تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ۸۲   

و حفظ المقالات المتعلّقة بها، فمن کان أشدّ تعمّقا فیها و أکثر اشتغالا بها یقال: هو الأفقه، و لقد کان اسم الفقه فی العصر الأوّل مطلقا على علم طریق الآخرة، و معرفة دقائق آفات النفوس، و مفسدات الأعمال، و قوّة الإحاطة بحقارة الدّنیا، و شدّة التطلّع إلى نعیم الآخرة، و استیلاء الخوف على القلب، و یدلّک على ذلک قول اللّه تبارک و تعالى: «لِیَتَفَقَّهُوا فِی الدِّینِ وَ لِیُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَیْهِمْ‌ [1]» و ما به الإنذار و التخویف هو هذا العلم و هذا الفقه دون تفریعات الطلاق و اللّعان و السّلم و الإجارة فذلک لا یحصل به إنذار و لا تخویف بل التجرّد له على الدوام یقسی القلب و ینزع الخشیة منه کما یشاهد من المتجرّدین له قال اللّه تعالى: «لَهُمْ قُلُوبٌ لا یَفْقَهُونَ بِها» [2] و أراد به معانی الإیمان دون الفتاوی، و لعمری الفقه و الفهم فی اللّغة اسمان لمعنى واحد و إنّما یتکلّم فی عادة الاستعمال قدیما و حدیثا، و قال تعالى: «لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِی صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذلِکَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا یَفْقَهُونَ» [3] فأحال قلّة خوفهم من اللّه عزّ و جلّ و استعظامهم سطوة الخلق على قلّة الفقه فانظر أ کان ذلک نتیجة عدم الحفظ لتفریعات الفتاوی و الأقضیة أو هو نتیجة عدم ما ذکرناه من العلوم؟.

و قد قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «علماء حکماء فقهاء» [4] للّذین وفدوا علیه و قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم:

«أ لا انبّئکم بالفقیه کلّ الفقیه؟ قالوا: بلى، قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «من لم یقنّط الناس من رحمة اللّه- سبحانه- و لم یؤمنهم من مکر اللّه عزّ و جلّ- و لم یؤیسهم من روح اللّه- عزّ و جلّ- و لم یدع القرآن رغبة عنه إلى ما سواه» [5].


[1] التوبة: 122.

[2] الأعراف: 179.

[3] الحشر: 13.

[4] الکافی ج 2 ص 48 و قال العراقی: هذا الخبر أخرجه أبو نعیم فی الحلیة و البیهقی فی الزهد و الخطیب فی التأریخ من حدیث سوید بن الحرث بإسناد ضعیف.

[5] أخرجه ابن عبد البر فی العلم کما فی المختصر ص 120 عن على بن أبی طالب عن النبی صلّى اللّه علیه و آله، و فی سنن الدارمی ج 1 ص 89 بإسناده عن یحیى بن عباد عن على علیه السّلام أیضا و فی تیسیر الوصول ج 4 ص 162 عن على علیه السّلام و قال أخرجه رزین.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست