تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ٦۲   

کما یرى الکوکب الدریّ فی جوّ السماء إلى غیر ذلک ممّا یطول تفصیله، إذ للناس فی معانی هذه الأمور بعد التصدیق بأصولها مقامات:

فبعضهم یرى أنّ جمیع ذلک أمثلة و أنّ الّذی أعدّه اللّه لعباده الصالحین ما لا عین رأت، و لا إذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر، و أنّه لیس مع الخلق من الجنّة إلّا الصفات و الأسماء.

و بعضهم یرى أنّ بعضها أمثلة و بعضها یوافق حقائقها المفهومة من ألفاظها. و کذا یرى بعضهم أنّ منتهى معرفة اللّه سبحانه الاعتراف بالعجز عن معرفته. و بعضهم یدّعی أمورا عظیمة فی المعرفة باللّه عزّ و جلّ.

و بعضهم یقول: حدّ معرفة اللّه تعالى ما انتهى إلیه اعتقاد جمیع العوام، و هو أنّه سبحانه موجود عالم قادر سمیع بصیر متکلّم مرید، فنعنی بعلم المکاشفة أن یرتفع الغطاء حتّى یتّضح له جلیّة الحقّ فی هذه الأمور إیضاحا یجری مجرى العیان الّذی لا یشکّ فیه و هذا ممکن فی جوهر الإنسان إلّا أنّ مرآة القلب قد تراکم صداها و خبثها بقاذورات الدّنیا، و إنّما نعنی بعلم طریق الآخرة العلم بکیفیّة تصقیل هذه المرآة عن هذه الخبائث الّتی هی الحجاب عن اللّه سبحانه، و عن معرفة صفاته و أفعاله، و إنّما تصفیتها و تطهیرها بالکفّ عن الشهوات و الاقتداء بالأنبیاء علیهم السّلام فی جمیع أحوالهم فبقدر ما یتجلّى من القلب و یحاذی به شطر الحقّ یتلألأ فیه حقائقه، و لا سبیل إلى ذلک إلّا بالریاضة الّتی یأتی تفصیلها فی موضعه و بالعلم و التعلّم، و هذه هی العلوم الّتی لا تسطر فی الکتب و لا یتحدّث بها من أنعم اللّه سبحانه علیه منها بشی‌ء إلّا مع أهله، و هو المشارک فیه على سبیل المذاکرة، و بطریق الأسرار و هذا العلم الخفی هو الّذی أراده النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم بقوله:

«إنّ من العلم کهیئة المکنون لا یعلمه إلّا أهل المعرفة باللّه فإذا نطقوا به لم یجهله إلّا أهل الاغترار باللّه عزّ و جلّ و لم یتحمّله إلّا أهل الاعتراف باللّه، فلا تحقروا عالما آتاه اللّه علما فإنّ اللّه تعالى لم یحقره إذ آتاه إیّاه‌ [1]».

(1) أقول: و من طریق الخاصّة ما رویناه بإسنادنا عن أمیر المؤمنین علیه السّلام أنّه قال:


[1] شطره الاخر فی البحار ج 2 ص 44 من کنز الفوائد للکراجکی.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست