تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ۸٠   

له: لم تمت، فقال الطبیب: علمت ذلک فجامعها الآن فإنّها تلد، فقال: کیف ذلک؟

قال: رأیتها سمینة و قد انعقد الشحم على فم رحمها و علمت أنّها لا تهزل إلّا بخوف الموت فخوّفتها بذلک حتّى هزلت و زال المانع من الولادة فهذا ینبّهک على استشعار خطر بعض العلوم و یفهمک معنى قول النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «نعوذ باللّه من علم لا ینفع‌ [1]» فاعتبر بهذه الحکایة و لا تکن بحّاثا عن علوم ذمّها الشرع و زجر عنها و اقتصر على اتّباع السنّة فالسلامة فی الاتّباع و الخطر فی البحث و الاستقلال و لا تکثر التبجّح[1]برأیک و معقولک و دلیلک و برهانک و زعمک أنّی أبحث عن الأشیاء لأعرفها على ما هی علیه فأیّ ضرر فی التفکّر فی العلم فإنّ ما یعود علیک من ضرره أکثر و کم من شی‌ء تطّلع علیه فیضرّک اطّلاعک علیه ضررا یکاد یهلک فی الآخرة إن لم یتدارکک اللّه سبحانه برحمته، و اعلم أنّه کما یطّلع الطبیب الحاذق على أسرار فی المعالجات یستبعدها من لا یعرفها فهکذا الأنبیاء علیهم السّلام أطبّاء القلوب و العلماء بأسباب الحیاة الأخرویّة، فلا تتحکّم على سنّتهم بمعقولک فتهلک، فکم من شخص یصیبه عارض فی إصبعه فیقتضی عقله أن یطلیها حتّى ینبّهه الطبیب الحاذق أنّ علاجه أن یطلی الکتف من الجانب الآخر من البدن فیستبعد ذلک غایة الاستبعاد من حیث لا یعلم کیفیّة انشعاب الأعصاب و منابتها و وجه التفافها على البدن فهکذا الأمر فی طرق الآخرة، و فی دقائق سنن الشرع و آدابه، و فی عقائده الّتی تعبّد الناس بها أسرار و لطائف لیس فی سعة العقل و قوّته الإحاطة بها کما أنّ فی خواصّ الأحجار أمورا غاب عن أهل الصنعة علمها حتّى لم یقدر أحد على أن یعرف السبب الّذی به یجذب المغناطیس الحدید و العجائب و الغرائب فی العقائد و الأعمال و إفادتها لصفاء القلوب و نقائها و طهارتها و تزکیتها و إصلاحها للترقّی إلى جوار اللّه سبحانه و تعریضها لنفحات فضله أکثر و أعظم ممّا فی الأدویة و العقاقیر، و کما أنّ العقول تقصر عن إدراک منافع الأدویة مع أنّ للتجربة سبیلا إلیها فالعقول تقصر عن إدراک ما ینفع فی حیاة الآخرة مع أنّ التجربة غیر متطرّقة


[1] تبجح: افتخر و تعظم و باهى.


[1] مر عدة مصادر له ص 4.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست