تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ۹٦   

هو العلم المکنون الّذی لا یسطر فی الکتب و یعین على التنبیه له التعلّم و مشاهدة أحوال علماء الآخرة کما سیأتی علامتهم هذا فی أوّل الأمر و یعین علیه فی الآخرة المجاهدة و الریاضة و تصفیة القلب و تفریغه عن علائق الدنیا و التشبّه فیه بأنبیاء اللّه و أولیائه علیهم السّلام لیتّضح منه لکلّ ساع إلى طلبه بقدر الرزق لا بقدر الجهد و لکن لا غنى فیه عن الاجتهاد فالمجاهدة مفتاح الهدایة لا محالة لا مفتاح لها سواها.

و أما العلوم الّتی لا یحمد منها إلّا مقدار مخصوص فهی العلوم الّتی أوردناها فی فروض الکفایات فإنّ فی کلّ علم منها اقتصادا هو الأقلّ، و اقتصادا و هو الوسط، و استقصاء هو وراء الاقتصاد لا مردّ له إلى آخر العمر، فکن أحد رجلین إمّا مشغولا بنفسک و إمّا متفرّغا إلى غیرک بعد الفراغ من نفسک و إیّاک أن تشتغل بما یصلح غیرک قبل إصلاح نفسک فإن کنت المشغول بنفسک فلا تشتغل إلّا بالعلم الّذی هو فرض عینک بحسب ما یقتضیه حالک و هو ما یتعلّق منه بالأعمال الظاهرة من تعلّم الطهارة و الصوم و الصلاة، و إنّما الأهمّ الّذی أهمله الکلّ علم صفات القلب و ما یحمد منها و ما یذم إذ لا ینفکّ بشر عن الصفات المذمومة من الحرص و الحسد و الریاء و الکبر و العجب و أخواتها و جمیع ذلک مهلکات و إهمالها مع الاشتغال[1]بالأعمال الظاهرة یضاهی الاشتغال بطلاء ظاهر البدن عند التأذّی بالجرب و الدمامیل و التهاون بإخراج المادّة بالقصد و الحجامة و الإسهال و حشویة العلماء یشیرون بالأعمال الظاهرة کما تشیر الطرقیّة من الأطباء بطلاء ظاهر البدن و علماء الآخرة لا یشیرون إلّا بتطهیر الباطن و قطع مواد الشرّ بإفساد منابتها و قلع مغارسها و هی فی القلب و إنّما فزع الأکثرون إلى الأعمال الظاهرة عن تطهیر القلوب لسهولة أعمال الجوارح و استصعاب أعمال القلوب کما یفزع إلى طلاء الظاهر من یستصعب شرب الأدویة المرّة المقرّة البشعة فلا یزال یتعب فی الطّلاء و یزید فی الموادّ و یتضاعف به الأمراض فإن کنت مرید الآخرة و طالبا للنجاة و هاربا من هلاک الأبد فاشتغل بعلم العلل الباطنة و علاجها على ما فصّلناه فی ربع المهلکات، ثمّ ینجرّ ذلک بک إلى المقامات المحمودة المذکورة فی ربع المنجیات لا محالة


[1] فی الاحیاء «و إهمالها من الواجبات مع أن الاشتغال».


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست