تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: الأمثل في تفسیر کتاب الله المنزل (طبعة جدیدة) - المجلد ۱    المؤلف: العلامة الفقیه الشیخ ناصر مکارم الشیرازي    الجزء: ۱    الصفحة: ۱٣۵   



التّفسیر

اشاره

هل اللّه یضرب المثل؟!
الفقره الاولی من الآیه تقول: إِنَّ اللّٰهَ لاٰ یَسْتَحْیِی أَنْ یَضْرِبَ مَثَلاً مٰا بَعُوضَهً فَمٰا فَوْقَهٰا .
ذلک لأن المثال یجب أن ینسجم مع المقصود،بعباره اخری،المثال وسیله لتجسید الحقیقه حین یقصد المتحدث بیان ضعف المدّعی و تحقیره فإنّ بلاغه الحدیث تستوجب انتخاب موجود ضعیف للتمثیل به،کیما یتضح ضعف أولئک.
فی الآیه(73)من سوره الحج مثلا یقول سبحانه: إِنَّ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ لَنْ یَخْلُقُوا ذُبٰاباً وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ،وَ إِنْ یَسْلُبْهُمُ الذُّبٰابُ شَیْئاً لاٰ یَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطّٰالِبُ وَ الْمَطْلُوبُ .
یلاحظ فی هذا المثال أن الذباب و أمثاله أحسن وسیله لتجسید ضعف هؤلاء.
و هکذا فی الآیه(41)من سوره العنکبوت،حین یرید القرآن أن یجسد ضعف المشرکین فی انتخابهم أولیاء من دون اللّه،یشبههم بالعنکبوت التی تتخذ لنفسها بیتا،و هو أضعف البیوت و أوهنها: مَثَلُ الَّذِینَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللّٰهِ أَوْلِیٰاءَ کَمَثَلِ الْعَنْکَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَیْتاً،وَ إِنَّ أَوْهَنَ الْبُیُوتِ لَبَیْتُ الْعَنْکَبُوتِ لَوْ کٰانُوا یَعْلَمُونَ .
من المؤکد أن القرآن لو ساق الأمثله فی هذه المجالات علی الکواکب و السماوات لما أدّی الغرض فی التصغیر و التحقیر،و لما کانت أمثلته متناسبه مع أصول الفصاحه و البلاغه،فکأن اللّه تعالی یرید بهذه الامثله القول:بأنه لا مانع من التمثیل بالبعوضه أو غیرها لتجسید الحقائق العقلیه فی ثیاب حسّیّه و تقدیمها للناس.
الهدف هو إیصال الفکره،و الأمثله یجب أن تتناسب مع موضوع الفکره، و لذلک فهو سبحانه یضرب الأمثله بالبعوضه فما فوقها.



«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست