدهما بمزید یقال: فضله و له الفضل علیه مهما کانت زیادته فیما هو کمال ذلک الشی‌ء کما یقال: الفرس أفضل من الحمار بمعنى أنّه یشارکه فی قوّة الحمل و یزید علیه بقوّة الکرّ و الفرّ و شدّة العدو و حسن الصورة، فلو فرض حمار اختصّ بسلعة زائدة[1]لم نقل: إنّه أفضل من الفرس لأنّ تلک زیادة فی الجسم و نقصان فی المعنى، و لیس من الکمال فی شی‌ء و الحیوان مطلوب لمعناه و صفاته لا بجسمه، و إذا فهمت هذا لم یخف علیک أنّ للعلم فضیلة فی ذاته، إن أخذته بالإضافة إلى سائر الأوصاف کما أنّ للفرس فضیلة إن أخذته بالإضافة إلى سائر الحیوانات، بل شدّة العدو فضیلة فی الفرس و لیست فضیلة على الإطلاق، و العلم فضیلة فی ذاته و على الإطلاق من غیر إضافة، فإنّه وصف کمال اللّه سبحانه و به شرّف الملائکة و الأنبیاء، بل الکیّس من الفرس خیر من البلید فهی فضیلة على الإطلاق من غیر إضافة.

و اعلم أنّ الشی‌ء النفیس المرغوب فیه ینقسم إلى ما یطلب لذاته، و إلى ما یطلب لغیره، و إلى ما یطلب لذاته و لغیره، و ما یطلب لذاته أشرف و أفضل ممّا یطلب لغیره، و ما یطلب لذاته و لغیره أشرف ممّا یطلب لذاته فحسب، و المطلوب لغیره کالدراهم و الدنانیر فإنّهما حجران لا منفعة فیهما و لو لا أنّ اللّه عزّ و جلّ یسّر قضاء الحاجات بهما لکانا و الحصى بمنزلة واحدة، و أمّا الّذی یطلب لذاته فالسعادة فی الآخرة، و الّذی یطلب لذاته و لغیره فکسلامة البدن فإنّ سلامة الرجل مثلا مطلوبة من حیث إنّه سلامة عن الألم، و مطلوبة للمشی بها، و التوصّل إلى المآرب و الحاجات، و بهذا الاعتبار إذا نظرت إلى العلم رأیته لذیذا فی نفسه فیکون مطلوبا لذاته و وجدته وسیلة إلى دار الآخرة و سعادتها، و ذریعة إلى القرب من اللّه تعالى، و لا یتوصّل إلیه إلّا به، و أعظم الأشیاء رتبة فی حقّ الآدمیّ السعادة الأبدیّة، و أفضل الأشیاء ما هو وسیلة إلیها، و لا یتوصّل إلیها إلّا بالعلم و العمل، و لا یتوصّل إلى العمل أیضا إلّا بالعلم‌


[1] السلعة- بالکسر- خراج فی البدن کالغدة أو زیادة فیه.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست