تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ۹۱   

«إنّنی أنا اللّه لا إله إلّا أنا فاعبدنی» فإنّه ما کان ینبغی أن یفهم منه ذلک إلّا على سبیل الحکایة، و الصنف الثانی من الشطح کلمات غیر مفهومة لها ظواهر رائقة و فیها عبارات هائلة و لیس ورائها طائل، و ذلک إمّا أن تکون غیر مفهومة عند قائلها بل یصدرها عن خبط فی عقله و تشویش فی خیاله لقلّة إحاطته بمعنى کلام قرع سمعه و هذا هو الأکثر و إمّا أن تکون مفهومة له و لکنّه لا یقدر على تفهیمها و إیرادها بعبارة تدلّ على ضمیره لقلّة ممارسته للعلم و عدم تعلّمه طریق التّعبیر عن المعانی بالألفاظ الرشیقة و لا فائدة لهذا الجنس من الکلام إلّا أنّه یشوّش القلوب و یدهش العقول و یحیّر الأذهان أو یحمل على أن یفهم منها معانی غیر ما أریدت بها و یکون فهم کلّ واحد على مقتضى هواه و طبعه.

و قد قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «ما حدّث أحدکم قوما بحدیث لا یفهمونه إلّا کان فتنة علیهم» [1].

و قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «کلّموا النّاس بما یعرفون و دعوا ما ینکرون أ تریدون أن یکذّب اللّه و رسوله[2]» و هذا فیما یفهمه صاحبه و لا یبلغه عقل المستمع فکیف فیما لا یفهمه قائله فإن کان یفهمه القائل دون السامع فلا یحلّ ذکره.

و قال عیسى علیه السّلام: «لا تضعوا الحکمة عند غیر أهلها فتظلموها [1] و لا تمنعوها أهلها فتظلموهم، کونوا کالطبیب الرفیق یضع الدواء فی موضع الدّاء» [2].

- و فی لفظ آخر- «من وضع الحکمة فی غیر أهلها جهل و من منعها أهلها ظلم، إنّ للحکمة حقّا و إنّ لها أهلا، فأعط کلّ ذی حقّ حقّه».


[1] أخرجه مسلم فی مقدمة صحیحه ج 1 ص 9 بلفظ آخر و فی الاحیاء «لا یفقهونه».

[2] صحیح البخاری ج 1 ص 43 و فی کنوز الحقائق باب الکاف منه بلفظ «حدثوا الناس» و رواه النعمانی فی الغیبة کما فی البحار ج 2 ص 77.


[1] رواه الصدوق فی المعانی و العلل کما فی البحار ج 2 ص 66.

[2] أخرجه ابن عبد البر فی العلم کما فی المختصر ص 55، و الدارمی ج 1 ص 106 باختلاف یسیر فی اللفظ.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست